فدوى موسى

مختبر الحياة

[ALIGN=CENTER] مختبر الحياة [/ALIGN] تلك البنية لا تخلو من حالة الجنون المتقدم.. أحياناً أحس أنها قطعت الشعرة الرفيعة بين الواقع والخيال.. كثيراً ما تحدثني عن أفكار أندهش لها.. لا لأنها بعيدة المنال ولكن لأنها صعبة التنفيذ بكل الاعتبارات على أرض الواقع.. سألتها يوماً عن عدم اهتمامها بأمر الزواج فقد لاحظت إحجامها عن التفكير في هذا الأمر.. قالت لي «عشان شنو».. فقلت لها «السكينة والمودة والرحمة والبنون والبنات»، فردت عليّ قائلة: «بالعلم يمكن الاستفادة من التقنيات الجينية والهندسة الوراثية لإنجاب أطفال وبالأشكال المطلوبة فما الضرورة للتقيد بهذا الأمر». فنزل ردها عليّ كالطامة فوجدت نفسي في حالة اندهاش تام اقرب إلى الشلل الكلي.. «بسم الله يا بت إنت عايزة تخالفي الفطرة والمعتقد»، فقالت بكل جسارة: «إذاً ما فائدة كل هذه البحوث والتجارب إن لم تطبق على أرض الواقع، فيجب أن تتطوروا معها فسوف يأتي زمن حتى إمداد الجسم بالغذاء لا يحتاج لكل الاجتهادات والزمن المبذول في إعداد الطعام وتحضيره، حيث يمكن اختزال ذلك بدربات وكبسولات من مكونات الطعام الأساسية حسب حاجة الجسم من البروتينات والنشويات والفايتمينات والدهون وغيرها». «فصرت أردد: إنك مجنونة بلا شك.. هل يعقل أن يخلق الله كل هذه الحياة بفطرتها وتعدد أنماطها المتسلسلة لتختزليها ما بين الصيدليات ومراكز الإخصاب.. استغفري وعودي إلى رشدك». وتفرقت بنا السبل والأيام لخمس سنوات لم أرها فيها حيث عملت بوظيفة مرموقة في منظمة معتبرة مهدت لها أمر الإقامة خارج البلاد، وطبعاً لم أجتهد في تتبع أخبارها لاعتقادي أنها تخضع حياتها للتجارب العلمية أكثر من طبيعة الحياة العادية، لكثرة ما تحدثت وبإيمان عميق وراسخ عن المختبرات والمعامل وتأثيرها على الحياة.. وشاءت الأقدار أن ألتقيها في محفل رسمي فوقعت عيني عليها فناديتها كما تعودت «البنية المجنونة» ودائماً ترد عليّ «البنية الكلاسيك»، وسألتني وسألتها عن أخبارها وماذا فعل الزمن بها وبي فلاحظت أنها بدت لي أكثر تعقلاً من قبل، فأخبرتني أنها تزوجت أحد أبناء البلد من المقيمين هناك، فسألتها عن المعامل والجينات فردت بكل فرح «كانت مرحلة».. فعرفت أنها خرجت من إطار الأفكار المجنونة وعادت إلى حظيرة الحياة العادية. آخر الكلام: الحياة ليست تجربة علمية، إنها الحياة كما فطرنا عليها الله وكما فطر عليها أبانا آدم وأمنا حواء.. أجود المعامل والمختبرات المرجعية في العالم هي مختبرات الحياة العادية.
سياج – آخر لحظة الاحد 04/10/2009 العدد 1135
fadwamusa8@hotmail.com

‫2 تعليقات

  1. لا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم بداية المقال تخوفت جدا من تصرف تلك اليافعة ولكن الله هداها وثابت لصوابها واظنها تذكرت قوله تعالى : (ومن آياته ان خلق لكم من انفسكم ازواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة ) صدق الله العظيم

  2. حقيقة ان بين الواقع والخيال بون شاسع بعد المشرقين .. وزي ما صاحبتك المجنونة دي كانت بتفكر وبتعتقد ان ما كتب في تلك القراطيس من بعض مجانين البشر حق التطور والرقي وبلاش كلاسيكية .. غير ان الواقع يكذب خطرفاتهم التي قالوا ان الانسان تطور من القرد وسميت نظرية التطور لدارون ولكن مع الايام يثبت علمهم ان الانسان لم يكن يوما منشأه من القرد .. المشكلة نحن إمعة البقولوا الغربيين نتبعه حتى لوكان دخلوا جحر ضب لدخلناه معهم من باب المغلوب مولع بتغليب الغالب ( ابن خلدون ) .. أختي فدوى كانت معنا طالبة بالجامعة فكانت تناطح وتشاكس في المنتديات وتخرج عن طوق الفطرة ، فقالت يوما في إحدى الندوات أن الناس العاملين ملتزمين ديل ما دايرين للمرأة إلا ان تكون مثل الدجاجة تفقس ليهم العيال ويقعدونا في البيوت ، فقام أحد الجالسين مستنكرا منها ذلك وهو يتكلم بحرقة خلاص غيري فطرتك وخلينا نحمل ليك نحنا ونربي ليك وانت امرقي سوي العاوزاهو .. والهوس راقد عند الغربيين قبل عدة شهور طلع علينا في الإعلام احد مهوسيهم وقال عملت دراسات وتاني مافي حاجة اسمها موت وما مضت ثلاثة شهور صاحبنا زاتو في روحو مات وشبع موت مات هوسه معه .. الفطرة التي فطر الله الناس عليها لا يمكن ان نغير فيها وإلا تعدينا كل الخطوط الحمراء ومن يتعداها يخسر ويندم على ذلك0000