منى سلمان

طبيبي رسّل لي وأنا أفحص ليك

[B][SIZE=4][COLOR=darkblue]طبيبي رسّل لي وأنا أفحص ليك !![/COLOR][/SIZE][/B] حملت وأبي قبل سنوات، ابن شقيقتي الصغير إلى عيادة أحد كبار اختصاصيي الأطفال، وذلك أثر أصابته بحمى وتشنجات في ظهيرة أحد الأيام بعد أن تركته أمه معنا كالعادة وذهبت للعمل، كانت العيادة شبة خالية لقرب مواعيد انتهاء فترة العمل الصباحية التي عادة ما تكون بين التاسعة صباحا والثانية بعد الظهر .. كنّا آخر زبائن الدكتور الذي تفضل بالكشف على الصغير بعد أن شرحت له شكوى الصغير (الظاهرة وما دايرة ليها درس عصر) من إلتهاب اللوز، ولكنه تجاهل كلامي وكأنه أحس مني الرغبة في توجيهه، وانكب يكتب على ورقة طلب فحوصات لكل ما عرفه الطب من أسباب الحميّات والسهراجات (كيتا فيني) أو هكذا خيّل إليّ ظني السيئ !
فغادرنا مكتبه و(خشمنا عندنا) إلى المعمل المصاحب للعيادة لأخذ العينات، و في انتظار النتيجة جلسنا نتسامر مع المشرفة على المعمل والتي كانت للصدفة زميلة دراستي الثانوية، ولكن يبدو أن الطبيب قد (استعوقنا) لرغبته في المغادرة فحضر للمعمل يستعجل النتائج، وعندما لم يجدها جاهزة (توكل) وكتب لنا روشتة بمضاد حيوي وخافض للحرارة مش كان من أول ؟ وطلب منّا العودة بالنتيجة لمقابلته في المساء لزوم الإطمئنان وكده !
إلى هنا والأمر عادي بيحصل في المعادي، ولكن إستعجال طبيبنا منعه من انتظار خروجنا من المعمل، فإنزوى بزميلتي على جنب وتحدث معها برهة، بعدها تحركت هي لـ المكتب وسحبت منه دفتر وانحنت تجرد مع الطبيب عدد الفحوصات التي أجرتها خلال اليوم، ثم مالت على الدرج واخرجت رذمة من النقود حسبتها ثم سلمتها له فـ حشرها داخل جيبه و(توكل) خارجا !!
طوال حصول تلك الحركات كنت أكتفي بالمتابعة الشمارية بعينين مفنجلتين وفم شبه مفتوح، وقبل أن ينقشع غبار قدمي الطبيب قلت لزميلتي:
أماااانة الليلة ما تلّب من نظري زول .. حتى انت يا بروتس طلعت بتاع نسبة وتناسب ؟!
سبب حيرتي وإشمئناطي أنني كنت أحمل في دواخلي أحتراما وتقديرا للأخصائصي صاحب الأسم الكبير، لذلك كان شاكوشي فيه (صائم ما فطر) عندما علمت أنه يمارس عادة، كنت أحسبها لا تتجاوز كونها ممارسات صغار الأطباء في عيادات الهوامش والبلدات البعيدة عن العيون والظنون والمحاسبة، حيث تعقد إتفاقية تبادل منافع بين صاحب العيادة وصاحب المعمل، يلتزم الطبيب بإرسال كل مريض يدخل عيادته لإجراء فحوصات (بسبب أو بدونه) من المعمل، وفي نهاية اليوم يجلس الشريكان (غير المتشاكسان) لجرد حصيلة اليوم ليأخذ الطبيب نسبة مئوية من (حق الفحص) لكل رأس زول عيّان قام بأرساله للمعمل !!
ذكرتني هذه الواقعة بأخرى شبيهة حدثت معي، عندما جاءتني واحدة من بنات الجيران جمعت بيننا الجيرة والعشرة والملح والملاح، وكانت مهمومة بمستقبلي العملي وقتها .. جاءتني فرحة تنطط ببشارة حملتها وهي أنها قد حصلت لي على وظيفة العمر، وذلك لأن هناك طبيب طلب من صديقتها التي تعمل فنّية المعمل، أن تبحث له عن شريك مضمون من ناس المعامل ليدير المعمل في العيادة التي جهزّها في واحدة من حارات الثورة، وأنها قد رشحتني للطبيب عبر صديقتها فوافق مبدئيا وطلب منها أن أقابله في العيادة مساء ذلك اليوم ..
قابلت فرحتها بفتور وأخبرتها بعدم رغبتي في مواصلة العمل في هذا المجال، بالإضافة لمعلومة أساسية وهي أنني خريجة علوم كيمياء حيوية، وصلتي الوحيدة بالمعامل هي تخصصي في كيمياء الدم وبالتالي فأنا لا أصلح لـ (أمسك) لي شغلة ما بعرف فيها (سبحان الله)، ولكنها وبقية شقيقاتي دفعوني دفعا لأذهب معها وأشوف الحاصل لأن (كل حركة معاها بركة) .. ركبنا تاكسي قطع بنا الفيافي والقفار حتى كدنا (ندق) في جبال كرري، وكلما سألتها:
يختي ما قربّنا ؟ تجيبني بـ (بعد شوية كدي) !
حتى وصلنا للحارة (حدرش مية) وفي آخر صف من صفوف العمران وفي بيت ناصية يطل مباشرة على ساحة الوغى التي دارت فيها معركة كرري .. نزلنا ولسان جارتي يلهج بشكر المكان وقيافة العيادة .. دخلنا فوجدنا الدكتور (واقف في العيادة والصلعة تضوي مع الشهادة)، فأحسن استقبالنا وطاف بجارتي أرجاء (الموقع) وأنا في ذيلهم أعوّج في خشمي ذات اليمين وذات اليسار حتى انتهينا إلى المعمل ..
وبعد أن بح صوت الرجل في تعديد ما يمكن أن يقدمه المعمل الحديث من خدمات رغم أنه لم يكن يختلف عن معامل الضواحي وطرف المداين سوى أنه مقام في مبنى حديث التشيد ..
بدأت في الحمحمة وشرعت في طبخ إعتذاري تمهيدا لكب الزوغة فـ باغتني الرجل بالقول في تظارف ورشاقة شديدة:
عارفك حا تكوني متخوفة عشان المكان جديد من قلة الزباين وبعد المكان .. لكن ما تشيلي هم .. أي (patient) يجيني حا أشكّو ليك (ملاريا وبول فسحة) ده أقلّو .. طبعا الشغل بيناتنا بالنسبة !!!
تبسمت في دلاهة قبل أن أوكز جارتي وأهمس لها:
أمرقي شوفي لينا كارو نتخارج بيهو من الحتة دي يا وش المصائب !!

