منى سلمان

في دار أبو منو..؟!!(٢)

[ALIGN=CENTER]في دار أبو منو..؟!!(٢)[/ALIGN] [ALIGN=JUSTIFY]كان دخولهم لمدينة كوستي قبيل الغروب بقليل، نزلت (محاسن) من عربة زوجها اللاندكروزر بعد أن قام بركنها خلف الخيمة الكبيرة المنصوبة أمام منزل خاله (التجاني) لمناسبة زواج إبنته (حميدة)، سارت خلف الخيمة التي غطاها البياض بسبب إمتلائها عن آخرها بالعمم والجلابيب البيضاء التي يرفل فيها الجميع، بينما عم الصمت لمتابعة مراسم عقد القران التي بدأت لتوها، حاولت (محاسن) التسلل خلف جموع الرجال لدخول المنزل في إرتباك، وقد إنشغلت يديها في محاولة إصلاح ثوبها وتثبيته على رأسها، وإجتهدت في الحفاظ على ثبات خطواتها وهي تسرع بعد أن إلتفتت لمتابعتها العيون، بينما توجه (النعيم) لداخل الخيمة وهو يبحث بعينيه عن مجلس خاله ولم يكلف نفسه عناء مرافقة (محاسن) وتبليغها مأمنها حتى (باب النسوان) بل تركها لتواجه وحدها حرج إختراق جموع المدعوين من الرجال نحو الداخل.
إنطلق صوت الأعيرة النارية معلنة عن إكتمال مراسم عقد القران مع لحظة دخولها للمنزل، فوجدت نفسها منساقة مع تيار المهنئات المتدافعات نحو أم العروس وأخواتها للمباركة .. تعالت الزغاريد وغطت الدموع الوجوه وجاشت المشاعر بأم العروس وتلقفتها الأحضان وتساقطت عليها الدعوات وهي تتقبل التهاني:
عقبال تدخّلي أخواتا إنشاء الله .. وتحضري جديد أخوانا.
جالت (محاسن) حولها بعينيها بحثا عن (وش عِرِفة) بعد أن أخذت دورها في المباركة لأم العروس التي إنتبهت لحيرة (محاسن) فنادت لإحدى القريبات قائلة:
تعالي يا البنية .. عليك الله دخلي عروس (النعيم) لي أوضة البنات جوة .. يادوبم وصلو من كنانة.
تبسمت (محاسن) لوصفها بالعروس من زوجة خال (النعيم) بعد مرور أكثر من عام على زواجها منه، وسارت لمجلسها الذي قادتها إليه الفتاة في داخل إحدى الغرف حيث وجدت مجموعة من قريبات زوجها الشابات واللاتي كانت قد إلتقت بهن في مناسبات سابقة لأسرته.
رفعت ساقيها وجمعتهم تحتها ومالت على السرير في شبة إتكائة لتريح جسدها من طول المسافة والتوتر الذي ساد بينها وبين (النعيم) إثناء قدومهم في العربة بسبب إحباطه وحزنه الشديد الذي لم يجتهد في إخفائه عنها، إسترجعت في إنقباض إعترافه لها بحبه القديم لإبنة خاله (حميدة) وجرحة العميق لرفض خاله تزويجها له والذي لم تستطيع مداواته الأيام بل تجدد وزاد عندما علم بخبر زواجها مما أدخله في حالة من (الزهج) الشديد طوال الأيام السابقة.
حاولت الهروب من أفكارها بالدخول في حوارات الونسة الدائرة بين الفتيات في الغرفة ولم تكن تدري أنها فتحت لنفسها بذلك بابا جديدا للحزن وزيادة في إحساسها بالمهانة وجرح الكرامة الذي لازمها منذ إعتراف (النعيم )، فقد داعبتها الفتيات اللاتي يفتقرن للّباقة الإجتماعية ويتصفن بالتِحِشِر في شئون الآخرين – كحالة الكثيرين منا قالت لها إحداهن في سماجة:
غايتو يا (محاسن) الليلة مافي زول زيك .. حقو تضبحي ليك كرامة عدييييل كده!
سألتها (محاسن) في دهشة:
كرامة؟؟ ليه عشان شنو؟؟
أجابتها الفتاة:
يعني عاملة فيها ما عارفة حاجة .. يختي ما تستهبلي .. كلنا عارفين إنك عارفة!
أصرت على المكابرة وقالت في ضيق:
دي غلوطية ولا شنو؟؟ بتتكلمي عن ياتو موضوع ؟؟
تدخلت أخرى في الحديث وقاطعتها قائلة:
إنتي مش سمعتي عن حكاية (النعيم) و(حميدة) .. والله كلنا كنا خايفنو يلف ويدور حوالينا لمن (يتنّي) بيها فوقك ..أصلهم من هم صغار بيحبو بعض والإتنين ما قدروا ينسو الحكاية دي.
تدخلت ثالثة محاولة تخفيف أثر الكلام على (محاسن) التي شحب وجهها وعلته صفرة المرض:
يازولة ولا يهمك .. خلاص قصة وإنتهت .. وهدي (حميدة) عقدو عليها والله ريّحك!
تحسست (محاسن) بطنها المتكورة وهي تقاوم إحساسها بالغثيان بينما تردد في دواخلها صدى كلمات الفتاة (قصة وإنتهت)………..[/ALIGN] يتبع

لطائف – صحيفة حكايات
munasalman2@yahoo.com