أحمد يوسف التاي : الوعي السياسي
بعض السياسيين لا يزالون يفكرون في الأشياء حولهم بعقلية القرون الوسطى، يتحدثون لغة غير مفهومة ولا مقنعة لهذا الجيل الذي استعصى على أساليب الاستقطاب السياسي التقليدي البائر، يُديرون أحزابهم ومواقعهم السياسية والتنفيذية بعقلية انتهازية قد تناسب بداية القرن السابع عشر، هذه العقلية التي تفترض غباء العقل الجمعي لدى الشعوب، حتى أن كثيراً من النظريات السياسية القديمة تم تصميمها على أساس التعامل مع العقل الجمعي الذي يغلب عليه – عقل القطيع – يمكن – حسب تلك النظريات – أن يُدار بالهتافات والشعارات واستدرار العواطف، ويُساق كما القطيع إلى حيث يريد السياسيون.. هؤلاء يفترضون السذاجة وخراب الذاكرة، والغيبوبة في رعاياهم، لقد انتهى عهد التغييب والدروشة..
الآن أيها السادة (أم جركم) التي أكل خريفها وخريف الآخرين وتطمع في المزيد، اعلموا أن الأمر مختلف جداً، فهناك شباب لا يفهم لغتكم (المكعكعة) ويسخر من أساليبكم البائرة، وتُضحكه كثيراً انتهازيتكم العارية، فحالة الوعي السياسي الآن كافية جداً للوقاية من أمراض الدجل والشعوذة السياسية، وتحصين المجتمع من انفلونزا (الخم) وحمى الاستقطاب، قد يستطيع السياسي القوي الأمين أن يخدعني بعض الوقت لكنه لا يستطيع أن يخدعني كل الوقت، وقد يستطيع أن يمنعني من أن اُسمع صوتي لكل الناس ولكنه لا يستطيع أن يمنع إنسراب أنفاسي التي يُحسها كل الناس – بوعيهم المكبوت – إلى فضاءات الحرية عبر وسائل العصر التكنولوجي… حالة الوعي السياسي التي غطت كل الفضاءات بفضل التكنلوجيا ووسائل الاتصال الحديثة ليس بمقدور أحد أن يمنعها من الوصول لـ(المتلقي)… (أفهمونا) مرة قبل أن تستدركوا حيث لا ينفع الاستدراك.. اللهم هذا قسمي فيما أملك..
× نبضة أخيرة:
عند السحر, مضى أمير المؤمنين عمر يسيح في دروب المدينة يتحسس الأجواء الساكنة, فاسترعى سمعه صوت امرأة سكبت كل عواطفها في بيتين من الشعر قائلة: تطاول هذا الليل واسودَّ جانبه وأرقـنـي أن لا حبـيـب اُلاعـبــه، فلـولا حـذار الله لا شـيء مثلـه لزعزع من هذا السرير جوانبه. حرك هذان البيتان وجدان عمر, فاستأذن عليها, وقال: مالك؟ قالت في أسى: غربتَ زوجي منذ أشهر, وقد اشتقتُ إليه، قال في حزم: أردت سوءاً, قالت: معاذ الله, قال: فاملكي عليك نفسك, فبعث إليه ثم دخل على أم المؤمنين حفصة فقال: إنى سائلك عن أمر فافرجيه عنى, ثم همس: في كم تشتاق المرأة إلى زوجها؟ خفضت أم المؤمنين رأسها واستحت, فأقبل عليها عمر, ليخفف عنها وطأة الحرج قائلاً: إن الله لا يستحي من الحق!! أمسك الحياء لسانها, فأشارت بيديها ثلاثة أشهر, وإلا فأربعة أشهر, فكتب عمر: أن لا تحبس الجيوش فوق ثلاثة أشهر.[/JUSTIFY]