لطائف – صحيفة حكايات
munasalman2@yahoo.com

‫11 تعليقات

  1. المنينة النقية ..سلام واحترام وتحية

    اكيد الصورة دي موجودة بكثرة في الكثير من احياء بلادنا العزيزة … الموضوع بالتأكيد مرتبط باشياء اخرى ادناها الوضع الاقتصادي مرورا بالمستوى والبيئة التي درس فيها طالب الطب واخيرا وليس اخرا التدهور الكبير في مستوى القيم الفاضلة والتي كان يتدثر بها هذا المجتمع .. الذي تحلل وتمزق واخرج لنا صورا كالحات وقيما مقلوبة .. وظني ان لا عجب في كل ذلك … اذاكان هذا حال الشريحة او الطبقة المتعلمة اي التي يفترض ان تقود المجتمع هي بهذه السوقية فما بال الاخرين !!! قيسي على ذلك المستوى صعودا وهبوطا ستجدي كما تقولين شمارات ما ليها حد … ويا جاك سكري وضغط ورقدتي في بيتكم ..ولا لحقتي امات طه .. على قول البوني ..حفظك الله …

  2. ههههههههههههههههههههههه

    يخرب مطنك يخرب ضحكتك ، شوفتى يا المنينة جنس التجارة دى وقالوا دكاترة قال ديل سبابية اى سماسرة ولا علاقة لهم بالمهنة الملائكية – لكن يا المنينة لو رضيتى بالعرض الجامد دة كان الليلة بنيتى ليك عمارة ليها ضل وسيارتك لكزس او اوديو مش ركشة وكشحات مطر 😉 😉 😉 😉 😉 😉

  3. لك التحية هولاء أولاد كارك كما يقول اخوان الليل وهو فى الحقيقة مافى فرق كبير بين الناس الذين ياتون الينا ليلاً ويدخلون البيوت اما تم القبض عليهم أو الفرار كما قال الشايقى ( يا غرق يا جت حازمة) بس النصف الثانى هو نفس الاول الفرق يتم برضى المريض وهو يعرف مرضه أكثر من الدكتور وتقنى المعمل لان الحمى لا تفارقه ابداً كأننا لانصاب بمرض غير الملاريا والتايفويد والبلهارسيا الله يكون فى عونا ويمعتنا وأولادنا بالصحة والعافية وأن يجنبنا طعنات اخذ عينة الملاريا ….. وكاني بك يا اخت منى طلقت هذه المهنة بالتلاتة وضحت اولاد كارك .

