تحقيقات وتقارير

دينق رياك : باقان وأمثاله خطر على السلام والإستقرار في الجنوب


في صفحة «الرأي» إستهل الكاتب مقاله تحت هذا العنوان بالمثل القائل «بديل توبة الشيطان إدراك الإنسان للشر». و قال ان الأحدلاث التي تؤدي إلى 9 يوليو التاريخ الذي سوف يتم فيه الإعلان الرسمي لجنوب السودان «كجمهورية» لن تكون طيبة. ذلك لأن الاحداث التي تأخذ برقاب بعضها في أعقاب الاستفتاء على الاستقلال تعتبر مهددة للسلام والاستقرار في الدولة الوليدة. وهذا خير دليل على أن ثمة تحدىاً آخر في حاجة إلى قيادة قوية للتصدي لتلك التحديات لأنها تهدد حتى قدرة الدولة الجديدة على البقاء.
وقبل أسبوعين تقريباً اندلع القتال في مدينة ملكال بين رجال المليشيات تحت قيادة أولني والقوات النظامية «من الشرطة والسجون والحياة البرية والجيش الشعبي لتحرير السودان».
ورأيت من الأفضل التمعن فيما جرى قبل أن أبدي رأيي تجاه هذه الحادثة المؤسفة التي وقعت في منطقة مأهولة بالسكان. وثمة العديد من التقارير المتضاربة حول الأسباب التي أدت إلى تلك الأحداث ولكن يقال ان هذه الحادثة قد تفجرت نتيجة لاستياء قائد المليشيات المدعو أولني في أعقاب إعفاء محافظ مقاطعة بانيكانج في ولاية أعالي النيل وقد توصلنا إلى هذا من بعض المصادر التي تحدثنا إليها على الأرض والتي أعطتنا أول معلومات حول هذه الحادثة، بالرغم من وجود عوامل أخرى غير مباشرة.
وبعد يوم او يومين من تلك الحادثة وجه باقان اموم -أمين عام الحركة الشعبية ووزير السلام وتنفيذ اتفاقية السلام الشامل في حكومة جنوب السودان أصابع الأتهام لحزب المؤتمر الوطني متهماً أياه بتقديم كل أنواع الدعم لمجموعة المليشيات بغية زعزعة الاستقرار في جنوب السودان. وفي بادئ الأمر أخبر باقان الإعلاميين خلال مؤتمر صحفي بأن لديه أدلة دامغة بأن حزب المؤتمر الوطني في الشمال يحيك المؤامرات للاطاحة بحكومة جنوب السودان قبل 9 يوليو.. والغرابة في هذا الإتهام كيف يمكن لرئيس الجمهورية ان يطيح بنائبه الأول؟ وكان هذا الكلام يكون معقولاً لحد ما إذا كان العكس هو الصحيح، بسبب بسيط هو أننا ما زلنا نعيش في «الوضع الراهن» أي ان السودان ما زال دولة واحدة «دولة بنظامين» حسبما ورد في بنود إتفاقية السلام الشامل والدستور الانتقالي الوطني للسودان تسرى بنوده حتى 9 يوليو.
ثانيا: مضى باقان أبعد من ذلك عندما اتهم الحركة الشعبية لتحرير السودان – التغيير الديمقراطي بالوقوف وراء تلك الحادثة التي وقعت في ملكال وحاول ان يعزز ادعاءاته ببعض الوثائق المزورة التي أدعى أنه حصل عليها من اجهزة الاستخبارات.
ومما لا شك فيه ان هذه الاتهامات غير المؤسسة قد انطلقت من دوافع سياسية. ولذلك لا تعدو ان تكون دعاية رخيصة إتسمت بمشكلة باقان الشخصية مع قائد الحركة الشعبية – التغيير الديمقراطي د. لام أكول أجاوين. لأنه إذا لم يكن الأمر كذلك فما هي العلاقة بين مجموعة مليشيا وبين كيان سياسي أو منظمة بلا جناح عسكري؟ أم لأن قائد مجموعة تلك المليشيات التي شنت الهجوم على ملكال ينحدر من مجتمع كولو تماماً مثل أكول وباقان؟
جورج أتور أيضاً قائد مليشيا ارتكب بكل الوحشية مجزرة مع سبق الاصرار على بعض المدنيين الأبرياء في فنجاك في 9 فبراير ولم يجرؤ كائن من كان على سؤاله عما إذا كان يقوم بأعماله هذه بناء على تعليمات من سلفاكير أو أي شخص آخر لأنهما ينتسبان لنفس القبيلة.. ومثل هذا التخمين لا يقبله العقل وبالاضافة إلى ذلك فإنه لكي يصل المرء إلى هذه النتيجة يجب عليه اثبات العكس.
وأنا شخصياً أرى أن هذا جهد مدروس أو بالأحرى محاولة من باقان لصرف اهتمامات الشعب عن فشل الحركة الشعبية في مجالات عديدة وفوق هذا وذاك توجد سياساته الميكافلية.
ولقد فشلت الحركة «الجيش الشعبي» في توفير الأمن لمواطنيها منذ ان تولت مقاليد السلطة في العام 5002م. ولذلك فإنهم يحاولون ان يجعلوا من حزب المؤتمر الوطني كبش فداء وهذا أمر غير مقبول.
