ماذا تعرف عن الجوع الخفي؟…السودان يعاني من نقص اليود
تنتشر امراض سوء التغذية وسط الاطفال والامهات بسبب الظروف الاقتصادية والنزوح والجفاف والفقر وضعف السلوك الغذائي وارتباطها بالعديد من الامراض خاصة الاسهالات وقد تتسبب الممارسات الخاطئة في حدوث امراض سوء التغذية وتلجأ بعض الامهات الى استخدام الدخان للاطفال في حالة الاسهالات مما يؤدي الى فقدان الجسم للسوائل بجانب أن بعض امراض سوء التغذية ناتج من فقدان المغذيات الدقيقة بما يسمى الجوع الخفي .. وحسب احصائيات وزارة الصحة الاتحادية ان «45%» من وفيات الاطفال يعد سوء التغذية العامل المشترك فيها واكدت الدراسات ان اعطاء الاطفال كبسولات فيتامين «أ» يسهم في خفض وفيات الاطفال بنسبة «31%» .. وحسب التوجه العالمي يتم تقديم خدمات متكاملة كخدمة واحدة ضمن النظام الصحي الواسع في جميع ولايات السودان من اجل زيادة نسبة الاستخدام والاتاحة وتقليل التكلفة والجهد الذي يبذل لكل واحدة من التدخلات كلاً على حدة ولذلك انطلقت حملة تغذية صحة الام والطفل وتستمر حتى نهاية العام لتحقيق اهداف انمائية لعام 2015م.
……
جرعات وقائية
اميرة زكريا من ادارة التغذية بوزارة الصحة الاتحادية قالت: في الماضي يعتمد المواطن على الاكل الطبيعي من البان وبيض وخضروات طازجة والزبادي، أما حاليا فقد دخلت متغيرات عديدة في الحياة بفعل التقدم في جميع المجالات وأصبحت بعض الاسر تعتمد على الالبان الصناعية وتتعرض الخضروات للاسمدة بجانب الظروف الاقتصادية والمعيشية للاسر ولذلك بدأت اول تجربة لادخال فيتامين «أ» العام 1994م باعطاء جرعات وقائية وعلاجية للفئات الأكثر عرضة لنقص فيتامين «أ» خاصة الاطفال المصابين بأمراض سوء التغذية والحصبة والاسهالات والاطفال دون سن الخامسة. واطفال المجتمعات الفقيرة واطفال الخلاوى وفيتامين «أ» احد المغذيات الدقيقة التي يحتاجها الانسان بكميات صغيرة وذلك للمساعدة في النظر ونمو العظام ويحمي الجسم من الأمراض بدخوله في تكوين انسجة الجهاز التنفسي والهضمي، ويدخل في تكوين مناعة الجسم ونقصه يتسبب في عمي غذائي يبدأ بالشكوى من عدم الرؤية ليلا ويعرف بالعشى الليلي ويقود الى فقدان البصر الدائم اذا لم يعالج بسرعة. وتظهر علامات تبدأ بنقاط متصبغة ببياض العين وجفاف الملتحمة وسواد العين القرنية وتقرحها وبروز العين وفقدان البصر نهائياً وتؤكد ضرورة التركيز على اكل الخضروات داكنة الخضرة مثل الرجلة والجرجير والفلفل الاخضر والفواكه الصفراء مثل المانجو والبرتقال والباباي والجزر والقرع البلدي.
وتقول: لمكافحة امراض سوء التغذية ونقص فيتامين «أ» لابد أن تهتم الأم بالرضاعة الطبيعية المطلقة خلال الاشهر الستة الاولى من عمر الطفل وادخال الاطعمة الغنية بالفيتامين، مع استمرار الرضاعة الطبيعية حتى اكمال الطفل العام الثاني من عمره بجانب التنوع الغذائي وعدم التركيز على اطعمة معينة عند اعداد الطعام والاستفادة من المواسم التي تكثر فيها المصادر الغنية بهذا الفيتامين والحرص على اعطاء الاطفال الجرعات الوقائية من فيتامين «أ» عند اكمال الطفل الشهر السادس من عمره والتي تعطى كل ستة اشهر حتى بلوغ الطفل العام الخامس واشارت الى انه توجد جرعات وقائية من فيتامين «أ» للاطفال وأقل من عمر خمس سنوات في المركز واقسام الاطفال بالمستشفيات بجانب الاستفادة من الحملات القومية المشتركة مع التحصين، لتغطية أكبر عدد من الاطفال بجرعات فيتامين «أ» ويعطي الطفل من عمر «6» أشهر الى أقل من «12» شهراً كبسولة زرقاء ويعطى الطفل من «12» شهراً الى «59» شهراً كبسولة حمراء، وأكدت ضرورة اعطاء الامهات المرضعات كبسولات حمراء خلال الاسابيع الستة الاولى من الولادة باقسام الولادة بالمستشفيات وبواسطة القابلات المدربات في الاحياء.
واعتبرت ان قضايا امراض سوء التغذية ليست مسؤولية الصحة وحدها وترتبط بالعديد من الجهات مثل التعليم العام والصناعة والزراعة وغيرها ولذلك تهتم الادارة بطلاب المدارس في مرحلة الاساس والخلاوى باعطائهم جرعات وقائية من فيتامين «أ» اثناء العام الدراسي.
اذا كانت المنطقة تحتاج الى ذلك في حالات الحروب والنزوح والجفاف والاطفال المصابين بالعمى الليلي وسوء التغذية والاسهال المستمر والحصبة باعطائهم جرعات علاجية من فيتامين «أ» بواسطة الكادر الصحي بجانب وجود زيوت يضاف اليها فيتامين «أ» كما يحدث في ولايات دارفور.
