الميرغني في القضارف.. خطوط حمراء
جماهير تغري بالمشاركة في أي تنافس ديمقراطي)، هي جملة تكفي لوصف إستقبال السيد محمد عثمان الميرغني رئيس الحزب الاتحادي الأصل أمس الأول بولاية القضارف، فقد تكرر ذات المشهد في زيارة الرجل الشهيرة والأخيرة لولاية كسلا، ولم يختلف المشهد كثيراً في زيارات قيادات الحزب الاتحادي الى ولاية شمال كردفان وقبلها الولاية الشمالية، وكل ماسبق من لقاءات بين الميرغني وجماهيره الختمية والاتحادية تؤكد أن المارد الاتحادي (خرج من قمقمه)، للمنافسة فى الانتخابات المقبلة – بإجماع قيادات المعارضة – المؤتمر الوطني.
—-
وجاءت زيارة القضارف تحمل تحت عباءة الميرغني -بحسب مراقبين- مدلولات دينية في المقام الأول، ومن بعد سياسية لا تقل أهمية عن سابقتها، واعتبر هؤلاء المراقبون أن هذه الزيارة التي تم الترتيب لها في زمن لا يتعدى الساعتين، جاءت لترد على السيد كرم الله الشيخ مرشح المؤتمر الوطني لمنصب والي القضارف، بعد ما رشح من أنباء أنه إنتقد المراغنة، وهو انتقاد يثير حساسية عالية لمريدى الختمية وحينما شعر الحضور الإعلامي أن البروفيسور عبد الله أبو سن مرشح الاتحادي لمنصب الوالى بالولاية، إستحى أمام الميرغني أن يذكر ما قال كرم الله (نصاً)، دفعتني الحاجة لتوضيح المعلومة لأن أسأل فأجاب أحد الختمية، لقد قال كرم الله في لقاء جماهيري له بمنطقة أم شجرة، (أبو هاشم أحسن مني في شنو؟ ديل قالوا جدهم الرسول والرسول ما ورّث)، وأشار الى أن هنالك تعدياً آخر حسب تعبيره من جانب جعفر الشريف أمين التعبئة لكرم الله في حديث له بميدان المولد، (إن السيد على جاء بالإستعمار على ظهر دبابة). وقال أبو سن لدى مخاطبته جماهير الحزب الاتحادي في لقاء أمس الأول، (إننا عذرنا الأخ كرم الله حينما وصفنا بالوافدين، ولكنه إذا تعدى الخطوط الحمراء وأصاب آل البيت فهذا ما لا نرضاه)
وكرم الله الشيخ يعد من أقوى المرشحين لولاية القضارف، ويتسم بقوة إجتماعية ضاربة في المنطقة، خاصة وأنه – وبحسب أهل القضارف – وقف مع المزارعين في جوانب كثيرة متعلقة بقضايا الإعسار التي أسهم فيها بقدر ما يفك الأغلال عن كثير من المزارعين، بجانب أنه قدم معينات الزراعة للكثيرين أيضاً في وقت لم يكن فيه هنالك تفكير في مرشحين أو انتخابات، ذلك بجانب نشاطه في مساعدة الشباب على الزواج، حتى أصبح يلازم شخصيته الهتاف (يا كرم الله يحفظك الله) والذي تحول بقدر كبير بعد الخطاب الذي وصف بالعدائي من جانبي الوطني والإتحادي، الى (يا كرم الله جاك عبد الله).
في اللقاء الجماهيري للاتحادي أشار الأستاذ حاتم السر مرشح الحزب لرئاسة الجمهورية الى أن هنالك ما أسماها بالبدع الانتخابية، فقد حذر السر من فئة قال إنها تتعدى إعتناق الطريقة الختمية وتريد أن تدلي بأصواتها لغير الحزب الاتحادي الأصل، وأضاف السر نريد أن نقول لهؤلاء، (مافي بيعة فوق بيعة الإمام الختم)، وتابع إن أي ختمي ينبغي أن يكون اتحادياً وأن يكون رمزه الانتخابي هو العصاة وقال: بغير هذه الصفات (يكون خشمي وليس ختمي)، ودعا الختمية أن يبعدوا عن صفوفهم كلاً من يدعي الختمية.
ما سبق يندرج تحت قائمة الدلالة الدينية التي أراد أن يحققها الميرغني بزيارته القضارف ، أما ما اراد الميرغني تحقيقه من دلالة سياسية، هو (قطع الشك باليقين) أن حزبه سيشارك في انتخابات الأسبوع المقبل بكافة مستوياتها، ولا شك أن قواعد الحزب الاتحادي وقواعد أحزاب أخرى كانت في حالة إرتباك من تضارب مواقف قياداتها بشأن المشاركة في الانتخابات أو المقاطعة الجزئية أو الكاملة، وهذه المواقف الثلاثة خاض تجربتها الحزب الاتحادي الأصل في غضون أسبوع، فقد أعلن عدد من مرشحي الرئاسة إنسحابهم الخميس الماضي، وكان حاتم السر، بتأكيدات من قيادات بعض مصادر الحزب أحد الموقعين على ميثاق الانسحاب، وفي اليوم ذاته أكدت مصادر إتحادية أخرى نافذة لـ «الرأي العام»، أن الحزب يقاطع الانتخابات بكافة مستوياتها، الى أن أعلن الشيخ عبد العزيز خطيب مسجد السيد على في الجمعة الماضية أن حزبه سيشارك في إنتخابات الولاة الى أدنى مستوى، إلا أن مولانا حسن أبو سبيب أكد السبت الماضي لـ «الرأي العام»، أن حزبه سيخوض الانتخابات بكافة مستوياتها وأن حاتم السر باق في سباق الرئاسة. وعلمت «الرأي العام»، أن رأي القيادات الاتحادية إنقسم بين مؤيد للمشاركة الجزئية والمشاركة الشاملة وتلاشى خيار المقاطعة، ولم تصدر من السيد الميرغني أية تصريحات في هذا الشأن، لكنه أعلن أمس الأول لدى مخاطبته أهل القضارف عن الموقف الرسمي والنهائي، بالقول إن حزبه سيخوض الانتخابات بكافة مستوياتها (بالرغم مما شابها من تجاوزات)، ودعا جماهير الحزب بولاية القضارف لمساندة مرشحيهم بالولاية، لتتعالى الهتافات المؤيدة للقرار والداعمة لترشيح حاتم السر لرئاسة الجمهورية (حاتم حاكم للسودان)، وكان السر قد سبق إعلان الموقف الرسمي بقوله، لقد أخبرت فيما سبق جماهير كسلا بأني أشم رائحة القصر الجمهوري، وأضاف لكن الآن أوجه إنذاراً نهائياً للسادة بالقصر، بإخلائه خلال إسبوع فقط.
قراءة: ضياء الدين عباس
صحيفة الراي العام