اعتذار لـ أعز الناس
ضجت مواقع التواصل الاجتماعي في الإنترنت ومجالس الناس في ربوع السودان الكبير، قبل يومين، بحديث عنصري بغيض نسب للشاعر الجميل، إسحق الحلنقي، ادعى من أذاعه أن الحلنقي ذكره في لقاء تلفزيوني في فضائية النيل الأزرق؛ أنزل فيه (الجنوبي) إلى مستوى دون في مقابل (الشمالي)، ورغم أن الواقعة تبدو غريبة وغير (مسؤولة) إن أتاح الناس لأنفسهم القليل من التأمل إلا أن أنها انتشرت بكثافة مريبة، ووجد (الناشطون) أنفسهم منساقين بلا هاد للتعليق عليها، وبالتالي إدانة الشاعر الحلنقي وتوجيه اللوم له مصحوبا بأقسى العبارات من البعض مبدين أسفهم ومعبرين عن صدمتهم من أن يصدر مثل هذا الكلام المسف من “شاعر” ومثقف بقامته تغنى كبار الفنانين وأعظمهم بكلماته الشعرية الرقيقة.
الواقعة، لو أخضعت منذ البداية للفحص والتمعن، لوجد متلقفوها بأنها ضعيفة الحيثيات؛ فلو افترضنا أن الحلنقي، قال ما قاله وسط ذلك العدد من المبدعين والشعراء الذين كانوا ضيوفا معه دون أن يعترضوا عليه أو حتى يبدوا امتعاضهم؛ يصعب علينا أن نصدق أن فضائية مثل قناة النيل الأزرق يمكن أن (تعبر) من خلالها الكلمات هكذا (اعتباطا) دون أن تستوقف أحد من المسؤولين (المخرج، معد البرنامج، مقدمه.. ومدير القناة الكبيرة).. إذن هنالك حلقة غائبة تجعل الرواية المنقولة ضعيفة وغير قابلة للتصديق بهذه السهولة، مضافا إلى هذا التاريخ الطويل للحلنقي مع مثل هذه البرامج واللقاءات الإعلامية ومعرفته يقينا بـ (حساسية) جهاز مثل التلفزيون ومدى تأثيره وقوته.. هذا كله في حال أنه يستبطن داخله حقيقة ذلك الكائن الشائه العنصري البغيض، وهذا ما نفاه جملة وتفصيلا في الحوار الذكي الذي أجراه معه الصحافي الصديق موسى حامد في جريدة (حكايات) يوم أمس.
التداول الكثيف لـ (الشائعة) وكثرة التعليقات حولها، والاتفاق الكبير بين المعلقين على رفض أي شكل من أي أشكال العنصرية، أيا كان مصدره، والجرح والأذى الذي سببه مطلق الشائعة (وليس الحلنقي) للسودانيين (جنوبيين وشماليين) بصورة عامة، وللشاعر الشفيف بشكل خاص؛ كل هذا يؤكد أن المجتمع السوداني يسير في الطريق الصحيح، فلا أحد يستطيع نكران تفشي العنصرية والتمييز داخل هذا المجتمع، لكن مثل هذه الحملة المستنيرة التي ووجه بها الكلام المنسوب للحلنقي – زورا وبهتانا – تشير إلى أن هذه (الثقافة السلبية) في طريقها إلى الانقراض، وأن هذا المجتمع بدأ يعي تماما ضرورة تماسكه وتبادل الاعتراف بين كافة مكوناته ضمانا لسلامته واستمرارية وجوده.
ختاما: الالتزام بالأخذ من المصادر الموثوقة قبل نشر معلومة قد تكون خاطئة وخطيرة هو الدرس المستفاد من هذه القصة.
استدراك: موجة الاعتذارات التي أعقبت الهجوم الشرس على الحلنقي هي أكبر دليل على محبة الناس لهذا الشاعر الجميل.
أساطير صغيرة – صحيفة اليوم التالي
[SIZE=3][B]خلينا من التنظير .. هسا انت بتستنكر الموضوع دا قول وفعل ! يعنى ماعندك مانع !!! و لاّ البت دايرة تتم قرايتها ! قال الظاهرة دي في طريقها للانقراض … قال .[/B][/SIZE]