مقالات متنوعة
خالد حسن كسلا : رسالة «مشار» السِّرية «دُقِّي يا مزيكا»
ولذلك، حينما يقول مشار في رسالته السرية إن سلفا كير فشل في إدارة جنوب السودان أو أن الجنوب تحت إدارته واجه مصاعب قاسية، فهو بهذا يثبت أنه كان موظفاً في «المؤامرة» دون أن يعي. ويا للخزي ويا للعار إذا ظن أكاديمي ومثقف مثل مشار أن قلوب واشنطن وإسرائيل وأوروبا على شعب الجنوب ومستقبل الجنوب.
إن اتفاقية أديس أبابا 26 فبراير 1972م تضمنت الديمقراطية في جنوب السودان وبالفعل احتملتها حكومة نميري الشرسة التي لم تكن تؤمن بديمقراطية في «الشمال» ينعم بخيراتها وامتيازاتها زعماء الطائفية من خلال أصوات الأبرياء والطيبين من الجماهير التي عشقت الإمام المهدي ومحمد عثمان الميرغني الكبير. لكن النقيب وقتها جون قرنق قد وقف كما قالت الوثائق خلف التحريض على القيم بثلاثة أحداث بعد التوقيع على اتفاقية أديس أبابا في عام 1972م، حادثة الهجوم على الحراسة في «واو» وفي عام 1974م حادثة أكوبو وعام 1976م محاولة احتلال جوبا.. ووقت تلك المحاولة تزامن مع عام دخول المرتزقة أم درمان يقودهم سياسياً الشريف حسين الهندي والصادق المهدي وعثمان خالد مضوي.. وكانت أحداث الجنوب بعد الاتفاقية المراد منها تخريب الاتفاقية طبعاً. أي أن تمرد قرنق لم يكن بسبب تقسيم الجنوب ولا تطبيق الشريعة. ولكن لإيصال الجنوب الى هذا الوضع الذي يتحدّث عنه «مشار» ببراءة تنقصها إسالة اللعاب..
الرسالة السرية من مشار وجدت الرد السريع من سلفا كير.. وهو الرفض طبعاً. وسلفا كير كأنه يعلم أن ما يحتج عليه مشار في الرسالة وغيرها هو ما أرادته واشنطن منذ إطلاق النظام الإقليمي الديمقراطي في جنوب السودان في أول مارس 1972م، وهو تاريخ إدخال اتفاقية أديس أبابا 26 فبراير 1972 حيز التنفيذ.
إن مشار بجهله المعلوماتي ببراءته السياسية يغرد خارج سرب المؤامرة التي أوصلته إلى منصب نائب رئيس دولة. وحينما أراد أن يعمل بصدق لمصلحة جنوب السودان باركت واشنطن طرده من المنصب كي يتمرد ويشعل بذلك الحرب القبلية بين الدينكا والنوير، وها هي اشتعلت ولن توقفها الرسائل السرية ولا العلنية و«دقي يا مزيكا».[/JUSTIFY]