عثمان ميرغني

عرمان.. و(داعش) السودانية!!


[JUSTIFY]
عرمان.. و(داعش) السودانية!!

الأستاذ ياسر عرمان بعد إسدال الستار على الجولة السابعة من مفاوضات أديس أبابا بين الحكومة وقطاع الشمال.. اختار هذا التوقيت ليفجر مفاجأة جذبت الأنظار.. ياسر أعلن أن الحركة الشعبية لقطاع الشمال تطالب بحكم ذاتي لإقليمي جبال النوبة، والنيل الأزرق.
حتى هنا ربما ليس في الأمر ما يثير العجب.. لأن الحكم الذاتي هو ضرب من النظام الفيدرالي بسلطات أوسع.. لكن المفاجأة كانت في حيثيات هذا المطلب.. والتي نطق بها لسان ياسر عرمان في حواره مع البي بي سي الأخير..
أرجع ياسر أسباب المطالبة بالحكم الذاتي إلى (الخصوصية الثقافية للمنطقتين، ولأن غالبية المسيحيين في السودان يتركزون فيهما).
بعبارة أكثر دقة واختصاراً.. إن الثقافة والدين أصبحا عامل تمييز وفرقة لا مساواة ووحدة.. وعليه ستجد (داعش) السودانية مرافعة جاهزة لإصدار (البيان رقم واحد).. الذي يعطيها الحق في (إمارة السودان) بالحدود التي ترسمها هي من منطلق ديني أيضاً.. هذا مؤشر خطير للغاية..
ومع ذلك من الأجدر أن نسأل ما هي المشكلة؟؟، قبل أن نطلب الحل.. هل المشكلة في التعايش الديني والثقافي بين مكونات السودان الكبير.. فيصبح الحل هو تخطيط مناطق ملونة بألوان الثقافات والأديان.. هل يحل ذلك المشكلة؟؟.
المشكلة سادتي- هي في منهج التفكير السياسي في السودان.. يستوي في ذلك الحاكمون والمعارضون في كل العهود السياسية.. هناك أزمة في منهج التفكير السوداني أورثتنا كل هذا الخراب والدمار الشامل..
في سياق إعدادي لتحقيق صحفي (يبدأ نشره ابتداء من غد الأحد) راجعت عدداً هائلاً من الصحف السودانية منذ ما قبل الاستقلال.. منتهى الإثارة ومتعة الدهشة أن أخبار تلك الصحف ومقالاتها تصلح للنشر اليوم لتحكي عن ذات حالنا.. وكأنما الزمان ما تحرك قط يوماً واحداً في هذا السودان العجيب.. نعيد ونكرر أخطاءنا بمنتهى الحرص على دقة الخطأ.. حتى تحولت أخطاؤنا إلى خطايا تدلّ على منهج تفكيرنا المعوج.. هناك أزمة حقيقية في لبّ الدماغ السوداني..
كل الأحزاب السياسية حكمت السودان.. كل الأحزاب عارضت.. ومع ذلك كل الأحزاب ارتكبت في الحكم ذات الخطأ.. وفي المعارضة أيضاً..
الأحزاب في حالة كونها معارضة تطالب بكل ما تنكره وتتنكر له وهي حكومة..
اخترت في هذا التحقيق (عشر مخازٍ سودانية)، هي مجرد أنموذج قوي لا يقبل الجدل يبرهن على الخلل في منهج تفكيرنا السوداني.. سوف تدهشكم هذه النماذج كونها في مختلف المجالات.. وفي مختلف الحقب السياسية.. لكن مع ذلك يجمع بينها (غباء) بل و(أنانية) سياسية وشخصية ممعنة في السوء والفساد.
من المحزن جداً أننا لا نعتبر من الماضي.. رغم أن الماضي لا يزال يعيش بيننا بكل عمائله.. ومن المحبط أنه لا يظهر حتى الآن- بريق ضوء في آخر نفق ظلامنا السياسي
[/JUSTIFY]

عثمان ميرغني
حديث المدينة – صحيفة التيار
[Email]hadeeth.almadina@gmail.com[/Email]