السودان .. حكومة قديمة بوجوه جديدة
جاءت الحكومة السودانية الجديدة بنفس التركيبة والتحالفات السابقة قبل الانتخابات -وإن حملت في ملامحها عنصر الشباب- بعد فشل حزب المؤتمر الوطني الحاكم بقيادة الرئيس عمر البشير في إقناع قوى المعارضة الرئيسية بالمشاركة فيها.
كما عكس التشكيل الوزاري تنفيذ الحركة الشعبية لتحرير السودان -الشريك الثاني في حكومة الوحدة الوطنية- لما أعلنته سابقا من إبعاد كافة صفها الأول من التشكيل الوزاري لالحكومة القومية، والاتجاه به نحو الجنوب لإدارة عملية الاستفتاء المقرر لها بداية العام المقبل والتي تشير الدلائل فيها لانفصال الإقليم عن الدولة الأم.
ففي وقت ارتفع فيه عدد الوزارات إلى 35 وزارة اتحادية بجانب 42 وزير دولة، لم يستبعد خبراء سياسيون نجاح الحكومة الجديدة “رغم ما عليها من مآخذ”، بينما توقع آخرون “عدم صمودها في وجه ما اعتبروها عواصف كبيرة تنتظرها”.
استمرار المشكلات
أستاذ العلوم السياسية بجامعة أم درمان الإسلامية صلاح الدومة اعتبر أن المؤتمر الوطني عمد عبر تشكيلة الحكومة الجديدة إلى استمرار سياساته وبرامجه السابقة، وبالتالي جاء بذات الوجوه مع إضافة وجوه جديدة هي بالأساس من صف المؤتمر الوطني الثاني”.
ولم يستبعد استمرار المشكلات التي تعاني منها البلاد في ظل غياب القوى السياسية الكبيرة من التشكيل الحكومي، مبديا خشيته من عدم قيام الاستفتاء لجنوب البلاد في موعده المعلن.
وتوقع في حديثه للجزيرة نت أن تعلن الحركة الشعبية دولة الجنوب من داخل البرلمان “بعدما وعدت بالتأييد والمباركة من أميركا والغرب” ، مشيرا إلى أن التمثيل الجنوبي في الحكومة الجديدة لن يكون ذا أهمية لضعف نسبته ونسبة الذين يمكن أن يعارضوا سياسات المؤتمر الوطني.
ولم يستبعد الدومة وجود اتفاق سري بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية للدفع بصفهما الثاني “بينما يبقي الصف الأول مراقبا للأحداث وموجها لها خلف الكواليس”.
أطر جديدة
أما أستاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين حسن الساعوري فلم يستبعد اتجاه المؤتمر الوطني لوضع أطر جديدة للتعامل مع القضايا القومية، مشيرا إلي أن الحزب الحاكم جاء بكثير من الوجوه الجديدة الشابة “لأنها لم تكن من ضمن الوجوه غير المقبولة للقوى المعارضة وبالتالي ربما وجدت نوعا من الإجماع على بعض خطواتها”.
وأشار إلى وجود قضايا ملحة بحاجة إلى عمل جماعي، و”بالتالي فإن رؤية المؤتمر الوطني ربما بنيت على أساس توافق الرؤى والأفكار في تشكيلته الجديدة”.
ورأي أن عدم اختيار الحركة الشعبية لصفها الأول للمشاركة في الحكومة يعني أن هناك أمورا “يخطط لها بصورة علنية ومكشوفة قد يكن الانفصال هو الخطوة الأولى منها”.
عجز سياسي
ومن جهته أشار الكاتب والمحلل السياسي تاج السر مكي إلى عدم اتساع الحكومة لتشمل قوى المعارضة رغم التوقعات التي كانت تشير إلى ذلك، مؤكدا عجز المؤتمر الوطني في إقناع القوى السياسية الكبرى بالعدول عن مواقفها من المشاركة.
وقال للجزيرة نت إن عدم شمول الحكومة ربما يجعلها أقل قدرة على مواجهة القضايا الكبرى في البلاد “مثل الاستفتاء وترسيم الحدود بين الشمال والجنوب وأزمة دارفور”.
واستبعد أي احتمال للإجماع الوطني المنشود في المستقبل “لاعتقاد القوى السياسية الأخرى باختلال شروط الحكم الديمقراطي في البلاد”.
الجزيرة نت