نجحت العملية وتوفي المريض

بعض نخبنا السياسية قد بلغ بها اليأس درجة تبني وصفة البصيرة أم حمد.. التي قالت بذبح العجل ثم كسر الجرة فخسر القوم الجرة والعجل.. فبعض هذه المجموعات التي ظلت ترفع راية إسقاط النظام لربع قرن من الإنقاذ.. كأني بها الآن.. وهي تعيش عمر اليأس النضالي السياسي.. قد أخذت برؤية البصيرة أم حمد على ألا سبيل لإسقاط النظام إلا بإسقاط الدولة السودانية.. ومن ثم هيكلتها على أسس جديدة يحيث تغيب كل ملامح الدولة القديمة وموروثاتها ومن ثم يؤتي بأطروحة السودان الجديد!! دولة الحريات اللامتناهية التي ليلها كنهارها!!
لا تحتاج إلى عبقرية ولا لمعاهد دراسات استراتيجية لتكتشف من خلال ممارسات الحركات الإثنية التحررية والجبهات الثأرية.. بأن سقوفات القوم النضالية تتسع إلى حد إسقاط الدولة برمتها وإحراقها وفق رؤى جهنمية لا تبقي ولا تذر. وما المفاوضات الماراثونية التي لا نهاية لها إلا وسيلة لشراء الوقت ريثما تتهيأ الظروف المناسبة.. لتنقض هذه المجموعات الثورية على الدولة السودانية، فتجعل عاليها سافلها وتمطرها بحجارة من سجيل !
ولهم أسوة ولنا عبرة في ما يحدث الآن في اليمن الذي لم يعد سعيدا.. انكسر المرق واتشتت الرصاص وانهد الركن الكان بلم الناس.. لقد سقطت الدولة اليمنية وسقطت مؤسساتها بما فيها المؤسسة العسكرية من جيش وأجهزة شرطية.. أما عن المدن فحدث ولا حرج، فهي تتساقط كأوراق الخريف يوما بعد يوم في يد جماعة عبدالملك الحوثية المذهبية الاقصائية !!
على أن علامات سقوط الدولة اليمنية وحيثيات انهيارها كانت موجودة في تراجع سلطات وهيبة المؤسسات الرسمية لصالح القبيلة والإثنيات والمذهبيات والجهويات.. فضلا عن انتشار السلاح بصورة مرعبة في يد كل الجهات وبمختلف الأشكال والأنواع.. لدرجة أن القبيلة هناك امتلكت الراجمات والدبابات والأسلحة الثقيلة و.. و.. يفترض أن تستفيد بلاد النيل والشمس والصحراء والحركات المسلحة من تجارب اليمن وليبيا والشام.. فمهما كانت الضغوطات التي تمارس على طاولة المفاوضات والحكومات.. فيجب أن نتمسك بقيمة أن يكون سلاح الدولة واحداً وبيد الجيش الواحد الموحد.. فهذا وحده يمثل صمام أمان لتماسك الدولة السودانية.. على أن وجود جيشين في دولة واحدة هذا يعني حرباً مؤجلة لا محالة.. لهذا ظللنا نراهن على نجاح المفاوضات ووقف الحرب بدعم القوات المسلحة وتمكينها من أداء واجبها ودورها.. فهنالك ثمة علاقة مباشرة ببين عمليات فرض هيبة الدولة وخضوع الجميع إلى قوة القانون بدلا عن قانون القوة.. وبين علاقة سير المفاوضات على طاولات أديس أبابا وأخواتها من الدوحات.. فبإمكان المفاوضين أن يتذوقوا طعم هيبة جيشهم وقوة دولتهم وهم على طاولاتهم التفاوضية على بعد آلاف الهكتارات !!
سادتي نحن لسنا بحاجة إلى حتمية مفاوضات على شاكلة حتمية (نجحت العملية ولكن قد توفي المريض).. إذ لا فائدة من مفاوضات ماراثونية على ظهر هذا الجسد المنهك الذي لم يكن بمقدوره تحمل المزيد من العمليات الجراحية.. إذ لا أعرف موقعا في هذا الجسد العليل وإلا به طعنة رمح أو ضربة سيف!
لم تكن سلامة الدولة هي غاية كثير من الذين يذهبون إلى طاولة المفاوضات والذين لم يذهبوا ولن يذهبوا.. وكانت الأحزاب في سابق الأزمان تمتلك من الخلق والمثل ما يعصمها من الانزلاق إلى درك تفكيك بنيان الدولة.. فخلف من بعدهم خلف يخربون بيوتهم بأيديهم وبأيدي المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية!!
[/JUSTIFY] أبشر الماحي الصائمملاذات آمنه – صحيفة اليوم التالي
[EMAIL]Malazat123@gmail.com[/EMAIL]
(( فيجب أن نتمسك بقيمة أن يكون سلاح الدولة واحداً وبيد الجيش الواحد الموحد.. فهذا وحده يمثل صمام أمان لتماسك الدولة السودانية))……أؤيد طرحك بأن يكون سلاح الدولة واحداً وبيد الجيش السوداني الموحّد، على أن لا ينتمي الجيش لأي جهة حزبية ويكون جيشاً قومياً سوداني الهوى والهوية كما كان عهدنا به منذ الإستقلال ،فتحزيب القوات النظامية و( إنتمائها) لأي حزب أو جهة مُعينة ينفي عنها صفة القومية ، لذا لابد من عدم تحزيب القوات النظامية وفرض قوميتها للسودان فقط.