عبد الواحد محمد نور .. الاصطياد في النيل الأزرق

كما هو معلوم، فليست هذه المرة الأولى التي يتم فيها تناقل أنباء عن زيارة عبد الواحد محمد نور إلى مدينة جوبا حتى قبل أن تدير ظهرها للشمال وتصبح حاضرة دولة أخرى. فالأنباء عن زياراته إلى الجنوب تردد أكثر من مرة دون أن يعرف أحد على وجه الدقة متى تم ذلك فعلاً، غير أن ما يجعل زيارته التي إنتشر خبرها على نحوٍ واسع في الخرطوم يوم الاثنين الماضي، قابلة للتصديق هذه المرة رغم سياج التعتيم الذي يفرض حولها، هو توقيت الزيارة وأجندتها كذلك. فهى تأتي بعد إشتعال الأوضاع في النيل الأزرق وجنوب كردفان، وبعد نحو شهر تقريباً من وثيقة كاودا التي يقال إن حبرها جاء من جوبا ليكتب سطوراً جديدة في محاولات حاملى السلاح المعطوبة لإسقاط النظام. فعبد الواحد محمد نور ربما هدف لإستغلال الأوضاع المتفجرة في جنوب كردفان والنيل الأزرق وذلك بالخروج بما يلزم من دعم لتسخين الأوضاع بجبهة دارفور بهدف تشتيت جهود الخرطوم في جبهات عديدة بصورة تقلل من وقع ضرباتها الباطشة بحلفاء حكومة الجنوب بجنوب كردفان والنيل الأزرق. فتوقيت الزيارة، زيارة عبد الواحد إلى جوبا في هذه الأيام، ربما كان الأنسب له إن كان الهدف هو الحصول على دعم جوبا لمعارك جديدة بدارفور تعيد عبد الواحد الذي خرج من دائرة الفعل السياسي هناك مرة أخرى إلى واجهة الأحداث.
[B]لقاء كاودا[/B] من المعلوم بالضرورة إن زيارة عبد الواحد محمد نور إلى جوبا – إن تمت- تجىء بعد لقاء كاودا الذي ضم في الشهر الماضي حركة تحرير السودان التي يقودها عبد الواحد والحركة الشعبية قطاع الشمال ومنى أركو مناوى وآخرون ناقمين على المركز إتفقوا جميعاً على العمل من أجل إسقاط النظام.المؤتمر الوطني، وعلى لسان بروفيسر إبراهيم غندور الناطق الرسمي باسمه وأمين الإعلام في الحزب، وصف تحالف كاودا الذي طالب بحكومة انتقالية لست سنوات وانتخابات جديدة، بالتوجه الخطير. ودعا عقار للتبرؤ منه إلا أن عقار، وبدل من أن يفعل، رفع سلاحه هو الآخر في وجه الحكومة وإنضم للمطالبين في كاودا بإسقاط النظام رغم أنه لا يملك القدرة على تغيير الأوضاع حتى في ولاية النيل الأزرق حسبما تشير الانباء القادمة من الدمازين.
إسقاط النظام الذي تم الإتفاق حوله ليس عبر صناديق الإقتراع بالطبع، بل بصناديق الذخيرة، فجميع من إتفقوا كانوا يرفعون السلاح في وجه الدولة وإن كان بأيدٍ مرتجفة أحياناً، فعبد الواحد مثلاً لم يعد يردد أسطوانته القديمة المعبأة بالتعويضات ونزع سلاح الجنجويد والإقليم الواحد لدارفور وغير ذلك من المطالب التي يريد حسمها عبر الإعلام في الهواء الطلق من غير الجلوس على مائدة التفاوض، بل أصبح كعقار والحلو وآخرين يتحدثون عن تغيير بنية الحكم في المركز وقضايا كلية أخرى، يتم إثارتها بين الحين والآخر من أجل إكتساب بعض التعاطف من مناصريهم الذين وجدوا أنفسهم فجأة في حرب عبثية لا يعرف أحد حتى الآن على وجه الدقة متى يتم وضع (بيرقها). [B]شكوك حول جوبا [/B] ما يجعل من جوبا بالذات مكاناً مريباً لزيارة عبد الواحد محمد نور في هذه الأيام، هو أنها لا تقف على الحياد في الصراع بين الدولة ومن تمردوا عليها، على الأقل كما تقول الحكومة. وبالتالي فإن الزيارة تصب في إتجاه صب المزيد من الزيت على النار المشتعلة أصلاً في جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور بصورة أقل.
