مقالات متنوعة

الهجرة غير الشرعية والأخطار الصحية

الهجرة غير الشرعية والأخطار الصحية
ما قامت به محلية الدبة أو بالأحرى مواطنو الدبة يكشف أهمية قيمة النفير في المجتمع الذي عندما يكون حيّاً مُعافى فاعلاً بوجود من يحرّكونه ويستنفرونه لفعل الخيرات أمراً بالمعروف ونهياً عن المنكر فإنه يحمي نفسه من الأضرار والأمراض وكافة مُنغّصات الحياة بل وينهض ويتقدَّم ويتطوَّر.

أقول هذا بين يدي الخبر المُخيف الذي تداولته وسائط الإعلام عن قيام محلية الدبة بإخلاء نحو ألفي إثيوبي بعد فحص معملي عشوائي طال عدداً منهم تبيّن من خلاله انتشار مرض الإيدز والكبد الوبائي بينهم، وهما من أشد الأمراض القاتلة فتكاً وقابلية للانتشار والعدوى.

يقول الخبر إن إحدى العينات العشوائية أثبتت إصابة ستة أشخاص بالكبد الوبائي واثنين من المصابين بالإيدز من بين 15 إثيوبياً، وهي نسبة مخيفة بكل ما تحمل الكلمة من معنى.

إنه إنذار خطير ورب الكعبة في بلاد تُقدَّم فيها الإعتبارات السياسية على كل شيء حتى ولو كان مُتعلقاً بصحة الشعب وسلامته من الأمراض وأعني بالإعتبارات السياسية مجاملات السياسة الخارجية والعلاقات الدولية.

الهجرة من جوارنا الشرقي والجنوبي لا تخضع لأي كوابح فعَّالة، فقد انفتحت بلادُنا على مصراعيها بحدودها المشرعة لكل من هبَّ ودبَّ، وفشلنا في الحد من الهجرة غير الشرعية، كما فشلنا في أخذ التحوطات الصحية التي يمكن أن تحصِّن المجتمع من الأمراض.

يكاد لا يخلو بيت في الخرطوم الكبرى من عمالة أثيوبية وأجزم أنه لا أحد إلا من رحم ربي يُخضِع الشغَّالة الأجنبية للفحص قبل أن يدخلها على أطفاله، وحدثني أحدهم أنه في مناطق التعدين العشوائي يوجد آلاف مؤلفة من الأثيوبيات اللائي يمْتهنَّ بيع الشاي نهاراً ومهناً أخرى أخطر وأشد فتكاً ليلاً!

أما الهاربون من جحيم الحرب الأهلية في دولة جنوب السُّودان فالأخبار تترى أنهم يدخلون إلى الولايات الحدودية مثل النيل الأبيض وجنوب كردفان وسنار بالمئات يومياً، وقد أعلنت السلطات الرسمية أن العدد المرصود لديها من لاجئي جنوب السُّودان بلغ 205 ألفاً، أما غير المرصود فإني لا أشك في أنهم تجاوزوا المليون!

طالبنا مراراً بأن يُعهد بالهجرة غير الشرعية إلى جهاز مركزي تكون معالجاته واجراءاته موحَّدة بدلاً من إيلاء الأمر إلى كل ولاية على حدة، ذلك أن انفعال الولايات بالأمر وآلية التنفيذ والسياسات المُقررة تختلف من ولاية إلى أخرى، ولكن نداءاتنا ذهبت أدراج الرياح.

أما حالنا الصحي فحدِّث ولا حرج، فبالرغم من الجهد المبذول من بروف مأمون حميدة في نشر المستشفيات والمراكز الصحية حتى تكون قريبة من سكن المواطنين، فإن اجراءات مكافحة الأمراض تعتبر صفراً كبيراً. فها هو مدير معمل استاك دكتور بابكر إسحاق يدق ناقوس الخطر حول ارتفاع الحُميات النزفية المجهولة في الضعين والمجلد والفاشر وكسلا وامتلاء مستشفيات الخرطوم بالحُميات النزفية مع عدم وجود معامل مؤهلة للتعامل مع مرض الإيبولا القاتل.

في ذات الوقت فإن نصر الدين شلقامي رئيس جمعية حماية المستهلك التي يُشكر لها تزايد نشاطها في الآونة الأخيرة حذَّر من انتشار المطاعم غير الصحية في معظم أحياء الخرطوم بصورة مزعجة والتي قال إنها توفر أغذية متدنيَّة النوعية في ظل غياب كامل للأجهزة الرقابية، مُضيفاً أنه لا يخلو شارع في الولاية من مطعم أو اثنين!

لا يفوتني الجهر بتعليقٍ مبكٍ يقطع نياط القلب عن مطعم فينيسيا السياحي بأضوائه المتلألئة بشارع النيل، والذي تتحدث مجالس المدينة أنه رفض الانصياع لقرار السلطات الصحية إغلاقه لعلاقة صاحبه الأجنبي بشخصية سياسية رفيعة سمعتُ الرجل بأذنيَّ هاتين يتحدث عنها حديث المُعجب المُولَّه فما أتعسنا نحن الذين نأكل لحوم الحيوانات النافقة ليس من مطاعم (الله كتلا) الطرفية، إنما في قلب الخرطوم وفي مطاعم تملك سلطة رفض قرار السلطات الصحية!!!

عزيزى بروف مأمون حميدة.. أعلم أن فتوقنا قد اتسعت على الراتق كما أن أمر الهجرة غير الشرعية خارج نطاق صلاحياتك، أما الشأن الصحي فهو مسؤوليتك أمام الله والناس وأنت رجل مشهود له بالإنجاز، فهلاّ فعلت شيئاً لمعالجة أوجاعنا الصحية قبل فوات الأوان؟

القتال بين المسيرية!

قبل أن يجف حبر الاتفاق بين بطون قبيلة المسيرية (الزيود وأولاد عمران) والذي وُقِّع يوم الأربعاء الماضي في مدينة الفولة، انفجر القتال مجدداً في (كواك) بالقرب من مدينة (الدبب) والمؤسف أن القتال استخدمت فيه الأسلحة الثقيلة والرشاشات، ومات جراء ذلك عشرات القتلى بالإضافة إلى عدد كبير من الجرحى!

بالله عليكم ماذا أقول غير أن الصمت أبلغ من أي حديث؟!

الكاتب : الطيب مصطفى
زفرات حرى – صحيفة الصيحة