مقالات متنوعة

غندور .. الضرورات تبيح المحظورات

غندور .. الضرورات تبيح المحظورات
جيد أن تفهم حكومتنا وحزبها الحاكم أن ضرورات تحسين العلاقة مع مصر تبيح محظورات كثيرة لعل في مقدمتها اظهار قدرتها على الابتعاد عن جماعة الأخوان المسلمين ( التحرير و العدالة ) بعد تصنيفها ( حركة إرهابية ) من الحكومة المصرية و حكومات عربية أخرى، بغض النظر عن الاتفاق أو عدمه مع هذا التصنيف ، و لا يضير هذا أن سبب السيد مساعد رئيس الجمهورية و نائب رئيس الحزب بروفيسور غندور بتعذر الدعوة نتيجة لظروف الجماعة ( التحرير و العدالة ) ، و بالطبع لن ينتظر أحد من البروف غندور أن يصرِّح بأن الدعوة لم توجه للأخوان بغرض انجاح زيارة السيد رئيس الجمهورية لمصر ، و لتأكيد مصداقية الحكومة وحزبها بخصوص العلاقات السودانية الخليجية و تصريحات البشير إبان زيارته للسعودية و ربما بداية جديدة لمسيرة هذه العلاقات و ارتباط و تطابق الموقف المصري مع السعودية و دول الخليج باستثناء قطر من القضايا المصيرية و المشكلات التي تواجه هذه الدول مجتمعة أو كل على حده ، هذا الأمر لا يمكن أن يكتمل في ذهن المراقب إلا بدعوة أحزاب مصرية سوى كانت مشاركة في حكومة السيسي أو قريبة منها أو معارضة ، فلا يمكن أن تتم دعوة لأحزاب و حكومات (48) دولة و لا توجه الدعوة للأحزاب المصرية ، فهناك أحزاب ( إسلامية ) معروفة مثل حزب النور يساند حكومة السيسي ، و أحزاب وسطية مثل حزب الوفد و أحزاب أخرى ، المهم أن تحسين العلاقة مع مصر يجب ألا يقتصر على الجانب الرسمي، ولعله من نافلة القول إنه يتطلب انفتاحاً على المكونات المصرية على اختلافها ، علينا أن لا ننسى أن حكومة مرسي ( الأخوانية) لم تقدم شيئاً للسودان ، و كان السودان يأتي في ذيل اهتماماتها ، فلم يبادر الرئيس مرسي بزيارة السودان، فجاء السودان سابع دولة يزورها الرئيس مرسي بعد أن طاف من إيران إلى باكستان و الهند و تركيا و روسيا .. الخ ، بينما كان السودان ثاني محطة للرئيس السيسي بعد الجزائر ، وذلك يعود لاستراتيجية ( الأخوان ) الخاطئة تجاه السودان بالرغم من وجود الإسلاميين ( المؤتمر الوطني) في السلطة ، وهذا ليس وقفاً على أخوان مصر، فقد تبع ذلك نفر من رموز الجماعة ( التنظيم الدولي ) من بينهم الشيخ القرضاوي ، تأكد ذلك إبان زيارة مرسي للخرطوم فبينما لم تنل المشكلات بين البلدين حظاً وافراً من النقاش انخرط وفد الجماعة المرافق للرئيس بقيادة المرشد محمد بديع و رئيس التحرير و العدالة سعد الكتاتني في حوارات حول ضرورة عودة التنظيم في السودان للجماعة، بدأ واضحاً أن الدكتور الترابي وجد ضالته في تبرير العودة للحديث عن وحدة الصف الإسلامي بعد الحاح ومطالبات الأخوان المصريين و الأشقاء القطريين، إلا أن أحداث مصر و اقصاء الرئيس مرسي قطع الطريق على هذه التطلعات فاستبدلها الترابي بهندسة و فتح مسار الحوار الذي يجري الآن باهتمام يتجاوز فهم المتحاورين في الشأن الوطني إلى استصحاب مهددات و مخاطر انهيار التنظيمات الإسلامية ( المعتدلة) و في مقدمتها حركة الأخوان المسلمين في الدول العربية و الإسلامية بلا استثناء ، خاصة وأنها لم تعد تشكِّل بيئة جهادية و شرعية جاذبة للشباب بعد ظهور القاعدة و النصرة و داعش ، و بروز تحالف عربي و دولي في مواجهتها بما في ذلك دول عربية مهمة مثل السعودية و مصر، يزعم هذا التحليل بتفسير الموقف التركي من داعش و تردده في محاربتها استناداً على هذه الافتراضات، وإذا صح هذا التحليل فإن العلاقات بين المؤتمر الوطني و المؤتمر الشعبي مرشحة لفتور ثم عداء، ليس بسبب بطء الحوار أو عدم جدية الحكومة كما سيصوِّر البعض، و إنما بسبب تغيير موقف الحكومة و نبذها لاستراتيجية المؤتمر الشعبي في تبني خيارات دولية لا علاقة لها بالشأن الوطني و لا مصالح البلاد العليا، يتوقع تعنتات من الشعبي و عرقلات لمسيرة الحوار بعد أن كان أكثر المتحاورين لهفة و رغبة في الحوار ، دون تبخيس لقدر المؤتمر الشعبي و قدراته، ربما هذا السيناريو كفيل بترجيح الكفة لصالح حوار وطني مسؤول بعيداً عن الأجندات الدولية.

الكاتب : ساخن بارد
هذا قولي – صحيفة التيار