مقالات متنوعة
حزب الأمة (السري) والإنفاق السياسية (1)
منذ نصف قرن من الزمان ماذا استطاع أن يفعل حزب البعث أو الحزب الشيوعي أو الحزب الجمهوري؟.. لقد اتضح أن جميعها أحزاب وهمية.. وهمية جداً.. لا يجني منها أصحابها غير الملذات وحطام الدنيا. وكانت فرصة حزب الأمة منذ 30 يونيو 1989م هي أن يعترف بالفشل الذريع واللامبالاة في الحفاظ على الحكم الديمقراطي المنتخب. لكنه غادر إلى التحالف مع تنظيمات لا علاقة لها بالديمقراطية.. بل تكره الديمقراطية وتحتقرها جداً.. وهي حركة قرنق والحزب الشيوعي. وحينما كان الصادق رئيس حكومة منتخبة رفض قائد التمرد الثاني جون قرنق أن يجلس معه بصفته رئيساً للوزراء ووزيراً للدفاع وعضواً بالجمعية التأسيسية »البرلمان« وقائداً أعلى للقوات المسلحة وصاحب القرار في البلاد. وقال قرنق »أجلس مع الصادق المهدي باعتباره رئيس حزب الأمة«.
إذن، قائد التمرد لم يحترم الديمقراطية وخيار الشعب. ومع ذلك هرب إليه السيد الصادق الذي رحبت به حركة قرنق ومعسكراته بعبارات تلتها العضوة البارزة بالحزب الشيوعي فاطمة أحمد ابراهيم. حيث قالت هناك بعد أن انحنت تحية لجنود قرنق، قالت: »المستقبل لحركة قرنق والحزب الشيوعي، والميرغني سنستعين به إلى حين، لكن الصادق المهدي لن يشمها.. لن يشمها.. لن يشمها«. انتهى.
لكن ماذا حدث. لقد انفصل الجنوب بقدرة قادر وذاب الحزب الشيوعي في التطورات شمار في مرقة وشارك الميرغني والصادق حكومة البشير من خلال ابنيهما. هذا هو المستقبل الذي أشارت إليه عضو الحزب الذي احترف العمل السري. لقد أصبح العمل السري وهماً كبيراً. والآن الصادق المهدي يريد لحزبه الانتقال من السطح إلى الأنفاق السياسية. إن الفرص على السطح لا تحصى ولا تعد.. وقد خسر السيد الصادق بعض أعضاء حزبه الذين كانوا متهمين بأنهم أعضاء خفيون في الحركة الإسلامية مثل مولانا حامد محمد حامد رئيس المكتب السياسي الأسبق لحزب الأمة القومي.. والسيد عبد الله محمد أحمد وزير الصناعة الأسبق والزهاوي إبراهيم مالك وزير الدولة بالصناعة الأسبق ووزير الإعلام بعد انشقاق مجموعتهم من حزب الأمة بقيادة مبارك الفاضل المهدي.
كل هؤلاء لو كان للصادق المهدي قرن استشعار سياسي لجعلهم على رأس الجهاز التنفيذي للحزب كي يعيدوه بقدراتهم التنظيمية وقربهم من الحركة الإسلامية إلى منصبه المحبب »رئيس مجلس الوزراء« ولو بصلاحيات الرشيد الطاهر بكر حينما كان رئيساً للوزراء أيام حكم نميري وقبل المصالحة. وحينها كان يمكن أن يقبل الصادق المهدي منصب الرشيد الطاهر بتلك الصلاحيات المحددة بعد مصالحة 7/7/ 1977م التي لم يجن منها ما أراد سواء »المنصب« أو التقويض من الداخل. والصادق كان يقول شاركت مع نميري لتقويض حكمه من الداخل، وقال خرجت من مصالحة نميري لأنه أيد كامب ديفيد.. أليس هذا دليلاً على أنه جاء للمنصب الذي تقلده الرشيد الطاهر بكر وليس للتقويض؟! إن من يريد أن يقوض بالفعل، ويأنس في نفسه الكفاءة، لا يمكن أن يحمله موقف من تأييد شيء ما على الخروج مبكراً.. فكان يصبر حتى يقوّض بعد ذلك موقف نميري سيذهب مع نميري.
الكاتب : خالد حسن كسلا
الحال الآن – صحيفة الإنتباهة