مقالات متنوعة

قطاع الشمال.. الهروب من الميدان ومغازلة واشنطن


قطاع الشمال.. الهروب من الميدان ومغازلة واشنطن
فقط سؤالنا هو: لماذا أرادت واشنطن بهذا الموقف من قبل وفد قطاع الشمال؟!. وهل تظن واشنطن أن مجتمع جبال النوبة والنيل الأزرق يميزه عن مجتمع المناطق الأخرى ما يستوجب إلغاء القوانين فيه التي تحكم هذا المجتمع؟! الدستور والقوانين التي تحكم المجتمع السوداني كشعب واحد لا تفرق بينهم مثلما يفرّق الدستور الامريكي بين البيض والسود، أو بين الغربيين والشرقيين أو بين الوايت أنجلو ساكسون بروتستانت وبين غيرهم من المهاجرين مثلهم إلى بلاد الهنود الحمر سكان أمريكا الأصليين. وفي تلك البلاد استقر واستمر استعمار الانجلوساكسون مثل ما فعل البريطانيون أبناء عمومتهم في جنوب افريقيا ردحاً من الزمن والاستعمار الانجلوساكسوني يبقى هناك من مصلحة اليهود ودولتهم، فبعد اعلانها بعام واحد بدأ الدعم الأمريكي يتدفق عليها ويضرب بقرارات عصبة الأمم ثم الأمم المتحدة عرض الحائط.
ليقل عرمان ما يقول، فهو لن يستطيع أن يخرج من نص المؤامرة الأمريكية بتاتاً حتى ولو كانت لصالح اعادة الاستقرار في المنطقتين، فالخروج مرفوض، ويمكن أن يخرج هو ويأتي موظف مؤامرات غيره، فإن الراغبين كثر، ومنهم من ذهب ليوقع على «إعلان باريس».. و«نداء السودان».. وكل هذه الاتفاقيات لا تخرج عن كونها تنافساً بين المعارضين، بين مجموعة الصادق المهدي الليبرالية ومجموعة اليساريين التي يشرف عليها سياسياً فاروق أبو عيسى.
انهارت المفاوضات في أديس أبابا لماذا؟!..لأن قطاع الشمال بعد أن وقعت الحركة الشعبية عام 2005م مع الحكومة على بروتكول الترتيبات الأمنية وبروتكول المنطقتين، بعد كل هذا يأتي ويطالب بإلغاء الشريعة الإسلامية في المنطقتين التي بها نسبة مسلمين تصل إلى 95% «خمسة وتسعين بالمائة» ندونها كتابة حتى لا ينعكس الرقمان، أي تنقص من النسبة الكاملة 5% فقط. وإلغاء تطبيق الشريعة يعني واقعاً هناك إلغاء قوانين الأحوال الشخصية، فلا يكون الزواج على كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ولا يكون الطلاق بموجهات القرآن، وتفقد المرأة نفقة المتعة والعدة. ولا يكون الميراث بالصورة التي جسدت العدل المطلق، فتحتفظ المرأة «أماً كانت أو أختاً أو زوجة أو ابنة» بحقها الموروث، لكن الرجل مما ورثه معها ينفق عليها. أما اذا المقصود هو القانون الجنائي فليأتِ قطاع الشمال ببديل مكتوب ليطلع عليه القانونيون. أما حد السرقة فهو غير مفعّل بفهم فقهي طبعاً.. وهنا أسأل إذا اكتشف مثلاً عقار أو الحلو أو عرمان لصاً سرق ماله في الميدان، فهل سيكتفي بسجنه أم سيفرغ عليه الرصاص من بندقيته؟!
أما حل الجيش والشرطة والأمن تبقى المطالبة به مغنية عن المطالبة بإلغاء الشريعة الإسلامية، فبمجرد حل هذه الأجهزة القومية، لتتهيأ البلاد للحاجة لحماية الأمم المتحدة ومجلس الأمن، ولانعقاد الاختصاص للمحكمة الجنائية الدولية التي لا ينعقد لها الاختصاص إلا في دولة منهارة.. هذا إذا سلّمنا بشرعيتها القانونية وخلوها من الأجندة السرية اليهودية. والبصمة اليهودية فيها يظهرها طبعاً عدم طرق هذه المحكمة لجرائم القتل والمجازر اليهودية في فلسطين.
إذن إذا كان قطاع الشمال يطالب بحل الجيش الذي هزمه في الميدان والشرطة التي نظفت البلاد من أوكار الجرائم إلى حد كبير حتى لا يوجد مستقبلاً مخمورون يصوتون للحركة الشعبية جناح عقار وعرمان والأمن الذي يقدم شبابه تحت قيادة ضابط الجيش الكبير خريج الدفعة «29» اللواء ركن عباس قائد قوات الدعم السريع التي جعلت قطاع الشمال «يلولح كرعيه بعد ما نزل من الحمار». فكان عليه أن يكتفي بذلك دون أن يشير إلى الشريعة الإسلامية حتى لا يخسر أبناء المنطقتين الملتزمين المنضمين لأحزاب وجماعات وطرق صوفية لا علاقة لها بالمؤتمر الوطني، وما اكثرهم. لكنها الغشامة المعهودة في قطاع الشمال والتوتر الذي اصابه ومازال بعد مقتل قرنق وبعد انفصال الجنوب.
إن قطاع الشمال انهزم في الميدان تماماً ولم يبق له الا تحريض واشنطن على أعراف الشعب السوداني في كل المناطق وليس المنطقتين فقط. قطاع الشمال أفلس، وعجز عن تقديم الحجة للشعب، لذلك لجأ لمداعبة واشنطن رغم اليساريين فيه. إن الفتاة اليسارية أفنت شبابها في الفجور، وحينما هرمت وهي ملحدة طبعاً لا تعرف التوبة في الكبر، لجأت إلى البيت الأمريكي تدير شؤون الفتيات الفاجرات.

الكاتب : خالد حسن كسلا
الحال الآن – صحيفة الإنتباهة