تحقيقات وتقارير

إستفتاء أبيي.. ترحيل للمشكلة

هذه أول مرة اتفق مع عرمان) هذه العبارة كانت مفتاحية في الجلسة رقم (13) من دورة الإنعقاد التاسعة والأخيرة للمجلس الوطني أمس، والعبارة لبروفيسور إبراهيم غندور الأمين السياسي للمؤتمر الوطني في لحظة اتفاق نادر بين الشريكين حول قانون إستفتاء منطقة أبيي، إتفاق هلل له الشريكان لكنه لم يرض المسيرية، وماجت له منطقة المجلد، ومهد الطريق للمسيرية نحو خطوة لاحقة أكدوا أنهم سيخطونها.
بالأمس كان البرلمان في أحد تواريخه الإستثنائية، تدافعت وسائل الإعلام باكراً لتشهد اليوم الأخير في عمر الدورة الذي يحفل بمناقشة القانون الأخطر بعد قانون استفتاء جنوب السودان، استفتاء أبيي 2009م الذي أرجئ التصويت عليه حتى الأمس بسبب خلافات الشريكين، بجانب قوانين أخرى، ومناقشة تقرير اللجنة الطارئة حوله في مرحلة العرض الثالث.
ولحظ المراقبون تعثر المفاوضات حتى اللحظات الأخيرة قبل بداية الجلسة ، لكن القانون أجيز في النهاية بالإجماع عدا عدد من نواب المسيرية، الذين انسحبوا احتجاجاً على المادة «24»
وشهدت الجلسة اعتراض الحركة الشعبية على تضمين مقترحات الاعضاء في التقرير قبل تلاوته من د. اسماعيل الحاج موسى الرئيس المناوب للجنة الطارئة، وأثار العضو جاستن جوزيف مارون عن الحركة الشعبية قضية عدم تطابق نسخة التقرير لدى الرئيس المناوب مع النسخة الموزعة، لكن رئيس المجلس أحمد إبراهيم الطاهر امر بتلاوة التقرير ثم الإعتراض من بعد، وتضمن القانون سبعة فصول، و(68) مادة، تناولت الاحكام التمهيدية وخياري الاستفتاء، بجانب الشروط المطلوبة لتوفير البيئة الملائمة لاجراء الاستفتاء، وتطرق القانون لمفوضية استفتاء ابيي وما يتعلق بها، بجانب المراقبين والتمويل وكيفية اصدار القرار والالتزام بنتيجته.
ومضى القانون الذي شهد قراءة متأنية تناوب عليها د. إسماعيل الحاج موسى وجاستن جوزيف لتحديد كيفية تنظيم الاستفتاء واجراءاته، بجانب الاسس والضمانات الاعلامية الواجب توافرها لاتاحة فرص متساوية في وسائل الاعلام لدعاة خياري الاستفتاء، وحق الاحزاب السياسية والافراد في اعلان مواقفها منهما عبر وسائل النشر.
وبدا ان المسيرية متوجسون من إجازة القانون بكل ما حوى من بنود باعتبارها اعطت الدينكا نقوك أكثر مما اخذت منهم، وقدم الدرديري محمد احمد عضو المؤتمر الوطني عن دوائر جنوب كردفان ما وصفه ياسر عرمان لاحقاً بانه «خطبة»، اعتبر فيها إجازة القانون تعني أن جميع دينكا نقوك أينما كانوا يعتبرون من سكان أبيي، وأنه يعطيهم المشاركة المطلقة في الاستفتاء دون غيرهم، وأشار الدرديري إلى اجتماع الرئيس البشير بكافة المكونات عقب صدور قرار لاهاي، وإعلانه موقف المؤتمر الوطني القائل إن جميع السودانيين سواسية يتمتعون بذات الحقوق، وأنه لكل مقيم حق في أن يصوت أيا كان، واعتبر الدرديري النص محاولة على حين غرة لانتزاع حق الآخرين ومنحه دينكا نقوك، واعتبر ذلك تقويضاً للبروتوكول من أساسه.
ولكن رئيسي البرلمان والهيئة بعثا بتطمينات كثيرة أكدا فيها أن كلمة (السكان) الواردة بالقانون تبدد المخاوف وتؤكد ان سكان ابيي فقط هم الذين يحق لهم التصويت وليس إحدى الإثنيات .
وعقب ياسر عرمان رئيس كتلة نواب الحركة الشعبية على ما وصفه بـ (خطبة الدرديري) وأكد أنه ليس صحيحاً أن الموضوع فتح على إطلاقه لدينكا نقوك، وطالب بالمحافظة على النص بغموضه الحالي، على أساس ان المفوضية هي التي ستحسم القضية، وطلب تركه لحكمة السودانيين والمفوضية، وحذر من محاولة حلها بالاغلبية الميكانيكية، وقال إن ذلك سيفسد الامر، وأشار إلى أن النص لم يكن مرضياً للحركة ولا الوطني أثناء المباحثات لكن رأى الطرفان تجاوزه حتى لا يضيع السلام الكبير بسبب بروتوكول واحد، وأضاف: أن حكمة الراحل د. جون قرنق والأستاذ علي عثمان محمد طه قضت بذلك.
وبدا الشريكان منسجمان في واحدة من المرات النادرة، فقد أكد بروفيسور ابراهيم غندور أن خطبة الدرديري قد تكون مقنعة لشخص لم يتابع القوانين والتطورات مثله، وأشار إلى أن القانون أورد كلمة مجتمع دينكا نقوك وليس قبيلة أو إثنية، وذلك يعني أنها مجموعة واحدة تعيش في منطقة واحدة، وليس كل السودان، وهذا ما ذكره عرمان، وقال غندور: هذه أول مرة اتفق فيها مع عرمان فيما ذكر، وقال إن الإتفاق كان حلاً وسطاً بين الطرفين، ودعا للتصويت على النص الأصلي الوارد بالقانون.
ومع الإتفاق الواضح ورفض رئيس البرلمان المزيد من النقاش وفتحه الفرصة للتصويت على القانون إنتفض نواب المسيرية وتوجهوا خارج قاعة البرلمان مع التنديد بإجازة القانون بشكله ذاك، ووصفوا الأمر بالمؤامرة، واتجهوا لعقد اجتماع منفرد، أكد عقبه النائب محمد عبد الله آدم (ود ابوك) ان المسيرية خرجوا في مسيرات الآن في المجلد، وأنهم لن يتركوا الأمر يمر هكذا، وسيتخذون الإجراءات المناسبة، وأضاف انهم كانوا يريدون نصاً يتم التراضي عليه يحفظ حقوق الجميع في ابيي وانهم يرفضون التمييز.
وبعد فإن إجازة قانون استفتاء أبيي خطوة مهمة في آخر عمر هذه الدورة البرلمانية لكن القضية لا تزال معقدة، و قال احمد ابراهيم الطاهر ان القانون لم يحل مشكلة ابيي برمتها ورحل جزءاً منها للمفوضية وهي تحديد سكان ابيي وتحديد من يحق له التصويت، وهي امور متروكة للمفوضية التي سيتم تشكيلها بالتشاور مع دينكا نقوك والمسيرية ورئاسة الجمهورية.. وربما أضافت اعتراضات المسيرية فصلاً جديداً لرواية ربما انتهت أمس أو بدأت.
الرأي العام :عوض جاد السيد