مقالات متنوعة
سؤالنا لرئيس حكومة ليبيا الغربية
فالبرغم من طغيان نظام القذافي وجوره الرهيب الذي وصل إلى درجة مطاردة مرتادي المساجد، وبدلاً من أن يشهد لهم بالإيمان كان يشهد لهم بالتآمر على وجوده، إلا أن البلاد كان فيها نظام حكم واحد يمثل وحدة أراضيها من الحدود مع مصر إلى الحدود مع تونس والجزائر، ومن الحدود مع السودان وتشاد إلى مياه البحر الأبيض المتوسط. وكانت هذه هي صورة الدولة أيام القذافي رغم ارتكاب أفظع الجرائم ضد المواطنين داخل سجونها. وفي مرحلة دكتاتورية القذافي الرهيبة هناك من لزم من الناس الصمت واتخذوا موقفاً شرعياً يضمن لهم الأمن ما مسهم سوء النظام. لكن الآن حتى الأبرياء من النساء والأطفال تبقى حياتهم في خطر بسبب الانقسام الحاد وتقسيم سيادة البلاد.
فقراءة الحسابات السياسية للفترة التي تلت إسقاط حكم فرعون ليبيا، تقول إن المستفيد من التغيير الجذري هناك هو الإقليم «دول الجوار» وليس المواطن الليبي والدولة الليبية.. نعم استفاد السودان استفادة أمنية كبيرة جداً، من إطاحة حكم القذافي، فقد هدأت الأوضاع الأمنية في الأجزاء الشمالية والغربية لإقليم دارفور إلى حد كبير بسبب زعزعة الملاذات الآمنة للمتمردين في حركة العدل والمساواة التي تحرك زعيمها المقتول خليل إبراهيم بعد نجاح الثورة الليبية نحو البديل الأنسب له «دولة جنوب السودان» عبر السودان، ليقتل في طريقه نحن الملاذ البديل والملجأ المناسب. وقد كان مطمئناً للتمتع باللجوء الحربي في جنوب السودان الذي يحتضن معسكرات قوات الحركة الشعبية التي تعمل لصالح قطاع الشمال بقيادة عقار والحلو.
والآن في ليبيا عاصمتان، وهذه الحالة الغريبة في مرحلة ما بعد الاستقلال من الاحتلال الأوروبي نجد سابقة لها في العراق بعد الاحتلال الأمريكي للعراق، فقد استقل إقليم كردستان العراقي في أجواء الاحتلال الأمريكي التي مهدت له ذلك.
وفي ليبيا يتم إسقاط القذافي باحتلال أجنبي، فقد كانت هناك مساعدة أجنبية جوية، كانت تدخلاً إنسانياً لا بد منه، لأن فرعون ليبيا المجرم الذي ما تورع يوماً طيلة فترة حكمه عن أسلوب التصفية الجسدية لمخالفيه الرأي حتى ولو كانوا من أعضاء القيادة التاريخية لثورة الفاتح من سبتمبر، وكان بنفس هذا الأسلوب يريد تصفية المتظاهرين وهم يطالبون بالتغيير من أجل الحرية واحترام حقوق الإنسان وعدم مضايقة المصلين من الشباب والصبيان وهم يرتادون المساجد لأداء صلاة الفجر. إن القذافي كان يظن أن أي صبي يرتاد المساجد هو مشروع مجاهد مع المهندس أسامة بن لادن والدكتور أيمن الظواهري. ولذلك حتى لو كان طالباً في كلية الهندسة أو كلية الطب فلا بد أن يُعمل له ألف حساب. هذا هو الوهم المنسوج في خيال القذافي وأركان حكمه من أبنائه وغيرهم. والقذافي طبعاً كان يعمل على طريقة الفيلم الهندي القديم «من أجل أبنائي» لكن بطريقة مختلفة جوهرياً، فذاك في قصة الفيلم يريد أن يحمي ويدافع، لكن هذا كان يريد أن يستنسخ أنموذجه فيهم، فتتحوّل «الجماهيرية» إلى مملكة فرعونية.
والآن يمكن لأنصار «الجماهيرية» البائدة أن يطلوا برؤوسهم في أجهزة الإعلام وهم يرون سيادة البلاد تنقسم إلى جزءين .. جزء عاصمته طرابلس والآخر عاصمته طبرق. وعلى أية حال استفاد الإقليم العربي والإفريقي وكذلك العربي والآسيوي من إطاحة القذافي.. لكن متى يستفيد الليبيون؟ سؤال نوجهه لرئيس وزراء ليبيا «الغربية».
الكاتب : خالد حسن كسلا
الحال الآن – صحيفة الإنتباهة