تحقيقات وتقارير

السودان في ظل صناعة الازمات


تطابقت رؤى بعض المحللين السياسيين حول الأسباب والأهداف الحقيقية لتوالي الأزمات السودانية وتكاثرها بصفة تراتبية الأمر الذي يقود الجميع للاعتقاد بظلمة مستقبل البلاد على المنظورين القريب والبعيد.

وعلى الرغم من سعي الحكومة لمعالجتها واحدة تلو الأخرى قبل أن تعود ذات الأزمات إلى الظهور من جديد، يرى محللون متابعون أن للحكومة دورا وإن كان غير مباشر في تأجيجها وسوقها نحو الانفجار لأجل البقاء في السلطة لأطول فترة ممكنة وفق تعبيرهم.

وبينما ترفض الحكومة تلك الاتهامات التي تعتبرها مغرضة، فإن ما يثيره المناوئون لها ربما أقنع الجميع بأن الحكومة وإن لم تكن كلها تسعى للبقاء دون النظر إلى بعض السياسات الخاطئة التي تنفذها. 

وكان الرئيس عمر البشير قد طلب من القوى السياسية المعارضة الجلوس حول طاولة للحوار لأجل مستقبل البلاد ووضع حد لأزماتها المتلاحقة الأمر الذي اعتبرته قوى المعارضة مناورة لإطالة بقاء النظام في السلطة.

حافة الهاوية غير أن الكاتب والمحلل السياسي محجوب محمد صالح اعتبر أن الحكومة ظلت تنتهج سياسة الوقوف على حافة الهاوية، وتعتبر أن التراجع عنها لا يتم إلا عبرها.

وقال إن مكمن الخطورة في سياسة الحكومة في ألا تتمكن من التراجع عن السقوط في الهاوية، مشيرا إلى تزايد الأزمات السودان بصورة غير مبررة مما يؤكد رغبة الحكومة في ذلك.

وأضاف أن ما يتم من خلق للأزمات يشكل صورة غير طبيعية توصل القضايا المطروحة إلى ما بعد حدود المعقول “رغم أن السودان أصبح لا يتحمل مزيدا من الأزمات التي تتوزع من انفصال الجنوب إلى أزمة دارفور، وخارج الحدود مع المحكمة الجنائية الدولية والمجتمع الدولي بشكل عام.

وذكر في تعليق للجزيرة نت أن سياسة حافة الهاوية “تلجأ لها بعض الأنظمة التي ليست لها مشاكل مثل مشكلات السودان” لأن في مثل حالة السودان يصبح احتمال السقوط في الهاوية أكبر من احتمال التراجع عنها.

إنتاج أزمات من جانبه أشار أستاذ العلوم السياسية بجامعة أم درمان الإسلامية صلاح الدومة إلى ما أسماه تخصص الحكومة في إعادة إنتاج الأزمات “رغم أن هذه الطريقة هي من أساليب المستعمر مع الشعوب المستعمرة وليس من حكومة وطنية ضد شعبها كما يحدث في السودان” وفق قوله.

وقال للجزيرة نت إن التاريخ أثبت أن الأنظمة الشمولية عادة ما تعمل على خلق الأزمات ومزيد من الأزمات للبقاء أطول فترة ممكنة في سدة الحكم، مشيرا إلى توالي الأزمات المفتعلة.

أما أستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم محمد نوري الأمين فأكد ما أسماه نظرية الأمر الواقع التي ينتهجها نظام الحكم، مشيرا إلى أن ذلك ربما يكون سمة من سمات الأنظمة الشمولية أو أنظمة الحزب الواحد.

وذكر في حديث للجزيرة نت أن خلق أزمات متحركة يراه المسؤولون في تلك الأنظمة طريقة لطول بقائهم بالسلطة “في حين أن السودان بحاجة إلى من يوقف الأزمات وليس من يصنعها أو يعيد إنتاجها كما يحدث حاليا”.