المعارضة ولطم الخدود
> ارتكبت الأحزاب السياسية المعارضة خطأً فادحاً وكررت هفواتها برفض المشاركة في الانتخابات القادمة وتوقيعها إعلان «طيبة» المتزامن مع عقد المؤتمر العام للحزب الحاكم، فبدلاً من أن تستفيد من الدرس المجاني الذي قدمه المؤتمر في بناء نفسه وعقد مؤتمراته من المستوى القاعدي والمحلي حتى المؤتمر العام والتواصل مع عضويته، طفقت في توسيع قفزاتها وهي تهرب للأمام من الانتخابات المقبلة، وتنتظر معجزة خارقة تصحو بها ذات يوم لتجد السلطة منقادة إليها تجرجر أذيالها وغياب غريمها السياسي.
> كيف تستقيم الأمور وتتوازن العملية السياسية بين الحكم والمعارضة؟ إذ لا تتساوى الرؤية ولا الكفتان، فإذا كانت اتهامات المعارضة للمؤتمر الوطني بأنه بنى نفسه بإمكانات الدولة ولولا وجوده في السلطة لما استطاع فعل شيء من خطط البناء وعقد المؤتمرات وحشد العضوية، فإن ذلك لا يعطي أدنى مبرر لأحزاب المعارضة منفردة أو مجتمعة، تقليدية كانت أو قوى حديثة بعدم تجديد ذاتها وقياداتها وكوادرها وطرح أفكارها وتصوراتها لكل القضايا الوطنية السياسية والاجتماعية، فمهما كانت الإمكانات الحزبية زادت أم نقصت، يتوجب على أي حزب القيام بمهامه وفروضه التنظيمية والسياسية وجعل الدم يجري في عروقه وأوصاله وتنشيط عضويته والاستعداد للمرحلة المقبلة.
> رفض الانتخابات ليس حلاً، إذا كانت أحزابنا المعارضة جادة في التغيير الديمقراطي وترسيخ مبادئ الحرية والتداول السلمي للسلطة وإشاعة أجواء التنافس عبر صناديق الاقتراع، أن تخوض غمار التجربة القادمة نجحت فيها أم لم تنجح، ليس المهم لمن يزعم أنه يريد الديمقراطية أن تربح دائماً .. يمكنه أن يخسر اليوم والغد ويكسب بعد الغد وتربح وتفوز الديمقراطية نفسها بمد جذورها في التراب الوطني وتتغلغل مفاهيمها في أغشية المجتمع.
> في ميثاق طيبة تنزع الأحزاب إلى ما تسميه توحيد فصائلها وأحزابها والعمل على تغيير النظام، وظلت كل تكويناتها تقول هذا الكلام وتتفق عليه منذ لمدة خمس وعشرين سنة، لكنها بكل ضجيجها لم تقتل ذبابة، يقوي الحزب الحاكم وتضعف هي، يشتد عود الحاكمين مع الأيام وتشيخ أحلام المعارضين وتضيع في ترهات السياسة وردهاتها.. فرص ثمينة كان بالإمكان استثمارها من أجل بناء مشروع وطني تتعزز به فرص الممارسة السياسية الراشدة وإدارة شأن البلاد بعيداً عن المواجهات والتنشج الحزبي.
> على أهل ميثاق طيبة الإجابة عن سؤال مهم، إن كانوا يمثلون تكتلاً كبيراً ذا قيمة صوتية في الانتخابات، لماذا لا يطالبون بضوابط أكثر صرامةً في مراقبة الانتخابات ومزيد من التحقق في نزاهتها وشفافيتها، ويدخلون الانتخابات موحدين في تنسيق كامل ليسقطوا المؤتمر الوطني ويفككوا دولته؟ وإذا كانت لديهم المقدرة على تحريك الشارع وتفجير الانتفاضة الشعبية التي يلوكونها سنوات عديدة ويتمنونها، فما الذي يمنعهم من ذلك ويعيق تقدمهم نحو هذه الغايات وهي في متناول أيديهم؟
> السبب في الغالب يكمن في ضعف المعارضة والشلل الذي أصابها، والتيه الذي تعيش فيه، وتنافر مكوناتها وتعارض أهدافها، فبعضها يريد لهذه الحالة السياسية أن تستمر دون أن تلقي عليه أية التزامات عملية في سبيل إسقاط النظام عبر الانتخابات أو غيرها، وتريد أن تظل في حالتها الصوتية أو وجودها الفيزيائي كسائل لزج يملأ المشهد العام.
> غالب أحزاب ميثاق طيبة، لا تستطيع الذهاب مباشرة للجماهير، وقد تمت تجربتها عقب إطلاق مبادرة الحوار وإتاحة الحرية السياسية وتنظيم الندوات ومخاطبة الناس والتواصل معهم، تراجعت الأحزاب المعارضة وعجزت عن تنظيم نفسها وعقد الندوات، واكتفى كل منها بندوة يتيمة دهر ثم غاب وراء ظنونه وشكوكه وهواجسه السياسية، ولم يجد إلا حباله الصوتية ليتخذها عضلات يزاحم بها في حلبة السياسة.
> الأزمة في بلادنا، تكمن في عدم توازن واستواء معادلات العملية السياسية، ففي الحكم حزب قوي وجاد يسعى لتأكيد وجوده وسلطته عبر قواعد اللعبة المعروفة ولا يفوِّت فرصةً في سبيل ذلك.. وأحزاب معارضة تقبع في قبو أحلامها المعتم.. وهي تلعن الظلام!! وقد تعودت خدودها على اللطام!!
[/JUSTIFY]
أما قبل – الصادق الرزيقي
صحيفة الإنتباهة