احمد دندش

فكّ البنج.!


[JUSTIFY]
فكّ البنج.!

والعلاقة ما بين كرة القدم والفن تتجلى خلال السنوات الاخيرة الماضية، وعبارة شهيرة كانت تتجول ما بين المدرجات تلتقطها الساحة الفنية اليوم وتجعلها رمزاً لها وهي عبارة (الصاعد هابط)، تلك المفردة التي كانت تطلق على الفريق الوافد حديثاً لدرجة أعلى من حيث الترتيب، بحيث تتنبأ لذلك الفريق بـ(هبوط) سريع، ولو كرة (الكوتش والجمهور).
واليوم تنتقل ذات العبارة لتصل إلى الوسط الفني بحيث صار كل فنان شاب (صاعد) حديثاً إليها، هو (هابط) في مستوى الاغنيات وفي نمط الاطلالة، وهو أمر محير أن يبدأ الفنان الشاب حياته الفنية ومسيرته الإبداعية بأغنية (هابطة) تسهم في إغراقه داخل مستنقعات النسيان قبيل أن يتعرف عليه الجمهور عن قرب، وقبل أن يصل صوته حتى إلى المستمع الكريم.
وفنان شاب في منتصف العشرينات يطرق باب شاعر (نص كم)، ويطلب منه أن (يفصل) له أغنية تعبر عن خديعة تعرض لها من المحبوبة، فيبتسم الشاعر (النص كم) ويبدأ بقراءة بعض الابيات الشعرية (المنجورة) على أذني ذلك الشاب (الموهوم)، والذي يظل يقطب حاجبيه بهدوء ويتأمل في تلك الابيات وكأنه يجالس نزار قباني (بشحمه ولحمه)، ولايدري أن مثل تلك الاغنيات لاترقى لمستوى التفكير في مضامينها بقدر ماترقى لمستوى (السترة) و(لمليم البشاتن)-على حد تعبير الشاعر الفذ محمد طه القدال-.
وآخر يستمع لنصيحة (ملغومة) من رفيق له مفادها: (يااخوي..فتش ليك عن أغنية تضرب السوق..شوف ليك حاجة مهججة كدا وكلماتا غريبة شوية كدا)..ويستمع ذلك (الابله) للنصيحة فيعتكف داخل غرفته الفوضوية لاسابيع قبل أن يخرج ويردد على الملأ: (حبيبتي الشينة المشققة كرعينا…خلتني وفاتت…وقلعت دبلتي من ايدينا)..!!..و….تتساقط عليه الاشادات في اليوم التالي من (اصدقاء السوء) وحارقي البخور و(هتيفة الرداءة والابتذال) حتى يظن انه اصبح فناناً يقارع (الكابلي) في ترانيمه..وينافس (ود الامين) على شعبيته.!
شربكة أخيرة:
على كل موهوب يود اقتحام الساحة الفنية في مقبل الايام ان يعلم ان اثارة الانتباه عبر (الاغنيات الرخيصة) يشابه إلى حد كبير (مسكنات الالم)، فهي ذات مفعول يزول بعد فترة وجيزة، بحيث يصبح الامر شبيهاً بحالة (الادمان)، والانتقال من اغنية (هابطة) لأغنية اكثر (سفوراً)، ليس لشيء، ولكن لكيلا (يفك البنج).!
[/JUSTIFY]

الشربكا يحلها – احمد دندش
صحيفة السوداني