الإيبولا أم داعش؟
> أحسنت الحكومة بالفعل في رفضها الصارم والسريع وقطعها قول كل خطيب بشأن مقترح استضافة السودان البطولة الإفريقية لكرة القدم التي اعتذرت عنها المملكة المغربية بسبب انتشار مرض الإيبولا، وما من عاقل في هذه الظروف يقبل أو حتى تحدثه نفسه باستقبال مئات اللاعبين والإداريين والفنيين والمعلقين الرياضيين وربما آلاف المشجعين من كل دول إفريقيا خاضة بلدان غربها وهي الأكثر مشاركةً في البطولات الرياضية الإفريقية، وسبق للمملكة العربية السعودية أن اتخذت قراراً بعدم استقبال ضيوف الرحمن لأداء فريضة الحج هذا العام، وهي ركن من أركان الإسلام، بسبب المرض عقب فتوى شرعية استندت إلى فتاوى شرعية سابقة في الفقه الإسلامي عندما انتشر مرض الطاعون قبل قرون طويلة.
> احتواء ومحاصرة مرض الإيبولا صار هماً عالمياً ملحاً وخطراً لا يُستهان به، وضعه الرئيس الأمريكي باراك أوباما نهاية سبتمبر الماضي في صدر خطابه أمام الأمم المتحدة، ودعا لحملة عالمية لمواجهته، وتتخذ الولايات المتحدة الأمريكية أعلى درجات الحيطة والحذر هذه الأيام في حربها مع الإيبولا أكثر من حربها على الإرهاب، وتراجعت وسائل الإعلام ومحطات التلفزة الأمريكية عن تغطية الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» في العراق وسوريا، وتفرغت تماماً لنشر الأخبار عن هذا العدو الفتاك الذي تسلل إلى أمريكا بعد وفاة مواطن أمريكي «توماس دنكان» وهو قادم من سيراليون بغرب إفريقيا وإصابة ممرضة كانت ترعاه في مستشفى بمدينة دلاس.
> ووقع «23» نائباً في الكونغرس على مذكرة تدعو الرئيس الأمريكي إلى توجيه وزارة الخارجية بمنع منح تأشيرات دخول للقادمين من دول غرب إفريقيا، وشددت الإجراءات على المناطق الحدودية البرية والبحرية، وتجرى عمليات فحص دقيقة للمسافرين الواصلين إلى أكبر المطارات الأمريكية تستمر لساعات طويلة، بينما تقود نقابات العمال وخاصة عمال النظافة في المطارات حملة للتوقف عن العمل أو تحصينهم وتطعيمهم ووقايتهم من خطر المرض، بدعوى أنهم معرضون للخطر جراء تنظيفهم الحمامات وحملهم القمامة والأوساخ داخل المطارات.. وأضرب عن العمل مئتا من عمال النظافة في مطار جون كيندي في نيويورك.
> وأكثر من ذلك، فقد ذهبت الولايات المتحدة إلى المرض في مستوطناته الأصلية، فوزارة الدفاع أرسلت ثلاثة آلاف جندي أمريكي إلى ليبريا وسيراليون وغينيا، وأقامت معسكرات ومراكز قيادة متقدمة في إطار جهود لمحاصرة واحتواء المرض وإنشاء مستشفيات خاصة ومنع المرضى من الخروج منها، وتبدو الحملة العسكرية الأمريكية على المرض تشابه تلك التي يمكن إعدادها لحرب عسكرية مثلما حدث في أفغانستان والعراق والصومال.
> وقالت سيلفيا بارويل وزير الصحة الاتحادية الأمريكية في مؤتمر صحفي بعد وفاة الضحية الأمريكية الأولى، وتم تكرار بثه على مدى يومين في المحطات الفضائية: «الأمة في حالة رعب حقيقي، والناس خائفون جداً من هذا المرض»، وعُقد قبيل عيد الأضحى المبارك أكبر مؤتمر صحفي من حيث مشاركة جهات أمريكية استضافه البيت الأبيض بعد اجتماع مهم للإدارة الأمريكية، تحدث فيه عدد من قيادات أركان الجيش الذي تتبع له الجهة المسؤولة عن مكافحة الأمراض في الولايات المتحدة، ووزارة الصحة والمعونة الأمريكية ومراكز متخصصة ووزارة الخارجية، وبلغ عدد المتحدثين من المسؤولين أحد عشر متحدثاً تناولوا كلهم كيفية مواجهة خطر الإيبولا.
> وتقود منظمة الصحة العالمية مع حكومات دول غرب إفريقيا، جهوداً مضنية لاحتواء «إيبولا» الذي يفتك بالمصابين أكثر من أي شيء آخر على وجه البسيطة، ولا تعطي نوبات الإسهال الشديد وأعراض الحمى المريض أكثر من أسبوعين أو ثلاثة أو أقل من هذا حتى تفتك به، وتعد ملامسة أي مريض أو سوائل تخرج منه، خطراً شديداً لانتقال العدوى عن طريق هذه الملامسة.
> إذا كانت المخاوف قد وصلت إلى هذا الحد في دولة عظمى كالولايات المتحدة وتعد الأولى في مجال الرعاية الطبية وتوفر الخدمات الصحية والقدرة على إنتاج أمصال الوقاية، وقد خصصت لعملياتها التي يضطلع بها الجيش في غرب إفريقيا «750» مليون دولار لوقف زحف الإيبولا.. فما بالك بنا ونحن بلد مفتوح يعاني من نقص في كل شيء، وتتوفر بيئة لانتشار المرض الذي يحتاج فقط للمسة وزحام وتلامس سوائل المرضى حتى لو كانت كفاً ينضح منها العرق؟!
[/JUSTIFY]
أما قبل – الصادق الرزيقي
صحيفة الإنتباهة