هيثم كابو

كيف تغطي الصورة صورة

[CENTER][B][SIZE=5] كيف تغطي الصورة صورة [/SIZE][/B][/CENTER][SIZE=5][JUSTIFY]

* (لو قيل لي إن عربياً فاز بجائزة الأمانة بين عشرين من العرب مختلفي الجنسية، فأرجح – والذهنية العربية أيضاً ترجح – أن يكون سودانياً. ولو قيل: إن عربياً فاز بجائزة التهذيب بين عشرين من العرب، فالأرجح أن يكون سودانياً، ولو قيل: إن عربياً فاز بجائزة نظافة اللسان بين عشرين من العرب، فالأرجح أن يكون سودانياً، ولو قيل: إن عربياً فاز بجائزة الوفاء بين عشرين من العرب، فالأرجح أن يكون سودانياً).!!

* تلك كانت بعض أسطر خطها الصحافي السعودي، مطلق العنزي، مدير تحرير صحيفة (اليوم) السعودية في مقال جدد فيه غزله الراسخ في السودانيين وكريم خصالهم عبر مقال حمل عنوان (أعراض “المتلازمة السودانية”.. هنيئاً للمصابين!!)، وحظي المقال بتداول واسع واحتفاء بالغ لما حملته أحرف العنزي من حب دافق وقناعة ثابتة وأحاسيس كاملة الصدقية، في وقت (تنشط) فيه حملات تشويه صورة السودانيين بالخارج ودمغهم بـ(الكسل) وترويج نكات تهكم وقصص بالغة السخرية.!!

* إن كانت حروف العنزي التي سطرها عن السودانيين دخلت أفئدة أبناء وطني غازية مقتحمة، فقد لمست أمس تقدير الرجل للسودان وأهله، وأحسست بالصدق العالي النبرة يقيم على ضفاف حنجرته وهو يتحدث هاتفياً لبرنامج (مساء جديد) على شاشة قناة (النيل الأزرق)، ما ضاعف احترامي له، وزاد إعجابي بما دونه.!!

* السؤال الذي يطرح نفسه: ألا يجب علينا في غمرة الاحتفاء (الإسفيري والإعلامي) بما كتبه العنزي، ومن لديهم ذات قناعاته من الأشقاء العرب أن نواجه أنفسنا بحقيقة أن مياهاً كثيرة جرت تحت جسر الصورة التي كانت مرسومة مسبقاً للشخصية السودانية، فازدادت عندنا جرائم النصب والاحتيال والدجل والشعوذة وخداع الشيوخ وغش الأمراء، وتضاعفت أسماء قوائم السودانيين المطلوبين للعدالة بالخارج وحفلت بمن نصنفهم بالداخل ضمن قائمة رجال الأعمال وأهل البر، مع أننا نعلم أن أكثرهم مطلوب القبض عليهم حالاً وينبغي أن يمثلوا أمام القضاء .!!

* تمتد منذ فترة أيادي النصب من قبل بعض أبناء بلادي لتعبث بالصورة المنحوتة في ذهن العالم عن السودانيين.. يفعل أولئك الباحثون عن الدولار بشتى طرق الاحتيال.. ما يجعل المرء يتمنى لو أن الأرض انشقت وابتلعته قبل سماع قصصهم.. ناسين أن الإجماع الاحتفائي بالشخصية السودانية لم يحدث صدفة.. كان هناك رسلاً مشرفة خرجت من عندنا قبل عشرات السنين وعكست صورا (تبيض الوش) من خلال طريقة التعامل وصدق الأحاديث وصون الأمانات والشهامة في المواقف والنبل في المعاملات .

* أشرنا من قبل إلى أن دور الرعيل الأول من المغتربين السودانيين لم يقف عند المساهمة في بناء الوطن عبر ما يدفعونه من (ضرائب سنوية) أو ما يقدمونه من دعم ملموس لمرافق الصحة والتعليم بمناطقهم.. لم يقتصر إسهام أولئك النفر على تحسين أوضاع أهلهم الاقتصادية وتجميل المدن والأرياف بإضافات عمرانية غيرت شكل معظم المناطق بالسودان.. قدم المغتربون الأوّل بحسن خلقهم وصحيح تربيتهم وبفطرتهم السليمة و(دون قصد منهم) أدواراً دبلوماسية وجهوداً شعبية لا تقدر بثمن إطلاقاً لترتبط الشخصية السودانية بأفضل الصفات وأنبلها عند كل من نال شرف التعامل مع السودانيين في (بلاد الله الواسعة).!!

* الحقيقة المرّة أن الواقع الآن تغير والأشياء لم تعد هي الأشياء.. وسيئ الحظ الآن من يقع في قبضة التعامل مع سوداني (إلا من رحم ربي).. الصورة الذهنية عن السوداني والانطباعات التي غرس رعيل الاغتراب الأول أوتادها في باطن الأرض تبدلت تماماً، ونحن بدلاً عن مواجهة الحقائق بالتدقيق في (السيرة الذاتية) للمسافرين وحسم المتفلتين والمشوهين والعابثين نتخندق للدفاع بـ(المكابرة).!!

* صفقنا لأنفسنا والعنزي يكتب: (.. ندرك لماذا يبحث علية القوم عن مرافقين وطباخين وسائقين من السودان، لأن السودانيين أكثر مقاومة لإغراءات النفس، وأقل جرأة على الانخراط في المؤامرات والخيانة، وأكثر الناس حفظاً للأمانة والأسرار، وأكثر الناس حفظاً للود ونظافة اللسان والملبس)، والآن ينبغي أن نراجع سيرة بعض أبناء بلدنا بالخارج، ونكف قليلاً عن التصفيق، فقد اتسعت رقعة خطر الدجل واستشرت أورام النصب السرطانية وامتدت مساحة الحريق .

نفس أخير

* كيف تغطي الصورة صورة

(تاريخنا) داك يا (شعب) كلو

يبقى ماضيك بالضرورة .!!

[/JUSTIFY] [/SIZE]

ضد التيار – صحيفة اليوم التالي

تعليق واحد