مقالات متنوعة

عرمان فصل بينهما يا غندور!!


عرمان فصل بينهما يا غندور!!
الوساطة الإفريقية إما إنها غير مؤهلة لإدارة عملية حوار بين طرفين، وإما إنها جزء من المؤامرة التي تنسج خيوطها القوى الاجنبية ــ وسنحكي علاقة المؤامرة بالتفاوض هذا ــ واما انها تريد ان تسلي نفسها بمشكلة السودان. طبعا موضوع التسلية دعونا منه هنا – اما عدم أهلية الوساطة لإدارة الحوار، فيوضحها تجاوزها لمرحلة مهمة قبل انطلاق جولة التفاوض، وهي مرحلة الحصول على التزام من الطرفين بألا يتطرقو الى ما لا تتضمنه أجندة التفاوض التي تحدد من قبل هذه الوساطة، فهل حددت طرق قضية دارفور في منبر أديس ابابا؟!
والخسارة التي يمكن ان يتكبدها قادة حركات دارفور اذا ما ربطت أو أذيبت قضاياهم في المفاوضات بين الحكومة والحركة الشعبية، سنتحدث عنها ايضاً.
الوساطة لم تعرض علي الطرفين طرح قضية دارفور وقضايا كل البلاد في طاولة مفاوضات اديس ابابا. نعم لم تعرض لكن قطاع الشمال بلسان عرمان يريد ان يفرض ما يريد حتى على الوساطة، والوساطة تواجه انهيار جولة التفاوض إن هي رفضت. اذن هي لم تحسم الأمر قبل انطلاق الجولة.. إذن هي غير مؤهلة لذلك. وبروفيسور غندور يسخر من عرمان ويقول إنه تحدث عن كل قضايا البلاد ولم يتحدّث عن قضايا المنطقتين. إذن عرمان في هذه الحالة يتفق مع الحكومة في الاتجاه المعاكس… أي أن يكون المنبر لكل قضايا السودان ماعدا المنطقتين، وهنا نضمن ان يكون امر المنطقتين محسوماً بمنطق سخرية غندور. وعرمان دعه بعيداً يا اخي عن قضية المنطقتين فهي لا تخصه.. لا تخصه. دعه يتحدّث عن مشروع الجزيرة ويأتي لمشكلته بحل سحري اذا كان يملكه، ولا يكون كل الأمر اصطياداً في ماء قضية المشروع العكر والأكثر عكراً من الماء الذي يحمل الطمي ويتسبب في انسداد قنوات الري ويتولد من ذلك العطش. فمن اديس ابابا لا تأتي حلول مشكلة مشروع الجزيرة محمولة في يد ياسر عرمان، وانما تأتي تحملها مياه النيل الأزرق بعد ان تعبر مستقبلاً من سد النهضة الذي سيوفر على الدولة عشرين مليون دولار كانت تنفق لمواجهة مشكلات وآثار الطمي.
اما قضايا دارفور فإن عرمان لن يكون اكثر اهتماما بها من ابناء دارفور هنا في السلطة، وعرمان لعله يحاول تبني خط حركة العدل والمساواة التي تتحرك في ميدان الحرب بوقود قبلي، لكنها تتحدث عن قضايا السودان. فهي ليست جناحاً عسكرياً لحزب المؤتمر الشعبي كما تحلل الحكومة، وإنما المؤتمر الشعبي هو الجناح السياسي لها، ليضمن لها الطلاء القومي. ولا يمكن ان يكون حسن الترابي هو القائد الأعلى لقوات العدل والمساواة.. لا يمكن طبعاً.. لكن الحركة تريده زعيماً لجناحها السياسي «المؤتمر الشعبي». والطرح يكون قومياً في أية عملية تفاوض مستقبلية. وهذا ما يتبناه الآن عرمان، وهذا ما يحقق له شخصياً الكسب السياسي، فهو لا من المنطقتين «جنوب كردفان والنيل الأزرق» ولا من ولايات إقليم دارفور الخمس. وهذا ما يسبب له الحرج السياسي البالغ حينما يكون التفاوض حول قضايا المنطقتين.. وتضاف اليهما دارفور. وعرمان اذا كان منذ فترة يتحدّث عن ربط قضايا دارفور بقضية المنطقتين ــ ومن أجل هذا كان حلف الجبهة الثورية ــ فهو يريد ان يصل الى ضم حتى قضية بقية الاقليم الاوسط الى منبر اديس ابابا. وكذلك قضية الإقليم الشمالي التي يشار اليها بتعويضات لمن تبقى من المناصير المتأثرين بسد مروي، ومشروع سد كجبار.. الدواء التنموي الذي يرفض تناوله الكثير من ابناء المنطقة بعدم علمهم بانعكاساته الايجابية مستقبلا حتى ولو كان مرّاً مثل أي دواء. والحكومة تعجز عن ان تقدمه لهم حلواً مثل دواء الأطفال ممزوجاً بمحلول السكر. ولكن السؤال الأهم.. هل وافقت القوى الاجنبية على ان يدخل قطاع الشمال التفاوض جاداً ويصل مع الحكومة الى تسوية سياسية وفدية أمنية تنهي التمرد والحرب من جانب الحركة الشعبية في جنوب كردفان والنيل الأزرق، وتبعد جوبا بموجب الاتفاق حركات دارفور وتغلق معسكراتها في جنوب السودان؟! هذا هو السؤال. اما عرمان فله دور مربوط بالإجابة عن هذا السؤال. اذا كانت الاجابة «نعم» لما تطرق الى كل قضايا البلاد وترك قضية المنطقتين في منبر تفاوضي خصص لها، وسخر بروفيسور ابراهيم غندور. دعونا من الوساطة وثامبو أمبيكي فهذا ضرع ميت لا يدر لبناً.. إن واشنطن هي الضرع الحي الممتلئ بلبن الحل.

الكاتب : خالد حسن كسلا
الحال الآن – صحيفة الإنتباهة