  4. اختي المنينه بت عشه ام الرير اذا كانت وزيرة الصحه مافاضيه ليها من الضامن مع لابسة البنطلون وين وكيل الصحة زميلكم السابق تصريحات في تصريحات ما جايب خبر وهو يمكن من حال مسقط راسه يعرف الحال ولو ركب من الوزارة حتي الجزيرة يشوف العجب سيبي المعامل خليهو يغشي مثلا مثلا مثلا (ابوعشر ) الصيدليات تدار ليس لهم علاقة بالمجال الطبي تحياتي

  5. الاصيل اصيل يا المنينه
    تحياتى لكى و تشرفنا صورتك العاجبانا لانك اصيلة ما ذى ناس عديله (اظنك عرفتى عديله منو هى)

  6. تحياتي للاستاذه الكاتبه .. ما نمشي بعيد في مصر الشقيقه الفوق لينا دي بتصل درجة الاهتمام بي المريض من الطبيب المعالج لحد المتابعه التلفونيه و في معظم الدول الاوربيه اغلب الفحوصات المعمليه بتكون تبع الكشف بتاع الطبيب يعني ما في مجال للمتاجره .. غايتو في السودان للاسف ذمه مافي ولا في دكتور و لا كهربائي ولا سباك ولا في وزير…حسبنا الله ونعم الوكيل

  7. السلام عليكم استا\ه مني انا من اشد المعجبين بكتاباتك ولكني اراك هده الايام تشنين حمله ع الاطباء والمعامل وكانك تودين الانضمام الي ركب الصحفيين الدين يمسكون الامر من طرفه دي نسوان الحله ويتمو الباقي بما تجود به قريحتهم ع العموم انت ابعد ما تكوني عن الجهل ولكن هدا لايعني ان تكوني في موقف محاسبه او ان نحن عملنا لسنوات في مستشفيات بامكانك ان تقولي انها غير موهله تماما ولكن ليس معني دلك ان لا نقوم بواجبنا كنا لا ننام لمده 36 ساعه متتابعه حين يكون لديك مريض لا تستطيعين تركه هل احسست ولو للحظه باحساس العجز حين لا يحل الطب كل مشاكلك وحين تتسرب حياه انسان امامك وانت تفعلين كل ما بوسعك لانقاده هل في عز الليل استيقظتي وتركت ابنك الصغير مع الشغاله وعلي الله وهرعت الي المستشفي استجابه لندا احدهم هل تعلمين عدد الليالي التي تقضينها ساهره لا يداعب النوم اجفانك لانك عالجت شخصا ما وتنتظرين بلهفه ربما اكثر منه نتيجه ه\ا العلاج لن تفهمي ولا احكم هدا هو طبيب بلادي اتقوا الله فيه ولا تنسي اننا نعمل ان كان ع نقود الوزاره ال 500 ج لاحد جيعمل ولكننا نخشي الله وشي اخر حاليا انا اعمل في احد دول الخليج ويحدث من كلامك عن المعامل هنا مطبق بجزافيره من ان المعمل والعياده وحتي الصيدليه كلها تابعه للموسسه الصحيه سوا كانت مستشفي او عياده مع اختلاف الاخراج بالطبع وعلي فكره لم اهاجر من اجل النقود ولكن مجرد زوجه تتبع زوجها ولا يعجبني زلك الهجوم ع ابنا بلادي

  8. علي قولتك معاملنا الله يكون في العون والله لا يوريك البحصل فيها تصدقي في يوم من الأيام ذهبت بأختي التي كانت تشارف على الوضوع لمستشفى في ولايتنا لا أريد ذكر أسمه وفي مدينة مرموقة تاريخيا ومجننا بيها كانت المنارة في العلم وما أدراك ما العلم وبخت الرضا آل . طلب منا نقل دم وماشوفي إلا الخير رحت المعمل وجدت البياخد الدم هو نفسه أحوج منها للدم وأخذ دم من أهل مريض قبلنا وناوله لهم كأنهم جايبنه من البقالة عندها تجابنت بحس خلفيتي المتواضعة عن أمراض الدم المنقولة كالأيدز وغيرها الله يكون في عونكم يا أهل المرضى من هذه المعامل وكبيت الذوقة وحاتك ما جيت إلا بعد سماع الزغروتة الحمد لله وضعت دون حوجة لنقل الدم المطلوب من العدم

  9. استاذة منـى سليمان..
    لك التحية والاحترام وشكراً على صراحتك وتواضعك في كتاب الموضوع … بس للاسف دى مهنه انسانية اكثر من مهنه تكدس اموال وغنى …. وهم قله الذين يمارسوا تك الطريقة وزي ماتقولى كدى دكاترا الواسطة والشهادة البعد كبر في الدراسة .. يعني فات فيهم قطار ثقة الزبائن ….

    معليش لكن طبيبي باصي لي واباصي ليك .. دى في الصحافة مافي يعنـــي … حتى لكن بطريقة غير مباشرة في نفس المجال يعنـــي … :lool: :lool: