تحقيقات وتقارير

تجدد الجدل بشأن العربية بموريتانيا

تجدد الجدل في موريتانيا بشأن حجم ودور اللغة العربية، إذ انتقد حزب اتحاد قوى التقدم أحد أكبر أحزاب المعارضة الموريتانية الأحد تصريحات لمسؤولين موريتانيين تطالب بتطوير اللغة العربية، وتتعهد بالعمل على الرقي بها، وجعلها لغة عمل وتواصل في موريتانيا.

ودان الحزب اليساري المعارض بشدة هذه التصريحات التي وصفها بغير المسؤولة، وقال إنها اكتسبت طابعا إقصائيا شوفينيا، وإنها تتناقض بشكل واضح مع الدستور، مؤكدا في ذات الوقت على “الهوية المتعددة لموريتانيا بأبعادها الإسلامية والعربية والأفريقية الزنجية”.

وخلص الحزب إلى أن “مطالب تفعيل ترسيم اللغة العربية وتطوير اللغات والثقافات الزنجية الأفريقية والتمسك باللغة الفرنسية كلغة عمل بالنسبة للمتفرنسين (…) كلها قضايا عادلة قابلة لأن تستغل، في ظل سياسة النظام القائمة على الارتجال وعدم المسؤولية”.
وكان رئيس الوزراء الموريتاني مولاي ولد محمد الأغظف قال في خطاب رسمي في وقت سابق إن “موريتانيا ستبقى منقوصة السيادة والهوية ما لم تتبوأ اللغة العربية مكانتها وتصبح لغة علم وتعامل”.

وتعهد بالعمل على دعمها وتعميمها باعتبارها لغة عمل وتبادل إداري وبحث علمي، كما دعا العلماء والباحثين والإداريين إلى العمل على ترسيخ استخدام اللغة العربية في ممارساتهم وتعاملاتهم اليومية.

غضب زنجي
وكان الجدل قد تصاعد في الأيام الماضية حول الوضع الذي ينبغي أن تكون عليه اللغة العربية. ووصل الأمر إلى حد خروج مظاهرات للطلاب الزنوج في جامعة نواكشوط تنديدا بتصريحات الأغظف، لكن قوات الأمن قمعتها واعتقلت بعض قادتها.

وجاء تصريح وزيرة الثقافة الموريتانية سيسي بنت بيدية ليزيد الطين بلة، ويفاقم القضية حين اعتبرت أن من عوائق تطوير اللغة العربية انتشار اللهجات المحلية.

وكانت تلك التصريحات بمثابة القطرة التي أفاضت الكأس على مستوى الشارع الزنجي الذي لم يتأخر في الرد، حيث تتالت التصريحات والبيانات المستنكرة والساخطة على ما تصفه بخطاب رسمي إقصائي شوفيني.

وقد اعتبرت رابطة تطوير اللغات الزنجية (البولارية، السوننكية، الولفية) أن تلك التصريحات كانت مستفزة وآثمة، واتهمت الذين يقفون خلفها بأنهم دائما “يستعملون العربية كغطاء لإقصاء وسحق الزنوج الموريتانيين من جهاز الدولة”، مشيرة إلى أنها لا تعارض اللغة العربية لأنها “لغة ديننا الحنيف”، وإنما تعارض “خطابا باليا جاء لإيقاظ نعرات قديمة”.
أما الزعيم الزنجي الأبرز رئيس حزب التحالف من أجل العدالة والديمقراطيةحركة التجديد إبراهيما مختار صار فقد رفض هو الآخر تصريحات الوزيرة، وأبدى تفهمه لاحتجاجات الطلبة الزنوج.

كما أن حركة تحرير الزنوج (أفلام) رفضت هي الأخرى تصريحات المسؤولين الموريتانيين، واعتبرتها دليلا على استمرار العنصرية في عمق الأجهزة الرسمية للنظام الموريتاني.

ومقابل الغضب الزنجي المتصاعد لا تزال الأحزاب القومية تحتفي بتصريحات المسؤولين الموريتانيين، وقد طالبت ثمانية منها في وقت سابق بجعل العام 2010 عام اللغة العربية في موريتانيا، ودعت بمؤتمر صحفي إلى تشكيل فريق برلماني للعمل على تطبيق المادة الدستورية التي تنص على أن العربية هي اللغة الرسمية للبلاد.

أسباب
ويبدو من الجدل السابق أن قضية التعريب دخلت اليوم مرحلة حساسة بفعل التجاذب العرقي الذي أخذ منحى تصاعديا في الأيام الماضية.

ويرى الكاتب المهتم بقضية العلاقة بين مكونات المجتمع الموريتاني أحمدو ولد الوديعة أن التدافع الحاصل حاليا في موضوع التعريب تقف خلفه عدة أسباب.

ومن أهم الأسباب -حسب قوله- اقتراب تنظيم منتديات عامة حول التعليم يتوقع أن يتم بناء عليها تغيير في النظام التربوي، فحتى أطراف المشهد الثقافي والسياسي والعرقي تريد أن تقوم بأكبر مستوى من التعبئة كي تقوي من موقعها خلال جلسات المنتدى المرتقبة.

الجزيرة نت