داليا الياس

أزمة أنوثة

[JUSTIFY] الزميلة المحترمة داليا إلياس

احتراماً للعُرف الصحفي نرجو السماح لي بالتعقيب على عمودك (أزمة رجولة) عبر نفس المساحة..

أولاً قبل كل شيء، فالمرأة هي الأم والأخت والزوجة, وهي التي وضع الله الجنة تحت أقدامها ونحن نحترمها ونوقرها، إن هي دفعتنا للاحترام – لاحظي (دفعتنا) – ولم تستغل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد خاصة من الناحية الاقتصادية وأنتِ الأدرى بما أقصد, حيث يصبح أحيانا لا حول ولاقوة للرجل عندما تُسدُّ أمامه الأبواب ويضيق به العيش ولا أود تعميم أزمة الأنوثة كتعميمك السخيف لأزمة الرجولة, التي كان من الأجدر بك أخذ الأمر من كافة الجوانب.

الأنثى هي التي بدأت السطو على العلاقة بين الطرفين مستغلة التفكير (الحسي) للرجل السوداني المكبوت بقيود عدم إمكانية الزواج بعد أن سبقه (عبدالله البشير) وغيره بثلاث زيجات خرافية أو قل عدم إمكانية فتح منزل وعلاج ومدارس (وكلو بقروش) بمرتب ينتهي في اليوم الأول للشهر، إلا إذا كان (حرامي)، وفي اعتقادي بأن (عازب) وتوابعها أفضل.

ولا أعتقد بأن ما تتبجحين بهن سنداً لمنازلهن يكسبن بالحلال بل يدفع لهن الرجال (القوامون) في نظرك بطرق أخرى، فيسحقون بذلك كرامة الفقير من الجانبين، حيث لايوجد مرتب اليوم يكفي لفتح منزل مهما ارتفع وعلى من يقع اللوم على من فتحت صدرها لتكسب أم على رجل لا حول له ولاقوة.. ألم أقول لك إنْ دفعتنا.. وحتى لا أكون مجحفا, تعالي نستعرض معاً ما يجري حولنا.

لو تقدم شاب وفتاة لوظيفة محددة، فإن الوظيفة ستذهب للفتاة حتى ولو كانت مؤهلات الشاب أفضل، ولا تسأليني: لماذا؟ فأنتِ أعلم بالإجابة مني, والدليل على ذلك أن شاغلي الوظائف ذات العائد المادي المجزي كلهم من النساء, ويمكنك الاستفسار عن عدد العاملين والعاملات ببعض الجهات الإيرادية أو ذات العائد المادي المجزي، وستجدين بلا شك أن عدد العاملات أكثر.

وحكاية حقيقية بأننا سمحنا للفتيات للركوب يوماً قبلنا في إحدى المواصلات العامة (احتراماً) وعندما صعدنا وجدنا ما تبقى من مقاعد محجوزة تلك لزميلها بالجامعة وأخرى لقريبها الشاب, فالموضوع ليس أزمة رجولة أو أنوثة بل أزمة أخلاق عامة, وتربية البنات خصوصاً تأتي من الأم بالمنزل.

عزيزتي.. دائما ما نتحدث عن أشياء تاركين لب الموضوع. واللب هنا وأنتِ أدرى هو الأزمة الاقتصادية الطاحنة، فإما أن نترك البنت بلا تعليم جامعي أو نرسلها إلى الخرطوم ونرسل لها حسب إمكانياتنا (مائة جنيه) للتكفل هي بالمتبقي، ولا نسأل من أين مثلاً.

أما أن نرسل شبابنا خارج أرض الوطن للمجهول أو نتركهم مع زمرة الخمسة ملايين عاطل من حملة الشهادات الجامعية أو نعود بالزمن للوراء ونهتم بالكيف لا الكم في التعليم, أو نعمل على أن لا نعادي العالم كله لتفتح أمامنا الاستثمارات وتدور المصانع وينتعش الاقتصاد ويستوعب هذا الكم الهائل من العطالة بلا ذنب.

أن تعمل الدولة على محاسبة كل المعتدين على المال العام وبشفافية ووضوح وردع كامل حتى لا يتحولوا إلى قدوة لغيرهم, وأن تفتح مجالات العمل والتكسب أمام الجميع وليس المنتمين إلى الحزب الحاكم فقط حتى يشعر الشباب بالعدالة الاجتماعية ويخف الضغط على الاقتصاد المنهك بسبب السرقة والاعتداء والمحسوبية.

أن تقطع يد (فاطمة) إن هي سرقت, وتتطبق العدالة على الجميع حتى نقطع دابر الرشاوى وتعم العدالة الاجتماعية ليحس الشباب بالأمن والإنصاف, ونعمل على توزيع الثروة بكل شفافية حتى لا يرفع أحدهم السلاح لانتزاعها وتتوقف موجات الهجرة من الريف إلى المدن.

الموضوع طويل وعميق.. ولكن آمل أن لاتتحدثي مرة أخرى عن أزمة الرجولة بمنعزل عن كافة ما يدور حولنا من الإسقاطات التي صنعت هذه الأزمة, أو أن لا تتحدثي بمنطق الأنثى وأن تجمعي الأزمتين معاً, فنحن حقاً نعاني, أزمة رجولة وأنوثة معا.. ولكن ما الأسباب وكيف الحل؟!

أخوك صحفي/ عوض عدلان

تلويح:

شكراً (حميماً) أستاذي العزيز/ عوض.. وقد كنت ولا زلت بصدد تناول أزمة الأنوثة من منظوري الخاص.. على أمل أن تجد مقترحاتك النبيلة طريقها إلى القاعدة والقيادة لتنفرج كل الأزمات التي تخنق إنسانيتنا.
[/JUSTIFY]

تعليق واحد