مقالات متنوعة

الرجل الذي قال لا..!!

الرجل الذي قال لا..!!
في ٢٣يناير١٩٨٢ اجتمع ثلة من كبار ضباط القوات المسلحة الأخيار مع الرئيس جعفر نميري.. الاجتماع الأشهر نسقه نائب الرئيس اللواء عبد الماجد حامد خليل.. كبار الضباط تحدثوا بصراحة عن الحال المائل والفساد المستشري آنذاك.. نميري أبدى تفهما لآراء الحضور وعدها في فقه المناصحة.. ولكن في اليوم التالي أقال المشير النميري كل الذين قالوا (لا) بمن فيهم نائبه الأول اللواء عبد الماجد حامد خليل .
قبل أيام من انعقاد المؤتمر العام للحزب الحاكم تحدث الأستاذ أمين حسن عمر، بصراحة لصحيفة الأهرام اليوم.. أمين أكد في ذاك الحوار أن إعادة انتخاب الرئيس البشير مجددا تهزم روح وثيقة الإصلاح التي نادت بتجديد الدماء في شرايين الحزب الحاكم.. حتى داخل أروقة الشورى صدح الأمين بما يراه صائبا غير أنه أكد أنه سينصاع لرأي الأغلبية.
قبل أيام قرأت في إحدى الصحف أن مسئولا سياديا رفيع استدعى وزيرا مشاغبا.. الصحيفة لم تحدد اسم ذاك الوزير لكن قلبي حدثني أنه سيكون أمين حسن عمر.. لا أحد في الآونة الأخيرة يصدح برأيه في أواسط الحزب الحاكم غير هذا الرجل الشجاع.
أمس نشرت الزميلة اليوم التالي خبرا يفيد بإبعاد أمين حسن عمر، من عضوية المكتب القيادي.. جاء كل الحرس القديم من علي عثمان حتى عبد الرحمن الخضر لأنهم تمكنوا من السيطرة على ألسنتهم.. من بين ثلاثين خيارا استبعدت الشورى اسم أمين حسن عمر.. أنه ذات الأسلوب الذي تم مع غازي صلاح الدين حتى اجبر على القفز من أسوار الحزب.
اختلفت كثيرا مع أمين حسن عمر، الذي وصفني ذات مرة بصائد الهفوات.. وعقب برنامج تلفزيوني كان يقدمه الدكتور ياسر محجوب (رد الله رغبته) استغرب أمين انضمامي وقتها لصحيفة الصيحة باعتبارها صحيفة يمينية.. وفي هذا إشارة متوهمة لتوجه يساري يرميني به الإسلاميون من لدن نافع إلى أمين حسن عمر.. ذاك الاختلاف لا يمنعني من الإقرار بأن أمين حسن عمر، يظل نموذجا للصدق والتجرد وقول كلمة الحق مهما كانت مكلفة.. أمين استجاب لنداء الإصلاح وترك موقعه في الحزب والدولة.. فيما كان آخرون مثل الدكتور مصطفى عثمان كلما أوصد عليهم باب سلطة افترعوا بابا جديدا.
في تقديري أن مراكز القوى التي عناها الرئيس في حديثه حاولت تأديب الدكتور أمين حسن عمر، وهو أمر توقعناه من قبل.. سيدي الرئيس اجعلنا من الكاذبين واقترح اسم أمين حسن عمر في قائمة استكمال المكتب القيادي.. رجل بهذه المواصفات والمواقف يجب أن يكون حاضراً في المؤسسات.

تراسيم – عبدالباقي الظافر
صحيفة التيار