السودان والمقاطعة الدولية
> شيء غريب يحدث في عالم اليوم بالنسبة للسودان!! كبار المسؤولين في صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.. ووزراء مالية في دول غربية يشاركون في الاجتماعات السنوية للمؤسستين الماليتين العالميتين بالعاصمة الأمريكية واشنطون، في لقاءاتهم مع وزير المالية بدر الدين محمود ومحافظ البنك المركزي ووفديهما، وبعد الاستماع لوجهة نظر الحكومة السودانية ومواقفها في مسائل الديون والعلاقة مع مؤسسات التمويل الدولية والجهات التي تمنح القروض والمنح، خاصة أن السودان قد استوفي كل الشروط اللازمة لإعفائه من الدين الخارجي.. يتلمظ المسؤولون الغربيون خاصة الأوروبيين ومسؤولي الصندوق ويتحدثون بلسان واحد: «نحن في كامل القناعة بأن الوضع في السودان جيد ويحقق نمواً جيداً، واتخذ سياسات اقتصادية تقود للإصلاح.. ونحن ليست لدينا مشكلة معكم.. لكن حسنوا علاقاتكم مع الولايات المتحدة ..»!!
> الاعتبارات السياسية حاضرة في علاقة السودان مع المؤسسات المالية الدولية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وفي صلاته مع الدول الغربية، ولم يستفد السودان منذ سنوات طويلة من وضعه في هذه المؤسسات، وظل الحصار السياسي والاقتصادي ضده عائقاً للانطلاق في تحسين ظروفه ووضعه الاقتصادي، بسبب الدعاية السياسية وحالة العداء المستحكمة من قبل بعض الحكومات الغربية والإدارات العامة المسيطرة على الصندوق والبنك الدوليين.
> خلال الاجتماعات التي عقدها وزير المالية ومحافظ البنك المركزي هنا في العاصمة واشنطون مع مسؤولي وزارة الخزانة الأمريكية حول التعاملات المالية مع السودان والديون، ومع عدد من وزراء مالية ومسؤولي دول أوروبية حول قضايا الديون والتعاطي مع الوضع في السودان، يتضح بما لا يدع مجالاً للشك أن تقييماً غير موضوعي لا علاقة له بالاقتصاد تتخذه الدول الغربية والإدارات التنفيذية، ذريعة للتضيق على البلاد واتخاذ إجراءات قاسية ضدها، تعيق التنمية وتقديم الخدمات والنهضة الاجتماعية والاقتصادية الشاملة وتضع السودان في مصاف رصفائه من دول العالم النامي المتطلعة للتقدم والاستقرار.
> وحسب النظم المتبعة في هذه المؤسسات المالية التي تحاول تعزيز مصداقيتها رغم الحقائق الواضحة وضوح الشمس حول وقوعها في قبضة الدول الكبرى المتحكمة في قرارها، فإن صحيفة السودان بيضاء تستحق أن تقدم له الحوافز والتشجيعات في مجال الإصلاح الاقتصادي وتحقيق النمو المطلوب، وتحتاج الحكومة في الخرطوم إلى العمل المكثف والحوار وسد الذرائع وتوضيح مواقفها وانتزاع حقوق البلاد في مؤسسات التمويل الدولية التي تقدم تمويلاً لمشروعات تساعد على النهضة وتحارب الفقر.
> فحضور السياسة منعت السودان من أن يتوفر على دعومات وتمويلات كانت كفيلة بخروجه من دائرة التخلف التنموي والخدمي ونقص الإنتاج، وكان يمكنه الاستفادة من موارده الذاتية وثرواته، وعند البحث عن الأسباب الحقيقية وراء ذلك، يكتشف المرء أن الاشتراطات الغربية، لا علاقة لها بالأداء الاقتصادي، فمثلاً تشترط وزارة الخزانة الأمريكية في مسألة حل الديون وتذليل التعاملات البنكية والتحويلات المالية، معالجة وضع المنطقتين «جنوب كردفان والنيل الأزرق» ودارفور، واستقبال المبعوث الأمريكي دونالد بوث المحروم من زيارة الخرطوم والممنوع من منح التأشيرة للالتقاء بالمسؤولين في الحكومة السودانية، وإطلاق سراح ما يسمى المعتقلين السياسيين، فهذه الشروط لا علاقة لها بجوهر النقاط التي ينبغي مناقشتها في الإطار المحدد لها، وهذا يعني أن الحكومات والإدارات الغربية لا تفرق بين المصالح والمنافع المتبادلة والاشتراطات السياسية.
> والذي ينبغي أن تتفهمه الحكومات الغربية خاصة الإدارة الأمريكية، أن عقوباتها الاقتصادية وحصارها للسودان وحرمانه من التمتع بحقوقه المشروعة كعضو في المجتمع الدولي، لم تتأثر بها الحكومة والسلطة، إنما أثرت بشكل مزرٍ وقاس في الشعب السوداني، فالمواطنون السودانيون هم من حصد الثمرة المُرَّة للمواقف الغربية من الحكومة السودانية وليس سواهم.
[/JUSTIFY]
أما قبل – الصادق الرزيقي
صحيفة الإنتباهة