أسرار جديدة عن العائلة الملكية المصرية من القصور إلى القبور
مازالت الأسرة الملكية المصرية رغم مرور 58 عاماً على سقوطها وانتهاء العصر الملكي، مادة ثرية للصحافة، تكشف عن الجديد فيها، خصوصاً بعد ازدياد الشغف الشعبي بها عقب مسلسل “الملك فاروق” الشهير الذي عرضته قناة mbc في رمضان قبل الماضي.
الاعلامي أحمد المسلماني مقدم برنامج “الطبعة الأولى” بقناة دريم المصرية والصحافي بجريدة الأهرام كشف عن وقائع الأيام الأخيرة للأميرة فريال شقيقة الملك أحمد فؤاد آخر ملوك مصر، الذي صار ملكا لفترة قليلة بعد الثورة وكان لايزال رضيعا بعد خروج والده الملك فاروق.
تناول قصة لقائه بها لأول مرة إلى أن دفنت الأميرة إلى جوار أبيها، حيث جلس أحمد فؤاد يتذكر رحلة موجعة للعائلة، من القصور إلى القبور، من مملكة ضائعة فى مصر إلى شقة ضائعة فى باريس وابنة بعيدة فى استراسبورغ!
وفي جريدة “المصري اليوم” كتب عن اللحظة التي أخبرته فيها فريال التي رحلت عن الحياة أخيراً بأنها ستموت بعد شهرين أو ثلاثة. وقال اليوم الأربعاء 30-12-2009 إنه تحدث إلى الأميرة فريال في شهر رمضان، “كانت الأميرة في سويسرا ولكنها لم تكن في بيتها ولا في بيت أخيها الملك السابق أحمد فؤاد، بدت الأميرة كعادتها بشوشة ضاحكة، وبعد وقت طويل من الحديث العام فاجأتني بالقول: أنا في المستشفى الآن، قال لي الأطباء: إن الوضع سيئ للغاية، وليس أمامي في رحلة المرض إلا شهران أو ثلاثة، وأنا سعيدة بسماع صوتك، وأرجو أن تتصل بي كثيراً الأسابيع القادمة، لأنني لن أكمل هذا العام”.
وأضاف أنها ردت على محاولته التخفيف عنها “أنا أقدر مشاعرك ومحاولتك للتخفيف عني، لكني أعرف وضعي الصحي جيداً.. وأعرف أنني سأموت خلال شهرين أو ثلاثة.. ثم توقفت وقالت: هل تظن أنني خائفة من الموت؟ أبداً، أنا غير خائفة نهائياً.. لم أفعل في حياتي أشياء تجعلني أخاف الآن.. لم أظلم أحداً.. لم أنهب ولم أسرق.. عشت حياتي كلها مظلومة لا ظالمة.. وعانيت معاناة شديدة.. ليس في حياتي إلا المشقة والتعب”.
ثم توقفت الأميرة قليلاً، وعادت لتقول: حتى لو كانت عندي أخطاء وذنوب.. الحمد لله.. فقد أديت فريضة الحج مع أخي أحمد فؤاد.. وأنا لم أفعل شيئاً بعد الحج.. وأنا سعيدة بهذا الختام وجاهزة للقاء الله.
الطريق إلى الأميرة
حكى المسلماني عن الطريقة التي تعرف بها إلى الأميرة، فد بدأت بعد حديث تليفزيوني أجراه فى باريس مع فضيلة فاروق “الزوجة السابقة لأحمد فؤاد”، كان حديث الملكة فضيلة مدوياً.. واهتمت به أوساط متنوعة في عدة دول.. وقد تحدث إليّ أفراد من عائلات ملكية عربية من أجل دعوتها، كنت قد تعرفت إلى فضيلة فاروق عن طريق محاميها إيلب حاتم.. الذي عرفني إلى رولان دوما وزير خارجية فرنسا الأسبق، وكذلك جان ماري لوبن زعيم اليمين المتطرف في فرنسا والذي يشاركه إيلي العداء الشديد لإسرائيل”.
يستطرد المسلماني: ذات ظهيرة دافئة في باريس قال لي إيلي: هل تعرف الملكة فضيلة؟ قلت له: لا. قال: فضيلة فاروق هي زوجة الملك أحمد فؤاد وأم أولاده الثلاثة: محمد علي وفوزية لطيفة وفخر الدين، وأنا محاميها، ويمكنني إقناعها بإجراء مقابلة تلفزيونية، وذات ظهيرة دافئة تالية تقابل ثلاثتنا، فضيلة وإيلي وأنا، في فندق ماريوت الشانزليزيه.. حيث جرى التعارف وبدأت صلتي بفضيلة فاروق.
