منى سلمان
إتفاقية دفاع مشترك .!
خلاص كفاهو .. النبي في يدك خليهو .. خصمتك بي نبي الشفاعة كان تاني تدقوا !!
أما إذا إختلف الزوجان وإرتفع صوت خلافهم فمن غير اللايق أن تطنش فالمروءة تلزمك برفع صوتك عبر الحائط بالقول:
كدي باركوها ياجماعة .. ما تدخلوا الشيطان بيناتكم.
ربما كان السبب في ذلك هوالتداخل الشديد بين الجيران، وربما كان السبب يكمن في ضيق مساحات البيوت، التي جعلت كل ما يحدث في البيت مسموع للجيران، فالجار يسمع دبيب (النملة الجيعانة) بحثا عن فتفوتة عيش في مطبخ الجيران .. كان والدي كثيرا ما يسخر من ضيق مساحات بيوتنا في الثورة، وكان يعلق ضاحكا على متابعة الجار لكل ما يحدث في بيت جاره بالقول:
بيوت الثورة دي شدة ما ضيقة .. لو عايز تقول لي مرتك نطبخ شنو؟ .. إلا توسوسا في أضانا!!
ورغم ذلك فلا فائدة ترجى من الوسوسة لأن رائحة قدرك سرعان ما تفوح لتشي بما توسوستما بشأنه.
إذن كان (التحشر) هو التبعة الحتمية للحميمة والتقارب والتواصل الشديد بين الأسر السودانية والذي يتجلى في ابهى صوره في علاقة الجارة وتعاطيها مع أدق اسرار حياة جارتها.
0 ربطت الصداقة الحميمة بين (حكمات) وجارتا الملاصقة ليها بالحيطة (بثينة)، وكم شهدت جلسات جبنة الضحى مساحات من البوح والفضفضة بينهما .. كانت (حكمات) رغم شخصيتها القوية القريبة من التسلط تشكوا من معاناتها في تصريف أمورها والقيام بدور الأم والأب معا، عندما إضطرتها ظروف الدراسة الجامعية للعودة بأبنائها للسودان وترك زوجها في الخليج، أما (بثينة) فكانت تشكو مرّ الشكوى من إنفلات عيار زوجها وتصابيه وعلاقاته المشبوهة بالصبايا الجميلات والتي لم يكن يجيد إخفائها ولا يهتم لذلك، ففاحت رائحتها حتى أزكمت أنوف المعارف والجيران.
كانت (حكمات) تركب على المقعد الخلفي لسيارتها مع السائق الذي خصصه زوجها لقضاء مشاويرها وايصال الأولاد للمدارس والجامعات والعودة بهم .. جلست ساهمة مشغولة الفكر بما تنوي أن تشتريه من السوق عندما إنتبهت فجأة للعربة التي توقفت بجوارهم في إشارة المرور، فقد ميزت فيها عربة (عبد القادر) جارها وزوج صديقتها (بثينة)، همت بمناداته لتحيته ولكنها فوجئت برؤية شابة حسناء تجلس بجواره على العربة وقد إنهمكا في حديث (تشوبه) البسمات من جانبه، ويعلوه الغنج والدلال من جانبها وإنشغلا به عن ما يدور حولهما .. ماجت دواخلها بالغضب الشديد إصالة عن نفسها، وهاجت غيرتها نيابة عن جارتها وصديقتها، وقبل أن تتمالك نفسها تغيرت إشارة المرور وإنطلق (عبد القادر) بعربته مبتعدا، لم تتردد كثيرا فقد مالت للأمام وصاحت في السواق:
يلا سريع يا عمي مصطفى .. ألحق لي عربية عبد القادر ده!!
داس العم (مصطفى) على البنزين و(نهر) العربية حتى لحقت بعربة عبد القادر وسارت بمحازاتها .. فتحت (حكمات) زجاج نافذتها وصاحت منادية (عبد القادر):
عبد القادر!! .. أه يا راجل يا دون!! .. وقف العربية دي ونزل (الشكلوتة) المتل قرد الطلح دي سريع!!
صدم (عبد القادر) برؤيتها وإختلت عجلة القيادة في يده ولكنه تمالك نفسه بصعوبة وإلتفت إليها مدّعيا البراءة:
أهلا يا حكمات .. قلتي شنو أنا ما سامعك؟؟
إجابته صائحة في حزم:
بلا ما سامعك بلا حركات معاك .. نزل (العِيفة) المركبا معاك دي وإلا قسما عظما أكلم ليك بثينة.
لم يجد (عبد القادر) بدا من أن يقف لينزل الحسناء وإنطلق وهو يدمدم بينما واصلت (حكمات) طريقها نحو السوق.
في المساء لم يتمالك (عبد القادر) نفسه من الغضب عندما عاد للبيت .. لم يدخل لبيته كالعادة ولكنه توجه نحو بيت جارتهم وطرق الباب بشدة .. فتحت الباب (حكمات) فصاح فيها دون تحية:
إنت يا مرة مالك مستقصداني؟؟ .. أكون كابي فيك حبل وأنا ما عارف؟؟ خليتي راجك في الخليج عشان تجي تتلحيني؟؟
ضحكت (حكمات) في تشفي وقالت:
الله جابني عشان أنصر أختي المسكينة دي الإنتا ظالما معاك .. والله ووالله .. تاني أشوفك مركب ليك واحدة، ولا أسمع بيك ساي قاعد تلعب بي ضنبك .. إلا أخلي أمة محمد تتفرج فيك!!
سألها في غيظ:
ليه إصلك إنتي موقعة معاها إتفاقية دفاع مشترك؟؟
تبسمت (حكمات) في غموض وقالت:
دفاع شنو كمان؟ دي الخوة والمروة !! [/ALIGN]
لطائف – صحيفة حكايات
munasalman2@yahoo.com