وأيديولوجية باقان الشيوعية ليست بالأمر الذي يتمناه المرء خاصة في هذا المنعطف.. وكنت أعتقد أنه قد أدرك ذلك الآن.. ومشكلته الوحيدة ان د. لام أكول وسلفاكير رئيس حكومة الجنوب بينهما تقارب مطرد.. وهذا هو سر عمله الدؤوب ليل نهار لكي يفكك هذه العلاقة التي جاءت نتيجة لمؤتمر الاحزاب السياسية الذي عقد خلال العام الماضي.. وكان باقان هو ذات الشخص الذي قدم نصيحة سيئة لسفاكير في العام 9002م لحظر الحركة الشعبية التغيير الديمقراطي ووقف جميع انشطتها كحزب سياسي.. وتم تحدي ذلك القرار في المحكمة الدستورية وقد كان قرار تلك المحكمة انه ادعاء «باطل وغير ذى قوة شرعية».. وظل باقان على الدوام معجباً بالصراخ الخاطئ والمشاكسة ومعارضة أي شئ وإحداث الضجيج دون أي سبب معقول.
وهو لا يدرك ان أفعاله هذه تجعل الآخرين يكونون فكرة سيئة عنه وهم على صواب حين يحكمون عليه بناء على أقواله وأفعاله.. ويمكن للمرء ان يسمى هذا خرقا وخبلا يعاني منه باقان وقد أصبح ديدنه سمة من سماته.
وفي ذات اليوم أعلن باقان انهم انسحبوا من المفاوضات المتعلقة بقضايا ما بعد الاستفتاء بعد ان ساق ادعاءاته هذه، وقال ان حزب البشير «المؤتمر الوطني» يتآمر للاطاحة بنائبه الأول. والسؤال الذي يفرض نفسه هنا: كيف تنسحب من المفاوضات بسبب هذه الإدعاءات بينما المفاوضات هي المنبر الأمثل للتعامل مع هذه القضية لإيجاد حل لها وتسويتها تسوية نهائية.. وفي الحقيقة هذا ما قلته من قبل حين ذكرت ان باقان إذا تولى رئاسة وفد الحركة فإنه لا يمكن الخروج بأي شئ مثمر من هذه المفاوضات لان باقان مدعٍ وغير متواضع.. وهذه حقيقة لا مراء فيها.
وعلى كير ان يتوخى غاية الحذر عندما يتعامل مع أناس من شاكلة باقان.
وكير لديه عدد من المستشارين يستأنس بآرائهم وينبغي عليه ان لا يعول على الهراء من أناس مثل باقان وأدوك بنايا، اللذين ينشدان تحقيق مصالحهما الأنانية ويغلبانها على مصلحة الجنوب.. وعند استعراض ما حدث في الماضي أتذكر جيداً ذات الباقان الذي أدلى بملاحظة غير مسئولة وملؤها الغرور عندما وصف السودان «بالدولة الفاشلة» ناسياً ومتناسياً أنه كان جزءاً لا يتجزأ من الحكومة. وإذا كان السودان دولة فاشلة فإن الذي يترتب على ذلك منطقياً أن باقان بصفته قائد – فاشل أيضاً. ولا بد للرئيس كير ان ينأى بنفسه عن أمثال هؤلاء الاشخاص وإلا فإن الأمر سوف يكلفنا ثمناً غالياً لأن نصائحهم التي يقدمونها تنطوي دائماً على الحقد والكراهية لبعض الشخصيات المعينة ومبعث ذلك مصالحهم الأنانية الجوفاء في الوقت الذي يتجاوزون فيه مصلحة الوطن.
وفي الختام أقول ان البلاد الآن على شفا الانحدار وهذا يهدد تعايشنا السلمي إذا لم ينتبه إلى الواقع الراهن. وكنت أحسب ان خمس سنوات من الذهول السياسي فترة كافية وأن الوقت قد حان لاستيعاب الدروس منها. وهؤلاء الساسة الصقور مثل باقان وأضرابه هم مهدد حقيقي وليس «محتملاً» للسلام والاستقرار في جنوب السودان.. والمجتمع الدولي يرقب هذه الاحداث عن كثب وبإهتمام بالغ ليرى ما إذا كان أولئك الذين يبدون مخاوفهم من ان الجنوبيين لا يمكنهم ان يحكموا أنفسهم على صواب؟ وقد أصبحت بياناتهم معلومة ومحفوظة وباقان وامثاله في حاجة إلى إعادة النظر في مواقفهم وأن يغيروا الطريقة التي يفكرون بها عندما يقومون بأمر ما قبل ان يدخلوا دولتنا الناشئة المرتقبة في قرار سحيق لا يعلم مداه إلا الله.. ولا يمكننا ان ننحى دائماً باللائمة على الجلابة لفشلنا لأن أيام اللوم واللوم المضاد قد ولت إلى غير رجعة خاصة بعد ان صوتنا من أجل استقلال جنوب السودان..
وأود هنا ان ألفت نظر أولئك السفاحين وقطاع الطرق والمؤيدين والمتعاطفين الذين ينظرون إلى باقان كأنه «مسيح» لا يجب ان تمس شعرة منه أو يصلب للأخطاء الفاضحة وللمخاطر التي نجابهها، أنا لا انتمي إلى عضوية أي حزب سياسي في جنوب السودان- لا الحركة الشعبية لتحرير السودان ولا للحركة الشعبية – التغيير الديمقراطي.. ولست سوى مفكر مستقل ومواطن يعنيه ما يحدث في بلده..

بقلم: دينق رياك خوريوام.. «خرطوم مونتر» ..ترجمة: محمد رشوان
الراي العام


تعليق واحد

  1. [SIZE=5]نقد الناقد هذا اسم باقان الجديد لانه ماعندو شغل غير الانتقادات الهدامه وهاهويوجه معوله الهدام حتي تجاه بلده الجنوب

    علاء التهامي[/SIZE]