ويصف آخر ملكات الأسرة الملكية المصرية والتي لم تكن تربطها بها علاقة سابقة قبل زواجها من أحمد فؤاد: “بدت لي فضيلة فاروق شخصية طيبة.. منضبطة في المواعيد ومجاملة في التعامل وفخورة بزواجها من أحمد فؤاد وكثيرة الحديث عن حماتها الملكة ناريمان، التقيت فضيلة فاروق أكثر من 20 مرة كلها في باريس، وفي جميع المرات كانت فضيلة تكرر اسم الملكة ناريمان والدة أحمد فؤاد عشرات المرات في كل لقاء.. لكنها لم تذكر أبداً اسم الأميرة فريال شقيقة أحمد فؤاد.. ولو مرة واحدة”.
ويعلل المسلماني ذلك بقوله: كانت فضيلة تخشى أن تذكر اسم الأميرة فريال بسوء فتظهر أمامي بما يخالف شخصيتها التي حافظت عليها طيلة اللقاءات.. وربما كانت قلقة من احتمال أن أكون حليفاً خفياً للأميرة فريال”.
أزمة فضيلة داخل العائلة المالكة
يضيف “تقديري أن فضيلة كانت تشعر بأزمة حقيقية داخل أسرة محمد علي، ولأنها ليست مصرية ولم تكن مسلمة ولا هي من أسرة مالكة ولم تعش يوماً واحداً في قصور المملكة المصرية.. ولم تشهد الملك فاروق ولم تأنس بالأميرة فريال.. فقد اعتمدت فضيلة في كل شرعيتها على اسم الملكة ناريمان”.
ويواصل المسلماني: “كان الكثيرون في باريس والقاهرة يتحدثون أمامي بدرجات متفاوتة من الانزعاج تجاه فضيلة فاروق، كان البعض يشكك في إسلامها ويراها يهودية أظهرت الإسلام من أجل الزواج من الملك”.
ويمضي قائلاً “كان آخرون يشككون في أصولها الاجتماعية ومكانتها الأدبية، وتحدث بعضهم عن أن والدها كان يمتلك محلاً للأحذية في استراسبورغ، وأن فضيلة قدمت وضعاً عائلياً غير حقيقي ليتناسب مع مقام العائلة المالكة المصرية، وتحدث ثالثون عن حجم المعاناة التي عاناها أحمد فؤاد مع فضيلة.. وعن مدى الأضرار المالية والنفسية التي لحقت به من جراء فضيلة.. وحكى رابعون قصصاً متنوعة عن إبداعات فضيلة في تحطيم أحمد فؤاد”.
ويقول المسلماني إن فضيلة كان تتحدث باستمرار عن الملك والمملكة، وأبدت له رغبتها فى وضع كتاب عن مذكراتها مع العائلة المالكة المصرية.. وأخبرته أن فريدريك ميتران الذي أجرى عدداً من الحوارات مع العائلات المالكة السابقة قد نصحها بأن يكون هذا الكتاب مشروعاً لفيلم سينمائي عن حياة فضيلة.
أصبح فريدريك ميتران الذي يعرف أحمد فؤاد عن قرب منذ أكثر من ربع قرن وزيراً للثقافة في فرنسا، وأصبحت فضيلة نفسها طليقة أحمد فؤاد، والأغلب أن حلم فضيلة في إنتاج فيلم سينمائي عن حياتها مع أسرة محمد علي قد ذهب إلى النسيان.
ويتابع: “لم تذكر لي رغبتها في القيام بدور في هذا الفيلم الذي تتمناه، لكن فضيلة التي كانت فائقة الجمال وقت زواجها من أحمد فؤاد تبدو كفنانة في المناسبات العامة، فهي ليست صارمة في ملابسها بالشكل الكافي، كما أن طريقتها نصف الرومانسية في الحديث يجعلها أقرب إلى كونها شخصية فنية من كونها شخصية ملكية.. زوجها ملك وحماها ملك وحماتها ملكة وأبناؤها الجيل المعاصر من أسرة محمد علي”.
ويشير إلى أنه بالرغم من أن قضية الطلاق بين أحمد فؤاد وفضيلة كانت في المحاكم الفرنسية والسويسرية، لكنها انكرت ذلك تماماً وتحدث معه عن الكتاب وعن الفيلم وعن علاقتها المثالية بزوجها، وعن شعورها الكبير بالمسؤولية تجاه أسرة محمد علي.
