الخرطوم .. العودة إلى مربع الزحام
كانت أيام تنفست فيها الشوارع والأزقة من فرط الإختناق الذي تعيشه الخرطوم.. المركبات العامة والخاصة والمواطنون الذين إختاروا «كرش الفيل» حتى إزدحمت بهم ملايين.. فجاءت الإنتخابات.. فبين مصدق للشائعات قادته للسفر إلى الولايات.. ومن كان مسجلاً في كشوفات الناخبين في منطقة .. وهنالك من إختار البيات الشتوي بين جدران منزله. في «لمة» عائلية قل ان تجود بها الأيام الإعتيادية مع مطاردات أكل العيش ومكابدات الظروف الخشنة.
وتوزعت المركبات «حافلات.. هايسات وركشات» ما بين البقاء أمام منازل أصحابها.. والعمل مع المرشحين.. وبعضها كان يمخر عباب الشوارع الخالية هل تصدق ما تراه عينيك والأرقام من هذه المركبات تقول: عشرات الآلاف من الحافلات . و«3» آلاف عربة «كريس».. تراها قلة بالعشرات؟ حتى الجمعة موعد بدء فرز الأصوات كانت الخرطوم تتنفس بعد أن أضيف للأيام يوم الخميس عطلة رسمية.. فأصبحت العطلة بـ«الثلاثة»..ولكن المشهد بدأ يتغير بداية من يوم أمس.. وعادت بعض الشوارع ولسان حالها يقول: «رجعنالك».. الزحام الحافلات..والدخول الصعب إلى المواقف.. والناس كأنها أطلقت لنفسها سراحها من راحة ليست إجبارية وإنما بعوامل مختلفة.. شوق خفي للتجوال وسط الزحام دفعنا للتحدث مع سائق الحافلة سفيان محمد علي الذي قال لنا: «كفاية نوم».. ولم يزد..وبائع الخضار جبار قال: الإزدحام فيه الخير الكثير.. «اليوم بس البيع بدأ».
في موقف جاكسون، الحياة إزداد نبضها.. عشرات الحافلات.. الناس والباعة يفرشون بضاعتهم ونداءات الباعة تعزف موسيقاها الصاخبة.. مشهد تضيف إليه فكاهات ونقاشات الإنتخابات نكهة وصورة لمجتمع سوداني له بصمة لا تتطابق مع أية بصمة غيرها.. والشفيع بائع «الكبابي» شاب قال لنا: بالقليل من الربح نبيع نريد ان نعوض أيام الغياب.. أما الحاج عبدالكريم رجل سبعيني يتوكأ على عصا الزمن.. الفرح بالخرطوم خالية إلا من أهلها يذكرني بتلك الأيام الخوالي.. الإنتخابات راحت والجاي «كويس» .. وسائق «الكريس» عثمان يقول: «دي الفردة الخامسة» الشغل مفيد للشخص وللجيب ..والخرطوم.. العودة إلى مربع الإزدحام.
صحيفة الراي العام