تحقيقات وتقارير

خبراء: زيارة البشير لتشاد قانونية

ما إن أعلن الرئيس السوداني عمر حسن البشير عزمه المشاركة في قمة دول الساحل والصحراء التي تستضيفها العاصمة التشادية إنجمينا حتى تساءل الجميع عن مذكرات المحكمة الجنائية الدولية بحقه وكيفية تصرف الدولة التشادية حيال الأمر؟ لكونها إحدى الدول التي تعترف بمحكمة لاهاي.

وفي الجانب الآخر لم تسلم المعارضة التشادية من دفع ثمن التقارب بين الخرطوم وإنجمينا أسوة بنظيرتها العدل والمساواة السودانية التي لاقت نفس مصير الطرد من الأراضي التشادية.

غير أن طرد المعارضتين لم يكن ذا أهمية مقارنة بما حملته زيارة البشير من دلالات ربما تعطي مؤشرا حقيقيا لاتجاه العلاقات السودانية التشادية نحو الأحسن من جهة، والبرهان على اتفاق الأفارقة على مناهضة الاتهامات الموجهة من المحكمة الدولية لرئيس الحكومة السودانية من جهة الأخرى.
تلاحم إفريقي
وعلى الرغم من تأييد بعض الجهات للزيارة، اعتبر محللون وخبراء قانونيون أن ليس من حق المحكمة فرض قراراتها على أي دولة بغض النظر عن عضويتها فيها من عدمه، وأكدوا أن مواد رئيسية في قانون المحكمة تعطي الدول الحق في معالجة القضايا دون الدخول في أزمات مع دول أخرى كحالة السودان وتشاد.

فقد لفت الخبير القانوني شيخ الدين شدو الانتباه إلى أن المادة 98 من دستور المحكمة الجنائية الدولية لا يجيز للمحكمة أن توجه طلب تقديم مساعدة تقتضي من الدولة الموجه إليها الطلب أن تتصرف على نحو يتنافى مع التزاماتها بموجب القانون الدولي فيما يتعلق بالحصانة الدبلوماسية لشخص أو ممتلكات تابعة لدولة ثالثة ما لم تستطع المحكمة الحصول على تعاون تلك الدولة الثالثة لأجل التنازل عن الحصانة.

وقال إن شروطا قانونية تفرض على المحكمة موافقة الدولة المعنية بالتنازل والتعاون بشأن أي متهم فيها “وبذلك ستظل المحكمة عاجزة ومقيدة في تحركاتها تجاه المتهمين لديها أفرادا كانوا أو جماعات”، مشيرا إلى وجود اتفاقيات أخرى تنظم العلاقات بين الدول وتفرض احترام رعايا أو حصانات الدول تجاه بعضها البعض.

لكن الخبير السوداني -وعلى الرغم من اعتباره أن الزيارة تعد نوعا من المجازفة- استبعد في حديث للجزيرة نت أي تأثير للعلاقات الحميمة بين فرنسا وتشاد على قرار إنجمينا باستضافة الرئيس البشير “للتقارب الكبير بين الدولتين الجارتين وصدق كل منهما تجاه الآخر والذي تمثل في طرد معارضة كليهما من بلد الآخر”.
الرغبة والواقع
أما الخبير القانوني نبيل أديب فاتفق مع شدو بشأن عدم قدرة المحكمة على فرض قراراتها على الدول الأعضاء أو غير الأعضاء، مشيرا إلى الرغبة المشتركة بين الدولتين لفرض واقع جديد من السلم والتعاون.

واستبعد أي تهديد للرئيس البشير “لأن هناك مرونة في كافة القوانين الدولية والمحلية”، مؤكدا أن إنجمينا تدرك حدودها القانونية وكيفية التعامل معها بما يسهل من مهمة البشير.  

من جهته اعتبر أستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم بابكر محمد الحسن أن التنبؤ بمعرفة ما يجري في العلاقات السودانية التشادية غير ممكن على الأقل في الوقت الراهن، مشيرا إلى أن الحكومة السودانية وبدون أدنى شك ضمنت تأمينا كاملا لوفدها “خاصة وإن طرد الخرطوم لمن يهدد كرسي الرئيس إدريس ديبي سيكون من الأمور المهمة والمرحب بها بشدة في إنجمينا”.

الجزيرة نت