الصادق الرزيقي

ثم ماذا بعد التقرير؟!

[JUSTIFY]
ثم ماذا بعد التقرير؟!

> يتوجب الحذر من التوترات التي سيجرها التقرير الذي قدمته المدعية العامة للمحكمة الجنائية لمجلس الأمن الدولي هذا الأسبوع، باعتبار أنه نقل الملف والقضية إلى خانة وحالة جديدة، ولم تطلب السيدة فاتو من مجلس الأمن فقط التدخل ومساعدتها في القضايا القديمة، بل طالبت بتحويل الأموال التي تخصص لتحقيقات جديدة في ما يدعي أنها مستجدات في قضية دارفور، لمتابعة تنفيذ مذكرات القبض السابقة ضد المتهمين الأربعة!!
> ورغم أن مجلس الأمن الدولي قد انقسم على نفسه في بيانات مندوبي الدول الخمس عشرة المكونة له، إلا أن بعض الجهات الدولية المعادية للسودان كما تفيد المعلومات تنوي تحريك الضغوط السياسية والإعلامية توطئة لاتخاذ خطوات أكبر في هذا الاتجاه، لكن الذي يجعل الموقف برمته في مرحلة السكون وخطوات التنظيم، أن المشاورات الدولية عندما تبدأ حول أي مشروع قرار وبيان من المجلس أو إجراءات جديدة، ستواجه بعقبات قد تجهض كل مكر الماكرين.
> وما يؤسف له أن العدالة الدولية التي تتباكى عليها الدول الغربية، عدالة غائبة وغير موجودة ويتم التعامل بها بمكيالين ومعيارين متناقضين، ففي الوقت الذي يتحدث فيه نائب المندوب الأمريكي في مجلس الأمن ويسيء للسودان ويتبجح بضرورة القبض على المتهمين وعدم إفلاتهم من العدالة ويصب جام غضبه على بلدنا، ويساند بقوة تقرير المدعية العامة للمحكمة ويقف مع إجراءاتها ويتحمس لها، تقف واشنطون في ذات الوقت موقفاً متناقضاً ومخجلاً ومفضوحاً ضد انضمام فلسطين إلى المحكمة الجنائية الدولية، وتحشد الإدارة الأمريكية وكل مؤسسات العمل الخارجي والمخابرات داخل الولايات المتحدة وتسخر كل علاقاتها الدولية لمنع الفلسطينيين من الانضمام للمحكمة، وكل ذلك من أجل سواد عيون إسرائيل، فأمريكا رغم الفظائع والجرائم البشعة والانتهاكات غير المسبوقة في تاريخ الإنسانية التي ارتكبتها إسرائيل في حق الشعب الفلسطيني وما اقترفته من مذابح وجرائم حرب موثقة ومعلومة ولا تزال مستمرة، فإنها تعمل ــ أي أمريكا ــ على منع انضمام فلسلطين، ولا تؤيد في هذه الحالة المحكمة وتخشاها، لكنها في حالة السودان تؤيد المحكمة بقوة وتزايد حتى على الدول الموقعة على ميثاق روما.
> هذا هو النفاق السياسي والأكاذيب والأباطيل التي تمارسها واشنطون ضاربة بكل ما تدعيه من نزاهة وإنصاف عرض الحائط، وتتبعها في ذلك الدول الأوروبية التي صممت هذه المحكمة ضد الإنسان الإفريقي لا لسواه، فالموقف من فلسطين وحالة إسرائيل بالنسبة للأوروبيين «بريطانيا وفرنسا» هو نفس الموقف الأمريكي!! ولا تستطيع هذه الدول أن تتحدث عن مصداقيتها ولا سلامة مواقفها ولا قيمها الأخلاقية المدعاة.
> والشيء الأكثر إثارة للدهشة، أن الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي وخاصة ذات العضوية الدائمة، كانت قد اتفقت في ما بينها في السابق منذ إحالة قضية السودان وقضايا أخرى للمحكمة الجنائية، على عدم المضي قُدماً واتخاذ إجراءات من قبل مجلس الأمن الدولي، وجرى شبه توافق بينها أن تظل الحالة على ما هي عليه دون تصعيد، والسبب في ذلك أن أسئلة كثيرة وملاحظات أُثيرت من بعض الدول الكبرى حول الأثر الذي تركته وصنعته هذه المحكمة على العلاقات الدولية والتأزيم الذي خلفته في التعاطي الدولي مع ملفات كثيرة وقضايا وأزمات لم يستطع المجتمع الدولي التوصل إلى حلول لها بسبب هذه المحكمة، وأنها قد أصبحت مشكلة وستجر إلى مشاكل أخرى.
> وكانت قوى كبرى داخل مجلس الأمن تتحدث عن أن المحكمة إذا ترك لها المجال وتمت مساندتها في بعض الحالات لأسباب سياسية، ستقوى ويمكن أن يمتد عملها وتحقيقاتها إلى دول أخرى حليفة، ويصعب حينها لجم المحكمة ووقف نشاطها.
> إزاء هذا الموقف كان يعتقد أن المحكمة ستقلل غلواءها وستكون أكثر تعقلاً.. لكن في حقيقة الأمر يبدو أنها ذهبت في الاتجاه المقابل، والأيام والليالي حبالى يلدن كل جديد!!
[/JUSTIFY]

أما قبل – الصادق الرزيقي
صحيفة الإنتباهة