عثمان ميرغني

لا تطفأ الأنوار..!!


[JUSTIFY]لو كنت موظفاً في إدارة حكومية أو قطاع خاص.. هل أحسست بالقهر والعجز والسخط والحنق عندما يمارس المدير عليك سلطته بوجه تشعر فيه بالظلم..
أو في أي منحنى آخر من الحياة هل أحسست بالضيق لضر أصابك.. وعتَّم عليك الحياة، وضاقت عليك الدنيا بما رحبت..
كثيرة هذه المواقف.. اللحظات التي تظلم فيها الدنيا.. ويكاد لسان حال المرء يقول: (يا ليتني مت قبل هذا، وكنت نسياً منسياً)..
في مثل هذه الحالات الخانقة والمحبطة.. يقترب الإنسان من دائرة اليأس.. وهي آخر مراحل التحمل قبل الانهيار.. ويؤثر ذلك على الجسم تأثيراً حيوياً محسوساً، وقد يصل إلى درجة التلاشى، حد الموت.. تماماً مثلما تفعل الماكينة التي يحاول مشغلها إيقافها فيبدأ بغلق المفاتيح واحداً بعد الآخر إلى أن تتوقف.. فالجسم في لحظة اليأس يبدأ في غلق (المفاتيح) رويداً رويداً إلى أن يتوقف تماماً عن الحياة..
الله سبحانه وتعالي يقول في القرآن الكريم: (وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) الأنعام(17) .
الضُر يمسّ الإنسان مساً.. تماماً كمن أصابه مسّ من الشيطان.. يتلبسه ويحيط به ويحاصره.. إحاطة مادية ومعنوية في آن واحد..
النجاة من شر الضُر سهلة.. إذا اتبعت هذه الوصفة بدقة..
تبصر جيداً موقع الفاعل في الجملة (إن يمسسك اللهُ..) الله هو الذي (يمسسك) بالضر.. وكل الذي أمامك من (فعلة) مفترضين هم مجرد أسباب ووسائل لا علاقة لهم بالضر الذي مسك.
مديرك مهما تسلط وتجبر.. هو مجرد (فاعل) متوهم وهمي.. فلا تشغل نفسك به.. لا ترجو منه رفع الضر؛ لأنه لم يملك جلبه فلا يملك دفعه..
الله هو الذي يمسسك بالضر..!، فينبغي عزل كل أحاسيسك عن غيره في دفع الضر..
ثم.. الله وحده هو الذي (يكشف) الضر..
(فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ..) يكشف الضر فيزيله مادياً ومعنوياً..
الإحساس بأن الله هو الفاعل في الحالتين.. فعل المس بالضر.. وكشف الضر.. ينهي تماماً أية علاقة أو رجاء في البشر- مهما علا شأنهم وسلطانهم.. ومن هنا تبدأ رحلة العلاج من شرور الضر.
لا ترجو غير الله.. مهما بدا في الواقع أن الأمر في يد صاحب قرار.. أو توقيع.. فهو نفسه– مديرك- مجرد مخلوق ضعيف قابل للوقوع في حبائل مس الضر..
عندما يرتفع منسوب اليقين داخل نفسك.. وتعزل الأسباب الدنيوية من رجائك في دفع الضر وجلب الخير.. تتحصن وتتحرر من كل مخاوف قد تنتج عن الضر.. فيسلم جسدك وروحك وحياتك كلها..
وينطبق الأمر على الخير أيضاً..
و(إِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).. هو وحده الذي يمسسك بالخير.. يتلبسك الخير من كل جانب، ويحيط بك في الملموس والمحسوس معاً.[/JUSTIFY]