الشركات الأمنية: الخفراء القيافة يطردون الرعيل الأول
عكاز مضبب بالجلد .. بطارية ..راديو ..إبريق ..مصلاية .. هذه الأشياء كانت أهم معينات الخفير او الغفير كما ينطقها البعض ،وهو ذلك الرجل الذي تجاوز الأربعين من عمره ويعمل على حراسة المؤسسات الحكومية والشركات الخاصة والمشاريع الزراعية(القناطر والترع ) والمنازل وغيرها ،ويتصف بالشجاعة والأمانة والحرص على أداء مهامه كما ينبغي ،ورغم أن راتبه كان الأقل بين رصفائه في المهن والوظائف الأخرى الا أن معظم الذين امتهنوا هذه المهنه كانوا راضين بما قسمه لهم الله ،ويعتبرون أصحاب المهنه الوحيدة التي لم يضرب ممتهنيها عن العمل مهما كانت الدواعي ولم يسجل التاريخ القريب لهم إضراباً حيث يفضلون العمل تحت كل الظروف السياسية والحياتية والمناخية، ومهنة الحراسة (حديثا) والخفير قديما كانت محصورة على الذين تجاوزوا العقد الرابع من عمرهم ويرجع العم الفاضل عثمان وهو سبق أن عمل خفيراً لعشرين عاماً هذا الأمر الى أن متقاعدي القوات النظامية وخاصة الجيش يفضلون العمل بعد التقاعد او الفصل من الخدمة العسكرية وذلك لانهم جبلوا على النشاط ،ومهنة الخفير هي الأقرب لهم من واقع انها خدمة فيها شئ من العسكرية مثل الانضباط والمسؤولية علاوة على ذلك معروف في الماضي ان من يمتهن العسكرية ويحال الى التقاعد يكون غير ملم بأية (صنعة) ومهنة أخرى ووظيفة الخفير كانت هي الأقرب والأسهل للقادمين من المؤسسة العسكرية ،وقال إن الذين لم يكملوا تعليمهم او لم يتلقوه أصلا ولايعرفون مهنه أخرى كانوا يفضلون العمل في مهنة الخفير ..ويتحسر عبد الباقي عبد الجليل على تلك الأيام التي كان فيها الخفير صاحب سلطة ومكانة ،وقال إنهم كانوا محبوبين من الموظفين والعمال ويعملون بكل جد وإخلاص ولايعرفون التراخي في أداء مهامهم ،غير أن عبد الباقي أكد إنحسار مملكة الخفراء وقال :على أثر إنهيارها بات الكثير من كبار السن القادرون على العطاء بلا عمل بعد أن اتجهت الشركات والمؤسسات الى الإستعانة بالشركات الأمنية في أعمال حراسة المنشآت ومكاتب الإستقبال ، ويقول متحسرا :نحن أصبحنا من الماضي .
(هاتف جوال به ذاكرة مع سماعة أذن ،سلاح ناري ،كرسي ) دارت الأيام وأصبحت هذه أهم معينات حارس الأمن الذي يؤدي ذات الوظيفة التي كان يؤديها الخفراء بالأمس ، والاختلافات طالت المظهر ووسائل العمل وبقي الجوهر كما هو ،ولأن البطالة تمسك بتلابيب الشباب والفقر يهدد حياة آلاف الطلاب الجامعيين ،لم يعد ممتهنوا هذه المهنه من كبار السن ومتقاعدي القوات النظامية الذين أكملوا سنين خدمتهم في الزود عن حياض الوطن ،فالشباب الذين حملوا الراية لدواعي ذكرنا بعضها آنفا بالإضافة الى أن للحداثة والتطور ضحايا لابد ان يدفعوا الفاتورة حتى وإن أرادوا غير ذلك ..ولكن يبقى هناك سؤال هام مفاده ،هل يتمتع حراس اليوم بذات الامتيازات المادية والوظيفية التي كان عليها خفراء الأمس ؟
الصحافة