عثمان ميرغني

عودة الترابي..!!


[JUSTIFY]
عودة الترابي..!!

الدكتور حسن الترابي، ربما يكون فهم الرسالة.. وإذا لم يفهمها سأحاول إعانته في فهمها الآن.
حسب التصريحات التي أدلى بها البروفيسور الأمين دفع الله القيادي بالمؤتمر الوطني- أن النية مبيتة لتعديل الدستور.. التعديل سيطال مادة (انتخاب ولاة الولايات).. وسيرتد إلى الوضع الأول حيث يأتي الوالي (بالتعيين) المباشر.. وينصرف بالإقالة المباشرة.. من المركز.
هذا التعديل تسبب في مفتتح الألفية الثانية في الإطاحة بالترابي من رئاسة البرلمان.. الترابي كان يخوض معركة شرسة لإدخال تعديلات على دستور 1998أبرزها بل القشة التي قصمت ظهر البعير- مطالبته بانتخاب الولاة..
ومرت السنوات واستجاب القدر لأحلام الترابي وأكد دستور 2005 الانتقالي حتمية انتخاب ولاة الولايات انتخاباً مباشراً من مواطني الولاية.. وعلى هذا جرت انتخابات العام 2010..
وحسب دستور 2005 لا يجوز إقالة الوالي إلا عبر أصوات ثلاثة أرباع المجلس التشريعي.. على أن تجري انتخابات اختيار البديل خلال شهرين فإذا فاز بها ذات الوالي المقال فإن العقوبة تنتقل مباشرة للمجلس التشريعي فيفقد شرعيته,. وكانت تلك أحد أبدع ما نص عليه الدستور.
لكن يبدو أن حزب المؤتمر الوطني نظر في التجربة فلم يجد والياً واحداً تمتع مجلسه التشريعي بإقالته.. كلهم ذهبوا بقرارات من المركز.. فرأى المؤتمر الوطني أن الممارسة أقوى من النظرية.
حسناً إذا تأكد فعلاً تعديل الدستور واخراج الولاة من الانتخابات القادمة في أبريل 2015.. فهل أضاع الوطني وقته وماله في انتخابات التصعيد التي ظل بسببها البروفيسور غندور معلقاً فوق السحاب لقرابة الشهر يطير من كسلا إلى الجنينة ومنها إلى الدمازين ثم بورتسودان وقبلها كلها كادوقلي والفاشر وغيرها من الولايات.. هل ضاع كل هذا اللبن المسكوب سدى؟
البروفيسور دفع الله برر التعديل بأن انتخاب الولاة جر في أذياله استعار النزوات القبلية.. لأن مكونات معظم الولايات تستند إلى قبليات معززة بالمساندة الشعبية.. لكن تبرير البروف يبدو في غاية الغرابة.. فالواقع أن القبلية معززة في تشكيل الحكومة المركزية بأقوى ما يكون.. مجلس الوزراء هو (منتخب القبائل) السودانية.. بعض الوزراء ما أتى بهم للكرسي إلا الموازنة القبلية.. وأدنى من ذلك مناصب دستورية أخرى مثلاً منصب المعتمد في محليات السودان وحتى سكرتارية الوزراء والمعتمدين والمدراء إلى أدنى السلم الوظيفي.. كلها باتت (كوتات) قبلية محكومة بأمر التوازن الجهوي والقبلي.
بصراحة.. إذا أقدم المؤتمر الوطني على هذه الخطوة.. وقرر تعديل الدستور لتعيين الولاة بدلاً عن انتخابهم فسيثبت للجميع غياب النظرة الإستراتيجية الحصيفة (لمن لا يزال ينتظر الدليل).. وأن الحزب يدير السودان بمحاسن الصُدف من وحي (التجريب).. وأشنع من ذلك سيثبت أن الدستور وهو وثيقة يفترض فيها الثبات النسبي- هو مجرد (تجاريب) المؤتمر الوطني.
يبدو أن عودة الترابي إلى حظيرة المؤتمر الوطني تزامنت مع العودة إلى ذات النقطة التي افترقا فيها.
[/JUSTIFY]

عثمان ميرغني
حديث المدينة – صحيفة التيار
[Email]hadeeth.almadina@gmail.com[/Email]