الهجوم على (سوداتل) بالجنوب.. أصابع الإتهام
إستبقت مجموعة مجهولة الهوية، زيارة الرئيس عمر البشير، الثلاثاء الماضي الى مدينة جوبا حاضرة الجنوب، في زيارة وصفتها الكثير من الدوائر المحلية والأجنبية بالتاريخية، إستبقت المجموعة الزيارة بالهجوم على مبنى شركة (سوداتل) بمدينة جوبا، وأحدثت أعطالاً جسيمة في الاجهزة الفنية والكيبلات، مما ادى الى أعطال بالغة تسببت في انقطاع الخدمة عن شبكة سوداني، وأرجعت ادارة (سوداتل) الأعطال لتعرض موقع الشركة بجوبا لعمل تخريبي.
وتوقيت وقوع الحادث، المتزامن مع دنو موعد الاستفتاء المقرر له الأحد المقبل، في وجود شحن سياسي متصاعد في الأفق السياسي شمالاً وجنوباً، بجانب ارتفاع اصوات الانفصاليين في الجنوب المشحونين بكثير من المشاعر السالبة تجاه الشمال، التوقيت خلف جملة من التساؤلات والمخاوف عن الدوافع الأساسية وراء الحادث، الذي لم يتم كشف من يقف وراءه، وعن ماهية الوسائل التأمينية التي تضعها شركات الاتصالات السودانية، بوصفها واحدة من المؤسسات المالية التي تدار فيها رؤوس اموال كبيرة، تعتمد في ربحيتها على حساب الزمن.
وحوادث الاتصالات بمختلف اوجهها دائماً ما تتبعها الكثير من الاتهامات والتكهنات، تكهنات غالباً ما تصوب تجاه الشركات المنافسة محلياً أو عالمياً، وذلك كان احد التفسيرات في اثر الشائعات التي تناقلتها وسائل الاعلام في سبتمبر الماضي، شائعات تحدثت عن أن مكالمات ترد من أرقام معينة تصيب مستقبلها بالاغماء وربما الموت، ويرى خبراء وتقنيون وامنيون، ان الحادث وقع في ظروف بالغة التعقيد في ظل آفاق المنافسة المفتوحة، غير معلومة الاطراف والاهداف، بجانب الاوضاع السياسية والامنية التي يمر بها الجنوب في الآونة الاخيرة مع اقتراب الاستفتاء. ولا يستبعد العميد (م) حسن بيومي الخبير الأمني المعروف، ان تكون اسباب العملية دوافع المنافسة في ظل السوق العالمي المفتوح، وقال في اتصال هاتفي من جوبا، ان الحادث يمكن تحديد دوافعه من خلال تحقيقات وخبرات المهندسين والفنيين الذين يستطيعون معرفة ما اذا كانت العملية من قبل جهات ذات دراية بالتقنيات أم ان الحادث من فئات معزولة. وفي هذا المنحى اشار د. يحيى عبد الله وزير الاتصالات في حديث نقلته الصحف، ان نتائج التحقيق هي وحدها من يحدد ما إذا كانت العملية تخريبية ام مجرد سرقة.
فيما لم يستبعد البعض، أن تكون جهات نافذة في الجنوب وراء الحادث لاستبعاد الشركات العاملة بالشمال من المنافسة المقبلة في رخص التشغيل بالدولة الوليدة، لكن بيومي يستبعد ان تكون هناك جهات حكومية لها يد في المسألة لانتفاء الأسباب لذلك، وقال: انا استبعد ان يكون التخريب من جهات مسؤولة، في ظل التعقيدات التي تكتنف عمليات الاستفتاء التي تخيم على الاوضاع بالجنوب.
عنصر آخر يدفع به البعض، وهو ان الحادث وراءه القوى الانفصالية المعادية للشمال، بهدف إحداث شرخ في مستقبل العلاقات بين الشمال والجنوب في المرحلة المقبلة، والتوجه صوب الدول الأفريقية، لكن العميد بيومي لا يرى ان هناك دوافع من هذا الاتجاه، ويشير الى ضعف الاستثمارات الشمالية في الجنوب، وينوه الى انه في الجنوب منذ أكثر من أربعة ايام ولم ير اي إستثمارات للشماليين في الجنوب، وقال إن الحادث معزول، وان امكانيات الشركات المالية تستطيع ان تعالج الأعطال في فترات وجيزة.
ويرجح د. عادل عبد العزيز الخبير الإقتصادي، نائب رئيس الجمعية السودانية لتقانة المعلومات، ان تكون المنافسة غير المشروعة وراء العملية، ويقول في حديثه لـ «الرأي العام»: لا توجد معلومات متوافرة حول الجهات التي تقف وراء الحادث، لكن التحليل يذهب إلى أن الحادث يأتي في إطار المنافسة التجارية غير المشروعة، وقال: من المعلوم ان (سوداتل) استثمرت في البنى التحتية للاتصالات في السودان بموافقة من الحكومة المركزية، وأشار الى ان إستثماراتها ذات أثر كبير في تطوير القطاع بالبلاد، وأضاف: معلوم ايضاً ان حكومة الجنوب منحت تراخيص لبعض دول شرق افريقيا، وبالتالي يمكن ان يكون التخريب يحمل ابعاداً تنافسية لإتاحة الفرصة للشركات القادمة من دول شرق افريقيا في المرحلة المقبلة. واستبعد د. عادل ان تكون هناك اي دوافع أو انعكاسات سياسية للعملية التخريبية، وحول مدى التأمين الذي تضعة شركات الاتصالات في السودان، قال د. عادل ان شركات التأمين تقوم بتأمين منشآتها، الا انه قال ان التأمين يأتي في اطار التأمين الشرطي العادي، او عبر شركات الحراسة الخاصة التي لا يمكنها مواجهة هجوم مسلح متعمد من جهه منظمة، وقال ان الاجراءات التأمينية في المدن غالباً ما تستهدف منع التخريب والحرائق. وكيفما كانت التحليلات القائمة على دلائل منطقية او المجافية لها، تبقى التحقيقات وحدها من يحدد الجهة المنفذة للحادث، ومن ثم التكهن بمدى تأثيرها في مستقبل العلاقة القادمة بين الشمال والجنوب.
الراي العام
تقرير: عباس أحمد