مقالات متنوعة
الحزب الرئاسي..!!
منذ وقت طويل بدأت ألحظ أن الحزب الحاكم في السودان تحول إلى حزب رئاسي.. المصطلح الغريب جادت به قريحة النائبة مثابة حاج عثمان عضو المجلس التشريعي ولاية الخرطوم.. مثابة كانت تلتمس العذر لقضايا حزبها الاتحادي الديمقراطي، التي يتم إرسالها إلى مولانا الميرغني في مقر إقامته في لندن.. آخر التوصيات التي طواها مولانا، ولم يبت فيها، كانت توصية من لجنة كونها للنظر في أمر المشاركة في الحكومة.. اللجنة أوصت بضرورة الانسحاب من الحكومة بأعجل ما تيسر.. زعيم الحزب الرئاسي لم يقل شيئاً.
شواهد تحول المؤتمر الوطني إلى حزب رئاسي، بدأت منذ فترة ليست قصيرة.. منذ أن تخلص الرئيس البشير من القيادة التأريخية، وبدأ يحكم بالجيل الثالث، أو ما يمكن- إصطلاحاً- أن نطلق عليه (أولاد البشير).. المصطلح يشير إلى الجيل الشاب الذي تسنم المسؤولية، ولم يكن حين بزوغ الإنقاذ شيئاً مذكورا.. فارق الخبرة والخلفية العسكرية للرئيس جعلت الحزب في النهاية يدار بروح التعليمات الصارمة.
من الشواهد أن المكتب القيادي للحزب الحاكم كان يستكمل نفسه بخمسة عشر عضواً.. الممارسة القديمة تحولت إلى قائمة يقترحها الرئيس، ولا تخضع إلى الجرح والتعديل.. آخر الشواهد ما أعلنه الرئيس البشير أنه لن يلتزم بالقائمة التي رشحتها قواعد المؤتمر في الولايات لتحديد المرشحين لمنصب الوالي.. أنفق المؤتمر الوطني وقتاً كبيراً، ومالاً كثيراً، ليختار خمسة مرشحين ليرفعهم إلى المكتب القيادي.. احترام الشورى يقتضي الالتزام بالخيارات القاعدية المتسعة جداً باعتبار أن الأمة لا تجمع على باطل.
قبل أيام ألمح الدكتور مصطفى عثمان رئيس القطاع السياسي بالحزب الحاكم أنهم لا يمانعون من تأجيل الانتخابات- إن عاد الإمام الصادق المهدي، وانخرط في الحوار الوطني- إبراهيم غندور نائب رئيس الحزب رحب بالالتقاء بالإمام في أديس أبابا.. حامد ممتاز الأمين السياسي شرع في التفاوض مع حزب الأمة.. أمس تبنى الرئيس البشير موقفاً جديداً يجعل المهدي عرضة إلى المحاكمة بتهمة التواصل مع حركات مسلحة.. كلمة الرئيس الفاصلة والحاسمة أنهت سياسة مرنة تم طبخها بعناية داخل المؤتمر الوطني.. تلك السياسات لم تكن خروجاً عن النص.. رغم ذلك لن يقوى سياسي رشيد في الحزب الحاكم على مخالفة الإرادة الرئاسية.. من هنا جاءت تصريحات الشاب ياسر يوسف الذي أكد أن الانتخابات لن تؤخر دقيقة واحدة.
بصراحة.. مواصفة الحزب الرئاسي ستضعف المؤتمر الوطني.. بدل أن يفكر الحزب بعقل الجماعة سيكون رهيناً لتقديرات رجل واحد.. قائد مطلوب منه أن ينظر في الاقتصاد، ويفتي في السياسة الخارجية.. بينما الجماعة تنتظر التعليمات، وتحديد الخط السياسي
الكاتب : عبد الباقي الظافر
تراسيم – صحيفة التيار