مقالات متنوعة
عبد الباقي ا لظافر : خندق حول الخرطوم..!
في هذا الصباح وفي شمال أم درمان استيقظ نائب والي الخرطوم مبكرا.. المهندس الشيخ الصديق سيدشن الحملة الرسمية لبناء خندق حول الخرطوم.. الخندق سيبلغ طوله (١٨٠) كيلومترا.. الهدف الرئيس من الخندق حماية الخرطوم من الأعادي.. خندق الخرطوم سيمتلئ بالماء.. أرجوك عزيزي القارئ لا تسأل من أين يأتي هؤلاء بالماء وحي (بري) الذي يرقد على ضفاف النيل ينتفض سنويا بسبب العطش.
حتى لا يحتج الناس على هذا الهدر المالي فقد أوردت الزميلة المجهر أن خندق الخرطوم العظيم سيصاحبه حفر آبار بغرض توفير المياه للمشاريع الزراعية.. ومن باب أمانة الملكية الفكرية فإن اقتراح الخندق يعود إلى مولانا الفاتح عز الدين المنصور.. وقتها- كان الشيخ المنصور معتمدا صغيرا على أم درمان.. ويبدو أن المقترح قد حاز على الرضاء الرسمي، فقفز صاحبه بدون مقدمات إلى قبة البرلمان رئيساً للهيئة القومية التشريعية.
في تقديري أن ولاية الخرطوم تريد أن تستخدم السيف في مواجهة الدبابة.. فكرة حماية العاصمة بحائط ترابي أو ترعة عميقة لن تحقق المراد.. حينما يهم العدو بمهاجمة الخرطوم سيتسلل من حيث لا تحتسب الحكومة.. هل تتذكرون كيف شق قتلة الدبلوماسي الأمريكي قرانفيل نفقا بالقرب من بيت مدير السجون.. ستة أشهر وهم ينحتون في الأرض حتى خرجوا بسلامتهم من السجن، وما زال بعضهم حرا طليقا.
هذه الفكرة يا سادة ستزرع الخوف ولن تحقق الأمن.. ستبدو الخرطوم مثل مدينة من القرون الوسطى تحصن حدودها بأسوار عالية.. من هذه المياه المحيطة ستزحف جيوش من البعوض لتهاجم مواطني الخرطوم.. المياه غير المتحركة ستجلب التلوث.. كل زائر للخرطوم سيحس بالهلع وهو يرى السدود الترابية.
بصراحة.. من الأيسر والأقل كلفة أن تشتري الخرطوم سورا افتراضيا.. التقانة الحديثة تجعل لكل مؤسسة حدودا وهمية.. عبر تقانة حاسوبية بسيطة تستطيع غرفة الرقاب المركزية أن تحدد أي خطر يتهدد حدود ولاية الخرطوم.. ومن قبل ذلك أن تحصن السلطة بالعدل.. وتبتعد القيادة من التصريحات التي تستخف بالآخر، وتجعله في وزن الذبابة،
سيدي والي الخرطوم ابحث عن المستفيد من الخندق.. دائماً وراء الأفكار الساذجة رجل ذكي جداً.[/JUSTIFY]