حكم بالإعدام..!!
لا أراكم الله مكروهاً في عزيز لديكم.. لكن تصور حال أسرة يصيب ابنها مرض عضال فتنفق كل ما لديها في علاجه في الأردن ولا يجدي شيئاً.. وكل تلك التراجيديا سببها علبة طعام فاسد اشتراها من البقالة أو سيوبرماركت ثمنها ربما لا يعدو جنيهات قلائل.
الغش التجاري تفشى في السودان بصورة ما عادت تحتمل الانتظار.. ليس في الطعام بل في كل ماهو متاح للبيع.. تصوروا حتى في الدواء والأمصال بل وفي المعدات الطبية التي تستخدم للعلاج مثل (المسطرة) التي تستخدم في جراحات العظام وتزرع داخل جسم المريض.
في كل مجال الغش هو أكثر السلع رواجاً.. والسبب سباق الماراثون نحو الربح مهما قل.. لا أحد ينظر إلى النتائج المرعبة التي تصيب البلاد حينما تنفق مئات أضعاف الطعام الفاسد لعلاج الناس من نتائجه المفجعة.
الطوفان سببه الرئيسي غياب المحاسبة والعقاب.. الكل آمن.. مهما فعل في الناس وأجرم.. هل سمعتم بتاجر دخل السجن أو ندم لتلاعبه وغشه في السلع التي تدخل في بطون الناس.
من هذا المنطلق وجهت (التيار) سؤالاً لمن يهمه الأمر.. هل حان الوقت لتوقيع عقوبة الإشهار والتشهير بمن يكسب ماله من دم الناس.. يستورد أو يبيع في متجره مواداً غذائية بكامل علمه أنها مغشوشة.. ويتلاعب في مواصفاتها أو ديباجتها ليشتريها الغافلون عن ضررها الكارثي..
في بعض البلاد العربية تنشر وزارة التجارة إعلانات على نفقة المخالفين- في الصحف تضع فيها أسماء وعناوين بل وصور الذين يبيعون المواد التالفة.. حكم بالإعدام التجاري على من يقترف جريمة قتل الناس بالسموم الهالكة المهلكة.
صحيح مثل هذه العقوبة الصارمة تتطلب قدراً كبيراً من الحذر حتى لا تصيب أبرياء لم تثبت في حقهم الاتهامات.. لكن ذلك يسري على جميع العقوبات بما فيها الإعدام الجسدي.. وهي عقوبة لا رجعة فيها.. فالأجدر أن تصدر من القضاء.. بنص قرار الإدانة في المحكمة بنشر اسم وصورة التاجر الذي يضبط ويثبت بيعه أو استيراده للأطعمة التالفة مع علمه بها وسبق الإصرار والترصد.
لم يعد مجدياً انتظار بيانات جمعية حماية المستهلك وحدها.. مع تقديرنا جداً لدورها الكبير والذي يجب أن يتعاظم ويتكامل مع جهود الأجهزة الأخرى.. لكن الخطر صار لا يحتمل.. طوابير المرضى أمام المستشفيات باتت تتطاول وتستعصي على الأطباء. والمسافرون على الطائرات إلى الخارج خاصة الأردن باتوا لا يستوفون أموال أسرهم فحسب بل موارد الدولة السودانية كلها في رحلة العذاب التي قد تنتهي إلى ما لا تشتهي السفن.
يجب دق ناقوس الخطر.. الله سبحانه وتعالى أرسل رسلاً وأنبياء إلى القوم الذين أسرفوا في الغش التجاري.. وفي آخر المطاف حاق بهم العذاب الأليم .. وأنزل سورة كاملة باسم المتلاعبين في الميزان (ويل للمطففين).. وحذر من أن زوال الأمم في زوال قيمها الأخلاقية التي تشكل حائط الصد الأضمن لشرور الدنيا.
مطلوب حملة إعلامية وشعبية كاسحة ضد الغش.. وبالتحديد في الطعام.
عثمان ميرغني
حديث المدينة – صحيفة التيار
[Email]hadeeth.almadina@gmail.com[/Email]