بعد تقسيمها إلى خمس شركات تتبع لوزارة الكهرباء والسدود
واشتكى هؤلاء المتضررون من النقابة التي لم توافق على صرف صندوق الضمان الاجتماعي الذي ظل يخصم اشتراكه من مرتباتهم طوال فترات خدمتهم، وعندما طالبوا بذلك ردت عليهم نقابتهم بأن من يستحق صرف الصندوق يجب أن يكون عمره قد ناهز الخمسين عاماً، أو يكون قد أمضى خمسة وعشرين عاما من الخدمة في المؤسسة.. إذن لماذا لم تشترط النقابة هذه الشروط عندما كانت تقوم بالخصم؟ وقد طالب المتظلمون باسترداد ما دفعوه طوال فترة عملهم، فهل ستعطيهم النقابة هذا الحق؟ أم ستتركهم يصارعون طواحين الهواء؟ وفي الوقت الذي تطالب فيه الحكومة بتقليص الشركات الحكومية، يتم توزيع الهيئة القومية للكهرباء إلى خمس شركات، ولماذا تسبح وزارة الكهرباء والسدود عكس التيار؟
وبعد أن تمت خصخصة الهيئة القومية للكهرباء بموجب القرار رقم «169» الذي صدر في عام 2010م عن مجلس الوزراء الاتحادي لتحل مكانها خمس شركات تؤول إليها عقارات ومنقولات ومهام الهيئة، على أن تكون وزارة المالية الضامن لكل الالتزامات المالية واستمرار من يعملون في الهيئة القومية للكهرباء عاملين في وزارة الكهرباء والسدود، وتبقى رواتبهم ومخصصاتهم إلى حين تسكينهم في الشركات المنشأة، إلا أن هنالك أعداداً مازالت خارج المؤسسة فأسماؤهم موجودة ورواتبهم تصرف، ولكنهم يرفضون أن يأخذوا مرتبات دون أن يقوموا بأدنى جهد، بينما هنالك مجموعات كبيرة من زملائهم تمارس عملها بشكل طبيعي، بغض النظر عن أنها راضية بذلك ام لا.
وهذه الشركات المستحدثة بحسب قرار الكهرباء والسدود، هي الشركة السودانية للتوليد الحراري، والشركة السودانية للتوليد المائي، والشركة السودانية لتوزيع الكهرباء، والشركة السودانية لنقل الكهرباء، وشركة كهرباء سد مروي.
وكشف مصدر مطلع لـ «الصحافة» فضل حجب اسمه، أن الإدارة الجديدة قامت بمنح عدد مقدر من منسوبي وزارة الكهرباء إجازات جبرية، ولم يتم توزيعهم حتى الآن. وأشارت المصادر إلى أن التوزيع لم يكن على اساس الكفاءات وانما دخلت المحاباة بدلا من ذلك، فهل من تم إبقاؤهم في المنازل لا يملكون الكفاءة؟ ام هي رؤية الادارة؟ وما مصيرهم؟ أم أن الادارة الجديدة استصحبت بعض منسوبيها معها؟ وقال إن هنالك قائمة صدرت بأسماء عدد الموظفين ليدخلوا الى المعاينة ليتفاجأ زملاؤهم بصدور أسمائهم مرة أخرى ليوزعوا على الوحدات مع بقية الموظفين من الشركات الاخرى والوزارة، فقد أصبحت الهواجس تؤرقهم، فالإحساس بعدم الاستقرار يلاحق العاملين بالمؤسسة خوفا من المصير المجهول، وقدر المصدر عدد الممنوحين إجازات جبرية بحوالي «800» موظف تقريبا، وهذه المجمموعة غير راضية عن الوضع الذي ارغمت عليه، فهناك عدد كبير منهم يرغب في ممارسة عمله كما يجب، والحلول المتاحة لهم شائكة، بالاضافة الى الشائعات التي تصل الى مسامعهم بين الحين والآخر بأنهم سيتم الاستغناء عنهم في وقت لاحق. فأين نقابتهم وماذا فعلت لتخرجهم من هذه الدوامة؟ وبات الزملاء يشجعون بعضهم ويتناصحون بإنهاء الخدمة، ولكن رؤيتهم حول الأمر أن كل الطرق تؤدي الى نتيجة واحدة، وان الفئة التي اخذت مواقعها في الوزارة يتحدث الكثيرون منها عن أنهم جلسوا في اماكن على حساب الزملاء الباقين في منازلهم.
