مقالات متنوعة

“ليس لدينا كوكب آخر”

“ليس لدينا كوكب آخر”
في بداية الألفية الثانية اجتمع خبراء حكوميون، ومختصون في التنمية في مبنى الأمم المتحدة لمناقشة معضلة زيادة السكان المطردة. توقع مسؤولو صندوق الأمم المتحدة للسكان وقتها، أنّه إذا تم اتباع السياسات السليمة فإنّ عدد السكان سيستقر عند الرقم 9و7 بليون عام 2050م. ولكن يبدو أنّ سكان الأرض لم يخضعوا لأي توقعات وبالتالي لم ينتظروا العام 2050م، فحسب آخر إحصائية لهذا العام 2014م وصل عدد سكان الأرض إلى 7,204,900,000 مليار نسمة، مع توقعات بأن يتضاعف العدد ويفوق هذه المليارات قبل وصول العام المحدّد. وتعكس الأزمة مدى الإهمال الواضح لجانب النمو والاستهلاك مع أزمات أخرى في الوقود والصراعات الأهلية من أجل الحصول على الموارد التي أضحت على درجة مخيفة من الندرة.

“الكوكب يشعر بالتعب من ضغط السكان عليه ، والأرض هي مقامنا الذي لا يمكن أن يتمدد أكثر” جاء هذا في قول أليكس كيري الذي أضاف أيضاً: “إذا كنت تحسب أنّ الأرض هي سفينة نوح، مركب مأمون، مليئة بالحياة وتسبح في أجواء صحية واسعة فيجب أن تعلم أنّ عدد المسافرين فيها محدود”.

وحسب كلمة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في ختام قمة المناخ التي انعقدت في المقر الدائم للأمم المتحدة بنيويورك الأسبوع الماضي، إذا لم يتخذ المجتمع الدولي إجراءً الآن فسيضطر إلى دفع الكثير لاحقاً.

أما الموقف العربي الموحد من قضايا التغير المناخي والاحتباس الحراري، فقد ساهمت في بلورته دولة قطر برئاسة مؤتمر التغير المناخي الثامن عشر المنعقد في الدوحة في نوفمبر 2012م وذلك للمرة الأولى بمنطقة الخليج عربياً والثانية شرق أوسطياً. وبتشكيل رؤية عربية وشرق أوسطية بما يتعلق بتعزيز الأبنية الخضراء، أصبحت الدوحة من أولى العواصم الداعمة للاستثمار في مجالات التنمية المستدامة.

وجاءت مشاركة قطر في مؤتمر القمة الأخير المعني بالمناخ والذي جمع عدداً غير مسبوق من رؤساء الدول والحكومات وممثلي المنظمات والمجتمع المدني تحت شعار”تحفيز العمل”، لتعزيز ريادتها ودورها العربي والإقليمي والدولي في مجال قضايا التغير المناخي وحماية كوكب الأرض من الممارسات البشرية السيئة.

وما زلنا في بقية الوطن العربي بحاجة إلى استشعار الخطر تجاه الظواهر المتعلقة بالتغيرات المناخية كظاهرة الاحتباس الحراري وغيرها. وقد نبهت إلى ذلك اتفاقية كيوتو التي بدأ تنفيذها منذ العام 2005م، كأول اتفاقية جماعية للحدّ من تلوث البيئة والحفاظ على درجة حرارة الأرض بتقليل انبعاث الغازات الناتجة عن عملية التصنيع. وخطر التغيرات المناخية الذي سيؤدي إلى انقراض ملايين من الكائنات الحية بحلول عام 2050م، لأنّه حسب تأكيد تقارير الأمم المتحدة أنّ هذه الظاهرة الخطيرة تهدد ملايين البشر الذين يعتمدون على الطبيعة للبقاء على قيد الحياة.

وإزاء هذا الضغط فيجب أن يبدأ الفرد من نفسه بوصفه عضواً مهماً في المجتمع، ثم أسرته ومجتمعه الصغير والكبير. إلى أن يصل الأمر إلى تفعيل النشاط في الأسرة الدولية بالالتزام بالمبادئ التي خرج بها مؤتمر قمة المناخ الأخير والتي تنص على: دعم قوي لتمويل الاقتصاد الأخضر، وتسعير الكربون، وتعزيز التكيف، وحشد تحالفات جديدة لمواجهة النطاق الكامل لتحدي المناخ، بما في ذلك تحالفات في مجال الزراعة والنفط والغاز وتحويل المدن إلى أماكن صديقة للبيئة. لأنّه وكما قال الأمين العام للأمم المتحدة: “ليس هناك خطة بديلة، لأنّه ليس لدينا كوكب آخر”، هذا بالضبط ما يجب أن يعيه الإنسان العادي والمسؤول على حدّ سواء على ظهر هذه الأرض.

ما زالت هناك نافذة للتفاؤل تنتظر أن يقوم كل مواطن بزراعة شجرة أمام بيته أو تقوم المحافظات في الدول المختلفة بتشجير الشوارع والحدائق وتحويل الميادين إلى مساحات خضراء تحافظ على المناخ وتساعد على امتصاص ثاني أكسيد الكربون من الجو. في هذه الأرض المعطاءة يمكن أن تنمو فوق صحرائها مروجاً خضراء، ويمكن ان يتغيّر طقسها للأفضل، ويمكن رغم الجدب أن تتحول إلى أنضر، فقط بالالتزام بشروط تحسين معاملتنا إياها.

الكاتبة : منى عبد الفتاح