لا ناقة ولا جمل

> بُحَّت أصواتنا.. ونحن نقول ونصرخ كل يوم منذ البداية إن قطاع الشمال بالحركة الشعبية، ليس شريكاً في السلام ولن يكون، وغير راغب في إنهاء النزاع والصراع المسلح، فهذه مجموعة تتربح وتتكسب من دماء الأبرياء ومن هدير الحرب في جنوب كردفان والنيل الأزرق، ولا علاقة لها بقضايا وهموم أهل المنطقتين.. وتمثل الوجه الكالح للتدخلات الخارجية في الشأن السوداني.
> سماسرة الحرب والسياسة الذين يقودون قطاع الشمال، غير آبهين بتحقيق الاستقرار وإتمام التسوية السلمية التي توقف الحرب وتحرك عجلة التنمية وتوفر الخدمات لمواطني هاتين المنطقتين وتعويضهم ما فاتهم، وأبلغ دليل على ذلك ما انفضت به اجتماعات التفاوض وإعلان الوساطة الإفريقية رفع الجولة إلى يناير المقبل بعد تعثر الاتفاق على الأجندة التفاوضية.
> ففي الجولات السابقة كان قطاع الشمال يطرح قضايا محل خلاف تتعلق بالمنطقتين مثل وقف إطلاق النار المؤقت، والمطالبة ببقاء قوات التمرد كما هي لفترة انتقالية شبيهة بالترتيبات الأمنية التي تمت في نيفاشا، ومعالجة الجوانب الإنسانية بمرور الإغاثة عبر الحدود دون مراقبة أو تقييد، ثم التدابير السياسية التي تجعل من الحركة قطاع الشمال شريكاً في السلطة على غرار نيفاشا، لكن في هذه الجولة خرج علينا قطاع الشمال بمطالبات تعجيزية لا يجرؤ عليها حتى ألد أعداء السودان تطرفاً، وهي المطالبة بإلغاء الشريعة الإسلامية وحل الجيش والأمن وإعطاء الحكم الذاتي للمنطقتين، ويا للسخف!! لماذا لا يطالبون جملة واحدة بتصفية الدولة بكاملها وإعلان وفاة السودان ومحوه من الخريطة السياسية وشطبه من الجغرافيا؟!
> فمن يطالب بإلغاء الشريعة الإسلامية يصادم الشعب السوداني في معتقداته وهويته وتوجهاته واختياراته التي اختارها ورضي بها، فالطعن في عقيدة الأمة يعني ذهاب هذه الأمة وبطلان وجودها، ومن يطالب بحل الجيش والأمن يعني اعتماد وإقرار الفوضى العارمة التي ستضرب البلاد في طولها وعرضها، ولن يبق منها شيء، وسيكون السودان تحت رحمة الحركات المتمردة وشذاذ الآفاق بعد أن ينفرط عقد الأمن وتقع البلاد في هاوية الاضطرابات والعنف والتخريب والمجموعات الفوضوية التي ستقضي على الأخضر واليابس.
> هذه الدعوات والمطالبات المجنونة التافهة، لا تصدر إلا عن عميل رخيص لا قيمة له، همه تحطيم كل شيء أمامه وإشعال النار لتحرق وطناً بكامله وتحويله إلى برك من الدماء وقطع ممزقة وأشلاء من شعب وحطام من دولة!!
> قدمت مجموعة عرمان هذه المطالب ليس لنسف المفاوضات فقط، وإنما هدفها جر البلاد إلى مواجهات قادمة وتقطيع أوصالها وجعلها لقمة سائغة، وقصد منها تأسيس منطق جديد لفصل وقطع المنطقتين من السودان بتسويق فكرة أن مطلب إلغاء الشريعة يعني أن أهل المنطقتين لا علاقة لهم بالإسلام وهم ليسوا مسلمين، ولا بد من معاملتهم مثلما عالجت اتفاقية نيفاشا من قبل وضع جنوب السودان قبل انفصاله، مترافقة مع الحكم الذاتي الذي هو صورة مقربة لما كان عليه الجنوب قبيل ذهابه، أما حل الجيش والأمن فالقصد منه كما قلنا تصفية الدولة السودانية وإعلان انهيارها وتحرير شهادة وفاتها وإهالة التراب عليها.
> مثل هذه الدعوات يجب ن تواجه بقوة، ويجب أن يواجه كذلك كل حلفاء هذه الحركات المتمردة، فالأحزاب السياسية المعارضة التي وضعت أياديها على الأيدي الملطخة بالدماء والقابضة المال الحرام، يجب معاملتها بما يستلزم كما يعامل العدو المتربص والعميل المتلصص.
بين الأمين وكمون
> أثارت استغراب كثيرين المعركة في غير المعترك التي أشعل وقدح شرارتها السيد محمد الحسن الأمين عضو البرلمان ضد شركة «كمون» التي تدير الصالات بمطار الخرطوم، ومهمها حاولنا ان نجد سبباً ومبرراً للنار المستعرة لا نجد، فقد شغل الناس ما يُكتب ويُنشر في الصحف حول هذه القضية، خاصة أن طرفها رجل قانون وبرلماني كان عليه حصر هذه المسألة في مساراتها الصحيحة بدلاً من إطلاق سهامه على الجميع وفي كل اتجاه، وبإمكانه اتباع كل الوسائل القانونية وحقه كبرلماني في متابعة الملف الذي يظن أن فيه تجاوزات للقوانين بالطرق الصحيحة قبل اللجوء إلى الإعلام ووسائله، حيث تصبح الأمور في هذه الحالة مسألة رأي عام لا تتحقق من ورائها أية مصلحة في إيجاد الحقيقة ومعرفة أين يكمن الحق؟ فكلنا نعرف هذه الشركة وتعاملنا معها ونعرف نوع خدماتها التي تقدمها، ولا ينكر السيد محمد الحسن ذلك، وانتقدها بعضنا في السابق ولم تسلم من انتقادات الصحافة، لكن تحول الأمر إلى معركة شخصية لا ناقة للرأي العام فيها ولا جمل!!
> وللأسف اختار السيد محمد الحسن الطريق الخاطئ وزاد الطين بلةً أنه أطلق اتهامات جزافية طالت حتى الصحافيين، فكسب أعداءً كثر في قضية كان يمكن حصرها في إطار ضيق دون أن تتوسع دائرة لهيبها الذي أصابه هو نفسه ووجهت إليه الصحافة مدفعيتها الثقيلة، ومن الخطأ لرجل قانون وسياسة أن يبدأ معركته بهذه الطريقة دون أن يتأكد من معلوماته وأرض المعركة التي يختارها، وللأسف كثير من الذي ذكره لم يكن دقيقاً في تفاصيله ولا صحيحاً في كثير من وقائعه.. فإن كان هناك فساد وأخطاء فليذهب بها للقضاء وسيجد وقتها الصحافة أمامه إن ثبت ذلك.. أما أن يجرد سيف وحده ويقف شاهراً له في الطريق العام يهدد به من يشاء فسيجد الجميع ضده.
[/JUSTIFY]
أما قبل – الصادق الرزيقي
صحيفة الإنتباهة