صحة الطفل
وقالت د.سلوى سوركتي مدير ادارة التغذية بوزارة الصحة الاتحادية ان الوزارة تهتم بصحة الطفل منذ لحظة الميلاد كما تهتم بصحة الام ويتم تقديم خدمة صحية متكاملة من خلال وضع الاستراتيجيات وتشجيع ممارسة الرضاعة الطبيعية وتدريب كادر صحي يتعامل مع الأم لاهمية الرضاعة الطبيعية لمكافحة أمراض سوء التغذية.
واوضحت ان الوزارة تسعى لتقنين تسويق بدائل للبن الام حيث توجد ظروف محددة لاستخدام بدائل لبن الام سواء في حالات النزوح والجفاف ووفيات الامهات خاصة ان الالبان المصنعة لا تماثل لبن الام ولذلك يتم دعم الام العاملة بتوفير الحضانات لانها حق أو اجازة الامومة لمدة عام بمنحة من رئيس الجمهورية، أو تخصيص «8» اسابيع مدفوعة الاجر، كما تهتم بمتابعة نمو الطفل أو الاكتشاف المبكر لاية مشكلة غذائية ويتم التدخل الصحي من خلال متابعة وزن الطفل وتشجيع الامهات على متابعة وزن الطفل لمنع سوء التغذية لافتة الى ان متابعة نمو الطفل من قبل الامهات ضعيف وتفتقد الام الى الوعي بأهمية متابعة نمو الطفل من خلال اقرب وحدة صحية بالحي.
وقالت: ان سوء التغذية من الأسباب المهمة والعامل المشترك لوفيات الاطفال ولذلك يتم تدريب كوادر صحية ووضع برتوكول لمعالجة سوء التغذية من اهم البرامج لمعالجة سوء التغذية خاصة في المناطق التي توجد بها وحدات صحية أو مستشفيات في القرى، وتتم معالجة سوء التغذية من خلال المجتمع ويشارك بفاعلية في اكتشاف حالات سوء التغذية وتم تحديد عدد من الولايات المستهدفة لإدخال برنامج المعالجة المجتمعية خاصة ولايات دارفور، والنيل الازرق وكسلا وجنوب كردفان ويتم تكثيف الجهود من خلال الاشراف والمتابعة وتدريب الكوادر الصحية وتهيئة عنابر الاطفال. وكشفت د.سلوى عن جهود مشتركة مع وزارتي التعليم العام والعالي، وذلك باضافة جزئيات في مجال التغذية في المنهج وتدريب المعلمين بجانب التنسيق مع الجامعات لإدخال برامج التغذية والبرتوكولات في مناهج كليات الطب والمجتمع.
نقص اليود
وقالت د.ايمان مسؤولة وحدة المعديات الدقيقة ان السودان يصنف عالمياً من الدول التي بها نقص في اليود في التربة والمرافق الزراعية.. وقالت ان الاطفال يعانون من الاضطرابات والأمراض بسبب نقص اليود مثل تضخم الغدة الدرقية والاعاقة الذهنية ولذلك وضعت خطة تهدف الى خفض نسبة وفيات الاطفال والنساء من خلال معالجة سوء التغذية الناتج عن نقص المغذيات الدقيقة «الجوع الخفي»، وذلك لوجود نقص في عناصر الفيتامينات والاملاح المعدنية ويعتبر الامداد بفيتامينات «أ» واحد من الاستراتيجيات لمعالجة نقص التغذية، وتوجد خطط لاستخدام الملح الميودن خاصة انه يوجد قانون يمنع استخدام الملح السائد الآن لانه يعاني من نقص اليود بجانب عدم توافر الكادر المدرب أو الماكينات.
توعية المجتمع
وقالت د.حنان مختار مدير ادارة تنمية المجتمع والشراكات بوزارة الصحة الاتحادية ان تعزيز صحة الام والطفل يحتاج الى تكثيف الجهود لتوعية المجتمع باهمية تناول الغذاء الصحي الذي يحتوي على عناصر نباتية وحيوانية والفاكهة ونجد أن كثيراً من الأمراض ترتبط بالمفاهيم الخاطئة والسلوكيات الغذائية السالبة ولذلك حرصت الوزارة على ان تستمر حملة تغذية الام والطفل حتى نهاية العام وقالت ان عدم تناول الخضروات والفاكهة يؤدي الى ضعف مناعة الانسان واكدت ان تغير سلوك المجتمع يحتاج الى دليل وتثقيف صحي لمد المجتمع بالمعلومات الصحية.
واشارت الى انه حسب الدراسات فإن لبن الام يحتوي على كميات كبيرة من المياه والبروتينات ويسهم في معالجة سوء التغذية والوقاية من الامراض.
واكد د.كمال عبدالقادر وكيل وزارة الصحة الاتحادية ان سياسات الدولة الصحية تستهدف تحقيق صحة الاطفال والامهات وذلك بتقديم خدمات متكاملة كخدمة واحدة من النظام الصحي تماشيا مع التوجه العالمي لزيادة نسبة الاستخدام وتقليل التكلفة والجهد وتركز حملة تغذية الام والطفل على تقديم خدمات صحية متكاملة باعطاء الطفل فيتامين «أ» والحبوب الطاردة للديدان والتحصين ضد شلل الاطفال. وأشار إلى أن الحملة الاعلامية لتوعية المجتمع تستمر حتى نهاية العام باعتبارها صمام الأمان لتعبئة كافة المجتمعات بدءاً من المجتمعات المحلية وحتى المسؤولين لتمكين الأسر من تشخيص القضايا الصحية لأن التواصل المرتبط بالسلوك والتغيير واحد من أكبر الطرق فعالية لتحسين الصحة للأطفال والأسر.
صحيفة الراي العام