عثمان ميرغني

فساد لاند

[JUSTIFY]
فساد لاند

أمس نشرت الصحف خبراً ربما لم يلفت انتباه الكثيرين.. ولاية الجزيرة أخيراً- تنزع أراضي (دريم) من المستثمر المصري الدكتور أحمد بهجت.. وربما مع كثرة أخبار النزع والمنح لم يكن الخبر كافياً لجذب انتباه القراء.
في العام 2009 كتبت تحقيقاً صحفياً استقصائياً من عشر حلقات نشرته صحيفة (التيار) يتناول قصة مشروع (دريم لاند).. وكان عنوان التحقيق الصحفي (فسادلاند)..
في ثنايا المعلومات التي غصت فيها كانت تبدو صورة قاتمة للغاية لمستقبل الاستثمار في البلاد.. خلاصات التحقيق تكشف أن العقلية الرسمية تعتبر (المستثمر الأجنبي.. متهم حتى تثبت إدانته) وربما العقلية الشعبية أكثر تزمتاً في هذا الاتجاه أيضاً.. وما إن يبدأ المستثمر في التخطيط وتنفيذ أي مشروع حتى تتأهب كتائب كاملة لنصب الأكمنة لإيقاع الصيد الثمين.. منصات تطلق الصواريخ على المستثمر من كل اتجاه.. حتى آخر قطرة من صبره أو ماله أيهما ينفد أولاً.
المصلحة العامة التي يستفيدها الوطن والمواطن غائبة تماماً.. والتصويب الدقيق على جيب المستثمر والاجتهاد في تحصيل الرسوم والجبايات وإفراغ جيوبه هو الهدف الأسمى.. وللأسف ربما هو المعيار الذي يقاس به نجاح الاستثمار في بلادنا.
أحمد بهجت هو أحد كبار رجال الأعمال في مصر.. ورئيس الغرفة التجارية في الجيزة.. وإضافة للمصانع والشركات والعقارات الممتدة داخل وخارج مصر يملك قناتين فضائيتين (دريم).. وصحيفة (المصري اليوم).. كانت إمبراطوريته هذه كافية لتقديم أفضل صورة عن الاستثمار في السودان والترويج له.. وتقديم نموذج جاذب جداُ لكل المستثمرين العرب.. لكن كل الرياح كانت تدفع عكس ما يتمنى الربان.. بدأ مشروع في العام 2002.. وكان يتوقع أن يفتتح أكبر مدينة بأحدث مواصفات في السودان خلال سنوات قليلة.. ربما في العام 2005.. وبدلاً عن ذلك وجد نفسه في متاهة.. الحكومة تمنحه الأرض ثم لسان حالها يقول له: (شد حيلك مع أصحاب التعويضات).. ويظن بهجت أن مسلسل التعويضات فيه (حلقة أخيرة) فيبدأ في السير فيه ليكتشف أنه بلا آخر أو أخيرة.. ما إن يغلق باباً حتى ينفتح له ألف باب.. للدرجة التي جعلته يوقن أنه حتى المال لا يكفي لسد باب التعويضات لأنه مفتوح على بئر ليس لها قرار.
ألف صياد ينتظر فريسة واحدة.. التي لما أعياها الإفلات استسلمت لمصيرها المحتوم.. حتى وافاها الأجل المحتوم أمس بما نشرته الصحف من خبر نزع أرض (دريم لاند).
والمثير للدهشة والضحك معاً.. مشروعات قامت على مبدأ (من جاه الملوك.. نلوك).. على سمعة المشروع الذي لم يرَ النور قامت مخططات أخرى أُطلق عليها (تسويقياً) أيضاً نفس الاسم (دريم لاند) وهي لا (دريم) ولا يحزنون.. لكنها انتحلت الاسم التجاري وباعت حتى الثمالة.
كنت أتمنى قبل أن يصدر المجلس التشريعي لولاية الجزيرة قرار نزع الأرض.. أن يحقق في القصة.. قصة (فسادلاند)..!!
[/JUSTIFY]

عثمان ميرغني
حديث المدينة – صحيفة التيار
[Email]hadeeth.almadina@gmail.com[/Email]