فضيلة تتهم عبدالناصر بقتل فاروق
والمثير الذي يكشف عنه المسلماني أنها التقته في بهو فندق إنتركونتننتال في باريس.. “ووجدتها تقول لي: لقد حدثتك من قبل عن الوفاة الغامضة للملك فاروق.. إنها ليست غامضة.. لقد قتله جمال عبدالناصر، وقالت لي: إنني لن أسمح بأن يذهب دم الملك فاروق هكذا، وأنا لديّ الوثائق التي تؤكد قيام المخابرات المصرية في عهد عبدالناصر بوضع السم للملك فاروق أثناء تناوله الطعام في أحد المطاعم الإيطالية”.
ويعلق على ذلك بقوله “كانت فضيلة بهذه القصة تريد أن تحدث قفزة في علاقتها بالأسرة المالكة. أرادت أن تؤكد أنه لا صحة لموضوع الطلاق، وأنها ليست مجرد زوجة لأحمد فؤاد، ولكنها المدافعة عن سيرة العائلة، ومسيرة حماها الراحل الملك فاروق”.
لكنه ينقل عن الأميرة فريال أنها قالت له فيما بعد إن فضيلة لم تعد زوجة لأحمد فؤاد، وهي لا تملك أي وثائق في أي موضوع، وحديثها باسم العائلة المالكة أصبح مخالفاً للقانون.
ويوضح المسلماني أن لقاءه التلفزيوني مع الملكة فضيلة أغضب العائلة المالكة وخصوصا الأميرة فريال التي كانت مستاءة للغاية. وعندما التقت به قالت له “أنا لا أحدثك كأميرة أخي ملك وأبي ملك، أنا أحدثك كإنسانة بسيطة وأنت فلاح وتعرف الأصول، هذه الـ”…” دمرت حياة أخي، دمرت كل عائلتنا معه، إنها كاذبة وخادعة، وكل ما تقوله كذب، أنت لا تعرف فضيلة، إنها تبدو رقيقة وعاقلة، ولكنها على العكس من ذلك تماماً، والحمد لله فقد تخلصنا منها تماماً، لم تعد زوجة أخي، لقد حكمت المحكمة السويسرية بطلاقها التام والنهائي من أحمد فؤاد”.
وأضافت “اسمها لم يعد فضيلة، اسمها فرانس بيكار، وقد أعطيناها اسم فضيلة فاروق لزواجها من أحمد فؤاد فاروق، لكن الآن وبحكم المحكمة تم سحب الاسم منها، وتعود لاسمها الأصلي فرانس بيكار، واستخدامها لاسم فضيلة أصبح مخالفاً للقانون وسأرفع عليها دعوى قضائية لو استخدمته”.
ويقول المسلماني “فى اليوم التالي اتصل بي المهندس إيهاب شفيق وقال لي إن الأميرة فريال اتفقت مع الملك أحمد فؤاد أن يكون بينكما اتصال اليوم، ليؤكد لك بنفسه حقيقة الطلاق وتاريخ المعاناة، ثم أعطاني رقم الهاتف الخاص بأحمد فؤاد في سويسرا”.
وعندما تحدث جاء صوت الملك السابق أحمد فؤاد عبر الهاتف من سويسرا قوياً ومنفعلاً، وفي حالة تأهب، وكانت تحيته تحمل قدراً من الخشونة.
قال أحمد فؤاد: “أنا أعرف الصحافيين في مصر، ولا أعرف إذا ما يمكنني الثقة بك أم لا”. ثم توقف وقال: “هل تفضل أن يكون حديثنا بالفرنسية أم بالإنجليزية”، قلت له: “إذا لم يكن ذلك مرهقاً لجلالتك.. فأنا أفضل العربية”، قال لي: “أنا مصري وأتحدث العربية.. ولكنني في حالة غضب وانفعال لأننا نتحدث عن فضيلة، وأنا أخشى ألا أتحكم في ألفاظي وكلماتي باللغة العربية، لكن على أي حال حين أقول لك الآن إنني قد طلقت فضيلة نهائياً، وإن فضيلة لم تعد زوجة لي.. وأنا لن أعيدها زوجة ما حييت”.
وكرر “لقد طلقت فضيلة، هذه عبارة واضحة لا تحتاج إلى ترجمة أو تفسير، وبالتالي كل حوارك في قناة دريم مع فضيلة لم يعد له معنى”، ثم قال أحمد فؤاد: سأرسل لك عبر الفاكس بخط يدي قرار طلاقي من فضيلة وسأرسل لك حكم المحكمة السويسرية بالطلاق، ثم واصل متأثراً: “إنني آمل أن أسمع صوتك مرة أخرى، لكنني لا أريد أبداً أن أسمع اسمها في أي لحظة، وكان تأثر الملك السابق في حديثه عن زوجته السابقة كافياً للإحساس بحكم معاناة أحمد فؤاد مع فضيلة.
