أمينة الفضل

في الحضرة السمانية

[ALIGN=CENTER]في الحضرة السمانية[/ALIGN] المكان أنيق، الإضاءة باهرة وحركة سريعة هنا وهناك وزي موحد وشاشات التلفزة في كل مكان وإستعداد من الجميع وإستقبال حافل للضيوف ورسبشن على الطراز الإنجليزي وأحاديث جانبية وإعجاب من الجميع بهذا الشاب العالم النشط الذي يتحدث الإنجليزية بطلاقة مرحباً بضيوفه في معلم من معالم السودان الحضارية والذي أحدث ثورة غيرت المفاهيم الشائعة عن التصوف والمتصوفين،الحركة الدؤوبة والإهتمام الواضح بالمحتفى به اكد لي أن التصوف خطى خطوات متسارعة نحو العالمية وترسيخ مفهوم الإنسانية الواسعة بعيداً عن المفهوم الضيق للدين وللتصوف الذي يحصره البعض في مظاهر فقط دون الولوج لعمقه الذي يؤكد عظمة الدين الإسلامي البسيط والذي يتعامل مع الناس، كل الناس بالتي هي أحسن دون محاباة او تقريب هذا وعزل ذاك ، والتصوف إخاء وتراحم ويجمع أهل الطريقة الواحدة حب وتقدير ومودة بين بعضهم البعض ويتعاملون كأسرة واحدة بلا فوارق او قيود ضيقة، بهذا المعنى تحول مفهوم التصوف عما كان عليه إذ لم تكن معرفة الناس بالتصوف وحتى وقت قريب سوى أنه لبس مرقع او شعر مجدول وشيخ يجلس على سجادة صوف يرفع الفاتحة للمريدين ودراويش يرتدون المرقع يحيطون بشيخهم، وهذا ما جعل معرفة الناس قاصرة على بعض مظاهر التصوف وليس جوهره، فالتصوف علم واسع لا يستطيع الإبحار فيه الا من علم أسراره جيداً وتربى على منهجه الصحيح، أصبح شيوخ المتصوفة الآن من العلماء في عدة مجالات وخرجوا بالتصوف من المحلية للعالمية عبر منهج الوسطية ليتعرف العالم الآخر على الدين الإسلامي الصحيح بعيداً عن التقوقع الذي يحصر الدين في المظهر وعن وصمة الإرهاب والإرهابيين التي وصم بها الغرب المسلمين.
وقد كانت الطريقة السمانية سباقة الى الأخذ بالمنهجية العالمية عبر التواصل مع الآخر في المؤتمرات العالمية داخل وخارج السودان ابتداءاً من المؤتمر العالمي حول الوسطية ودور المرأة في مجتمع متغير والذي دُعيت له عالمات من مختلف دول العالم شكلن حضوراً مميزاً بالبلاد ، ثم مؤتمر عن السودان كأمة وسط وقد صاحبت هذه المؤتمرات أنشطة مصاحبة ومختلفة في عدد من جامعات البلاد مثل جامعة الجزيرة والأحفاد وافريقيا العالمية وأُقيمت إجتماعات موائد مستديرة بمسجد الشيخ قريب الله والسفارة البريطانية ممثلة في سفيرتها الدكتورة روزالند التي تجمعها علاقة متميزة بالشعب السوداني وبالطريقة السمانية بصفة خاصة وضحت في التعاون المستمر بين السفارة البريطانية والمركز البريطاني ومنظمة راديكال ميدل وي ومنظمة الإحسان بالطريقة السمانية من خلال الأنشطة المشتركة والمستمرة بين هذه الأجسام المختلفة، والتي لم تنحصر في المؤتمرات والإجتماعات بل حتى الزيارات لمختلف مناطق السودان في النيل الأزرق والجزيرة وكردفان، هذا الإهتمام كان له الأثر الواضح في نجاح كل البرامج المشتركة، ولعل العلاقة المتميزة بين السفارة البريطانية والطريقة السمانية هي التي جعلت الطريقة السمانية ممثلة في شيخها العالم محمد الشيخ حسن الشيخ الفاتح قريب الله يقيم حفل وداع للسفيرة البريطانية قبل رحيلها عن البلاد تقديراً لمجهوداتها التي بذلتها ابان فترة عملها، دُعي للحفل كبار المسؤولين بالدولة والسفراء وأعضاء السفارة البريطانية ومنظمات المجتمع المدني وبعض الشخصيات القومية مثل المشير عبدالرحمن سوار الذهب وشخصيات غقتصادية كهاشم هجو، وكثيرون غيرهم الذين شكلوا سوداناً مصغراً في تلك الدار السمانية التي شكلت معلماً حضارياً مميزاً، كنت حضوراً في هذه الليلة المعطرة بندى الأذكار وعبق البخور الطيب يضمخ المكان فإنتقلنا عبر هذه السيمفونية المتداخلة بين الصوفية والدبلوماسية الى رحاب أسمى من التواصل الإنساني الذي جمع الشرق والغرب معاً على سجادة السادة السمانية، فوصلت الطريقة بإسلوبها الجاذب للعالمية نشراً للدين عبر لغات العالم المختلفة مصداقاً لقول الرسول (ص) (من تعلم لغة قوم أمِن مكرهم) واللغة هي التي تقربنا من الآخر ليعرف ان الإسلام دين للتسامح والمحبة والعدل والرحمة وليس هو دين خوف وإرهاب او قتال الا اذا اقتضى الحال، الشيخ محمدابن البروفيسور العالم الشيخ حسن الفاتح قريب الله لعله ارسى فهماً متقدماً للتصوف ينبني على التواضع مع العلم والثقافة والمعرفة الواسعة باللغات والأديان وعلوم الحياة ينبغي ان يأخذ به الجميع…
مرايا أخيرة:
ليت شبابنا يقتدون بامثال الشيخ محمد قريب الله في العلم والتواضع ويتركون الجري خلف الموضة والتهاويم الغريبة والأفلام والأغاني التي لانفع فيها ولا ثمرة، حافظوا على شبابكم بالتقوى .

مرايا
أمينة الفضل
aminafadol@gmail.com

شاهد أيضاً
إغلاق