الصادق الرزيقي

البله السياسي


[JUSTIFY]
البله السياسي

> تتلاقى التطورات الإقليمية والدولية المتسارعة وخاصة إعادة تركيب المنطقة، وما يجري في شأننا الداخلي، من ناحية تلاقي الأهداف والمصالح بين القوى الدولية والأخرى في الإقليم، ومع ما تقوم به المعارضة وقواها المسلحة والمردوفة خلفها كحزب الأمة القومي وتنظيمات اليسار المتأمرك.
> ما يجري في أديس أبابا بين الحكومة وحركات دارفور من مفاوضات، ومن خلال مسار التفاوض في قضية المنطقتين، وانفضاض السامر في كليهما دون اتفاق على شيء، وما فهم من تصريحات رئيس وفد الحكومة في تفاوض المنطقتين أن قطاع الشمال يماطل ويلعب على حبال الوقت، يكشف حجم المأزق الذي يعيشه السودان كبلد عصي على الاستقرار وتحقيق السلام والأمن الطمأنينة لأهله، ولا يمكن التحقق والتيقن من ارتباط ما يجري في الإقليم والتوجهات الدولية وما يدور في أديس والمماطلات والتطويل المتعمد للمفاوضات، إلا إذا نظرنا بدقة إلى المرادات الأمريكية والصهيونية التي وجدت السودان هو البلد الوحيد في المنطقة العربية الناجي من ويلات الحملة الارتدادية العكسية للربيع العربي وتوابعه، فقد نجا من الانهيار والمصير الذي أصاب بلداناً ما كان يتوقع ما يحدث فيها.
> وحتى وقت قريب كانت بعض الدوائر الغربية تتوقع مصيراً مجهولاً وكالحاً للسودان، وكانت تنقل توقعاتها الخائبة لقطاع الشمال والحركة الشعبية في الجنوب وما تسمى الجبهة الثورية وحركات دارفور، بأن الحكومة في الخرطوم والنظام في طريقه للسقوط نتيجة الظروف الداخلية الضاغطة، خاصة الاقتصادية وحالة الاحتقان السياسي الداخلي والضغط الخارجي وما يتعلق بذلك في المحيط العربي، وقد حمَّلت السودان بعض الدول في المنطقة مسؤولية هبوب رياح الربيع العربي الذي تحول بقدرة قادر إلى رياح سموم عكسية أحالت عاليه سالفه.
> وتعلق قطاع الشمال بهذه القشة منذ بداية جولات التفاوض، على مظنة أن نظام الخرطوم ساقط لا محالة، والمسألة مسألة وقت لا غير، وللأسف صدَّق السيد الصادق المهدي وأطراف حزبه المتيبسة في أحلامها هذه الأباطيل والمزاعم، فلحقوا بقافلة تائهة في صحراء الوهم وما أكثره هذه الأيام، وصاروا نصيراً للقوى المستنصرة بالأجنبي وماله وسلاحه للوصول إلى السلطة.
> ومن أهم ما يلفت الأنظار، أن ركام المعارضة المتجمع هذه الأيام في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، لم يلتئم هناك بغرض التشاور والمناورة السياسية، لكنه موجود بالشحم واللحم والفؤاد ليكون الموسيقى التصويرية والخلفية الأخيرة للمرحلة القادمة المتوهمة التي تعيشها داخل سرابها قوى المعارضة وهي تلتقط كل إشارة تعطيها الدوائر الغربية المتمنية سقوط النظام.
> وقد حاول كثير من المراقبين إيجاد تفسير لوجود قيادة حزب الأمة وبعض التنظيمات الصغيرة المتقاربة في تناهيها الحجمي مع الأحياء الدقيقة تؤازرها أنواع من طفيليات العمل السياسي، فوجود هذا الركام في أديس أبابا على مقربة من المكانين اللذين تجرى فيهما المفاوضات حول المنطقتين ودارفور وقريباً من مساقط الأضواء، وذهب التفسير إلى أن الغرض هو محاولة الولوج والدخول في إطار الصورة والخوض مع الخائضين، ووضع صورهم على لوحة الإعلانات التي علقها السيد ثامبو أمبيكي على ظهر السودان.
> فالوافر من معلومات يشي بأن ترتيبات الأوضاع في المنطقة وهي متداخلة ومتمازجة، تضع السودان في سياقات أخرى ليست من بينها القوى التقليدية التي تتمسح بالحركات المتمردة وتريد مكاناً تضع فيه أقدامها، ورجل مثل السيد الصادق وبخبرته السياسية، لا يمكنه تصديق ترهات من الصعب حدوثها، ودائماً ما يختار ــ وهذا ديدنه ــ الدرب الآخر والخيار الخطأ أو الخيار الصفري كما يقول صديقنا د. خالد التيجاني.
> ومن يريد أن يفهم اتجاهات الأوضاع ومصائرها فلينظر كيف تفكر النخب العلمانية العربية المرتبطة بشؤون السودان وما يجري في المنطقة، فكلهم يتمنى اليوم الذي يختفي فيه السودان بواقعه الراهن ويخلفه سودان آخر تتسيد فيه القوى العلمانية السودانية الجديدة، ويُقتلع بلد بحجمه من جذوره وأصوله.
> فما يحدث فيه نوع من البلاهة السياسية لدى القوى التقليدية التي سلمت رقبتها لغيرها، ولا يهمها إن سقطت البلاد في الوحل أو حُزَّ عنق وطن كامل وسقط في هاوية الخراب.
[/JUSTIFY]

أما قبل – الصادق الرزيقي
صحيفة الإنتباهة