كانت فضيلة قد اتهمت الرئيس جاك شيراك بالاستيلاء غير القانوني على شقة أحمد فؤاد في باريس، وهي شقة فاخرة ذات مساحة كبيرة وأسقف مرتفعة تقع في مبنى عريق وسط العاصمة الفرنسية، يقدر البعض قيمتها بأربعة ملايين يورو.
لكن الأميرة فريال ذكرت للمسلماني: إن فضيلة تكذب، أضاعت الشقة لأنها أخذت المال ولم تدفع، ولكن عقلها يصور لها أن شيراك على خلاف معها، وأنه يضعها في رأسه، ولذا أراد أن يغيظها فطردها من الشقة.
فضيلة تشعر بالخجل
بعد ذلك التقى المسلماني الأميرة فريال للمرة الأولى في حي الزمالك بالقاهرة، ووجدها تكره أضواء الكاميرات، وتخشى من التعامل مع أي تجمع من الناس، وتفضل اللقاءات الثنائية والثلاثية، ولا تحب الجلوس مع الغرباء، وحين أقام حفل غداء على شرف حضورها في فندق شيراتون القاهرة، قالت له: لا تدعو عدداً كبيراً من الناس “أنا أختشى”، وهي عبارة قديمة تقولها الجدات في الريف المصري دلالة على الحياء الزائد.
ويحكي عن روحها الساخرة وما تتمتع من خصال النكتة والدعابة المشهورة عن المصريين، ثم يتناول لقاء آخر معها في منزل الدكتورة لوتس عبدالكريم، وهي مثقفة وسيدة مجتمع مرموقة، وصاحبة مجلة “شموع” وصديقة العالم الراحل د. مصطفى محمود، ولها كتاب عن الملكة فريدة بعنوان: “الملكة فريدة وأنا”، وقد دعت في حفل العشاء الذي أقامته في منزلها في حي المعادي الكاتب أنيس منصور، والدكتور بطرس غالي والفنان يحيى الفخراني وزوجته الكاتبة المعروفة لميس جابر، مؤلفة مسلسل الملك فاروق.
سأل الفنان يحيى الفخراني الأميرة فريال عن الخاتم الملكي الذي ترتديه، وسألته بدوري عن فيلم محمد علي الذي يستعد لبطولته، وأما مصور الأهرام أيمن برايز فقد كان مشغولاً كعادته بالتقاط كل الاحتمالات التي يمكن أن تكون صوراً.
ويتناول المسلماني لقاء آخر بها في فندق “البرنس دوجال” في شارع جورج الخامس وسط باريس، فقد جاءت الأميرة في موعدها ترتدي بالطو ثقيلاً تحته ملابس شبه رياضية، دلفنا إلى حديقة البهو في البرنس دوجال، حيث واحد من أجمل مطاعم العاصمة الفرنسية، وهناك أغلقنا الهواتف المحمولة وبدأنا الحديث في كل شيء، كانت الأميرة تتحدث معي وكأنها تلقي حديث الوداع، صفاء وتدفق وتنوع وتركيز، تحدثت عن فاروق وفريدة، وعن ناريمان وأحمد فؤاد، عن إخواتها وعماتها، عن الثورة والمنفى.. عن فضيلة وفوزية لطيفة.
وامتدحت لي صديقاتها في القاهرة صفية النقراشي وليلى تكلا ولوتس عبدالكريم وشقيقة الوزير أحمد المغربي.
في النهاية يقول “حل شهر رمضان، وجاءت معه الأشهر الأخيرة من حياة الأميرة، وبعد لقائنا في باريس، جاء اللقاء الأخير في مسجد الرفاعي، ماتت البهجة وسكتت الأميرة الرائعة إلى الأبد، جاءت في نعش يحمل علم مصر القديم”.
وجاء في مقدمة النعش أحمد فؤاد وياسمين ابنتها، في مشهد متكرر منذ الثورة، مشهد الدفن لأفراد أسرة محمد علي واحداً تلو الآخر.
كانت زيارات أحمد فؤاد وفريال المشتركة إلى مصر في السابق لأجل الدفن باستمرار، وهذه هي المرة الأخيرة لهما معاً، واحدة إلى أعلى وواحد إلى الأمام، وبينهما نعش!
العربية نت
الي رحمة الله وأمنة وسلامتة….. أسأل من الجميع خير الدعاء بالرحمة و المغفرة…. الي جنات الخلد يافريال …… صبركم الله يا أحمد فؤاد وبقية الاسرة وعوضكم جنات وأنهار ……
نجل محمد نجيب…. رحمة الله