وأوضح المصدر أن بعضاً منهم تم انقاذهم من الاجازات الاجبارية عن طريق الوساطات التي تمت في الخفاء بعيدا عن أعين الجميع، وتساءل المصدرهل هكذا تعالج الأمور؟
وتحدث إلينا ثلاثة من الموظفين الذين اختاروا المعاش الطوعي بدلا من مواصلة خدمتهم، واكتفوا بهذا القدر لأن الأجواء بحسب حديثهم لم تعد مشجعة على العمل، وكان من بينهم مهندس واثنان من الفنيين. وقال المهندس اسامة ابراهيم محمد انهم فضلوا التقاعد بعد ان تم توزيعهم في وزارة الكهرباء، وبعدها منحوا مرتب ستين شهرا تقدر بـ 33.167.12 جنيهاً، الا انهم لم يعطوا حقوقهم كاملة، بالاضافة الى ان النقابة لم تكفل لهم حقوقهم، فهم لا تنطبق عليهم الشروط التي ذكرتها. وبين أن هناك تضارباً بينهم والدفعة الثانية التي طلبت المعاش الطوعي ووقعت على اوراق وافقت فيها على أن مرتب «60» شهراً هي مستحقاتها، لذلك تضرروا بحسب ما قال، وان هذا سيؤثر على معاشه في المستقبل، وأن وزير العمل اكد لهم ان حقوقهم ثابتة وسيتم صرفها لهم دون انتقاص، الا ان ادارة شؤون الافراد رفضت، كما طالب الفنيان ازهري مكي مساعد وابراهيم آدم عبد الله الرهود الوزارة ونقابة العاملين بالكهرباء بصرف مستحقاتهم كاملة حتى لا يتأثر معاشهم، وألمحوا الى ان هناك من صرف المبلغ كاملاً دون ان ينقص او يتعرض للمماطلة، وتساءلوا عما يحدث حولهم واين قانونيته؟ وقالوا إنهم يريدون تفسيرا واضحاً لذلك.
وبحسب قرار وزير الدولة بوزارة الكهرباء والسدود الصادق محمد علي الشيخ الصادر بتاريخ السادس عشر من شهر سبتمبر من عام 2010م فقد نصَّ على تعويض المتقاعدين طوعيا من الفئة العمرية «55ــ 60» عاماً بحساب متبقٍ خدمتهم للشهور بمكونات اجمالي الاجر الشهري ، والفئة دون الـ «55» عاما يتم تعويضهم بحساب مكون اجمالي الاجر الشهري بعدد «60» شهراً، ليأتي خطاب مدير ادارة الموارد البشرية في الفقرة الثانية منه موضحاً «في ما يتعلق ببدل الترحيل لنهاية الخدمة وخلافه من مستحقات المحالين للتقاعد الطوعي فإن المبلغ المسدد لكل متقاعد يشمل كل حقوقه، ولن تسدد أية مبالغ أخرى بخلاف ما تم منحه لهم»، فيما جاء في خطاب نهاية الخدمة للفني ابراهيم آدم عبد الله، في الفقرة الأخيرة منه «انه سوف تتم تسوية حقوقه القانونية لفوائد ما بعد الخدمة بواسطة وحدة الشؤون المالية والادارية والخدمات ــ بحري الحرارية».
وبحسب ما ذكروا لنا أثناء زيارتهم لمقر الصحيفة، فإن هذه التناقضات في القوانين تجعلهم على ثقة تامة بأنهم أصحاب حق، ولن يرضوا بالظلم الواقع عليهم، ولن يتركوا باباً الا وسيطرقونه، فهل سيجدون من يستمع اليهم ؟ فقد اختاروا الابتعاد عن العمل في وزار ة الكهرباء والسدود مقابل ان يحصلوا على حقوقهم كاملة، حتى يتمكنوا من التأسيس لمهن جديدة تعينهم على متطلبات الحياة، وأبدوا استغرابهم من موقف النقابة التي كانت تأخذ مبالغ مقدرة من مرتباتهم، وتنكرها بعدم استحقاقهم لصندوق الضمات الاجتماعي، وقالوا إنهم توقعوا أن تقف النقابة إلى جانبهم وتطالب بحقوقهم، إلا أنها هي الأخرى اتخذت ذات الطريق ليجد هؤلاء أنفسهم في مفترق الطرق.
صحيفة الصحافة