مقالات متنوعة
الذكاء… للرجال نصيبٌ وللنساء
فماذا يعني أن يأخذ شخص في جزيرة مدغشقر بنتائج دراسة بريطانية اكتشفت أنّ الرجال أكثر غباءً من النساء. فالإضافة إلى عنصر المكان والظروف البيئية التي تختلف من منطقة إلى أخرى، هناك محددات ترتبط بنوع التغذية مثلاً وما يمكن أن يسهم فيه المجتمع ودور الفرد فيه وغيرها من الظروف.
اطلعت من قبل على دراسة تفيد بأنّ الرجال أكثر ذكاءً من النساء، ولكن لم تأخذني الغيرة من هذا التصنيف لأنّي بلا شك وبحكم متابعتي أنّه سيأتي يوم وتظهر دراسة أخرى تثبت العكس. وما دامت الخيارات بهذه الكثرة فللرجال نصيبٌ من الذكاء وللنساء أيضاً وكلٌّ يأخذ ما يرضيه.
اعتمدت الدراسة الأولى المناصرة لذكاء الرجال على أنّ تركيبة دماغ الرجال أكبر، فهم بالتالي أذكى. ثمّ جاءت دراسة أخرى مفندة لهذا الافتراض تقول إنّه بالرغم من أنّ دماغ النساء أصغر في حجمه من دماغ الرجال بنسبة 8% إلّا أنّ النساء قادرات على أداء أفضل في الاستدلال الاستقرائي وفي بعض المهارات العددية، وفي مراقبة ومتابعة المواقف المتغيرة، مع أنّ الرجال هم الأفضل في الذكاء المكاني. وفي نهاية الدراسة خلص الباحثون إلى أنّ دماغ المرأة قادر على إتمام بل وحتى التفوق في المهام المعقدة بطاقة أقل وبخلايا عصبية أقل، لأنّ الحجم الأقل يمكن أن يمثّل تعبئة أكثر كثافة للخلايا العصبية أو إشارات أكثر نشاطًا بينها، وهذا يعني أنّها تعمل بكفاءة أكثر.
أمّا الدراسة الثانية فاعتمد الباحثون فيها على «نظرية الغباء الذكوري» التي تعزو ميل الرجال للمخاطرة والمجازفة بحياتهم بطريقة بلهاء حمقاء حسب موقع ميرور البريطاني. وبالإضافة إلى ذلك تم رصد «جائزة داروين» وهي تُمنح لمن يفقد حياته بطريقة غبية ففاز بها 282 رجلا من أصل 318 مرشحا، واعتمدته الدراسة كبرهان مبين.
كان يمكن لهذه الدراسة أن تثلج صدر النساء لولا نتائج دراسة أخرى قام بها علماء من المملكة المتحدة والدنمارك وأستراليا، وتوصلوا إلى أنّه فيما تتطور التكنولوجيا لتصبح أكثر ذكاء، يبدو أنّ البشر في هذه الأثناء يزدادون غباءً. واعتقد العلماء أنّ البشر بلغوا ذروتهم الفكرية بين عامي 1930- 1980، وارتفع في الولايات المتحدة بمعدل ثلاث مرات.
وكلمة السر هنا أنّ ردود أفعال الناس أصبحت أبطأ مما كانت عليه في العصر الفيكتوري، وبينما يتميز الناس سريعو البديهة في ذلك العصر بردات فعل سريعة، يتميز الناس حالياً بتباطؤ ردات الفعل. ولو كنت مكان أصحاب الدراسة لرأيت أنّ الاختلاف في ردات الفعل يعود إلى غياب عنصر المفاجأة، وإمكانية التنبؤ والتوقعات المبنية على الاستقراء العلمي. والسبب الرئيس في غياب عنصر الدهشة، هو لأنّ الأحداث المتكررة سواء أكانت إيجابية أو سلبية أصبحت في حكم المتوقع. ففي الجانب السلبي هناك دوامة الحروب والدمار والصراعات التي لا تنقضي وما أن تُطفأ في منطقة حتى تشتعل في أخرى. وفي الجانب الإيجابي هناك الاكتشافات العلمية والاختراعات وبكثرتها بسبب التطور التكنولوجي جعلت خبر من يصعد إلى الفضاء أو يقطع تذكرة إلى المريخ حدثاً غير ملفت، بل غير جدير برفع حاجب الدهشة، فمن أين يأتي الانفعال بالحدث إذا كان متوقعاً وبات في مرحلة العادية.
حسناً كلّ هذا يحدث في الغرب المتقدّم علينا عدة سنوات ضوئية من التطور. إذن فهناك أمل في أنّه بينما وصل الغرب إلى مرحلة الغباء واعترف بها، فإنّنا ماضون بعون الله في طريقنا للوصول إلى ذروة الذكاء.
الكاتبة : منى عبد الفتاح