فمن يرفعون السلاح في وجه الخرطوم، هم أصدقاء جوبا وحلفاؤها الذين كانوا حتى الأمس القريب جزءاً من مؤسساتها السياسية والعسكرية كما في حالة مالك عقار وعبد العزيز الحلو. بل لا يزالون جزءاً من مؤسساتها العسكرية حيث أكد اللواء دانيال كودي في حوار مع (الرأى العام) أن الحلو مازال قائداً عسكرياً تحت إمرة سلفا كير ميارديت، وزاد أن الحرب ستتوقف هناك إن أصدر سلفا كير أوامره للحلو بذلك.
في ذلك الحوار، قال كودي إن الإنفصال السياسي بين الحركة الشعبية في الشمال والجنوب قد تم أما الإنفصال العسكري فلم يحدث بعد لأن ذلك بحاجة لترتيبات أمنية جديدة.. صحيح أن كودي لم يقل أن بإمكان سلفاكير أن يوقف الحرب في النيل الأزرق إن أصدر أوامره لمالك عقار بإيقافها لأنها لم تندلع أصلاً في ذلك الوقت، ولكن ما قاله في هذا الشأن عن الحلو ينطبق بالضرورة على عقار فكلاهما فريق تحت لواء الجيش الشعبي بقيادة سلفاكير بينما لعبد الواحد محمد نور علاقة أخرى مع الحركة. [B]علاقة قديمة[/B] العلاقة بين عبد الواحد محمد نور، أو بالأحرى حركته والحركة الشعبية ليست جديدة، فالصلات بين الحركتين كانت على حياة الدكتور جون قرنق، أشبه ما تكون بعلاقة الأبوة، لدرجة وصلت الى اختيار الاسم الذي كان ابتداء (حركة تحرير دارفور)، تم أصبح باقتراح من قرنق (حركة تحرير السودان).
لكن العسل بين الحركتين، لم يدم طويلاً، فما أن مات قرنق، حتى إنكسرت جرته، ففي حوار أجراه الزميل عبدالفتاح عرمان – سبق أن أشرت إليه- قال عبدالواحد: (بصريح العبارة في حياة الدكتور قرنق عاملتنا الحركة الشعبية معاملة جيدة جداً وهائلة. واعتقد ان رؤية السودان الجديد والتغيير كانت تتمثل في شخصه، ولكن بعد رحيله هناك بعض الأشخاص صنعوا حاجزاً بيننا وبين سلفا كير).
واستحال ذلك العسل الذي لم يدم طويلاً، الى شيء شبيه بالمرارة في حلق عبدالواحد وهو يقول في الحوار ذاته: ( بعد وفاة جون قرنق، الحركة أصبحت مشغولة بشؤونها الخاصة، ونحن لا نلومهم، ولكن المشكلة أنها جمعت أحمد عبدالشافع وغيره واعترفت بهم وصنعت منهم أجساماً، وهذه الخطوة بالنسبة لي كانت صدمة كبيرة). لكن صدمة عبد الواحد من سلفا كير زالت نوعًا ما، بعد أن ألتقى به على نحوٍ مفاجئ في خواتيم جولة قام بها الآخير إلى أوروبا مطلع العام الماضي، حيث بث ذلك اللقاء شيئاً من الدفء السياسي بين الحركة الشعبية لتحرير السودان، وما تبقى من حركة تحرير السودان برئاسة عبدالواحد.. وذلك بعد فتور بائن في العلاقة بينهما. [B] زيارات سابقة[/B]
في وثائق ويكيليكس التي تعيد نشرها صحيفة السوداني هذه الأيام، إستوقفني أمس، رد عرمان على سؤال من القائم بالأعمال الأمريكي عن تقييم الجهود الرامية لأشراك عبد الواحد في مفاوضات سلام دارفور، قال (إن عبد الواحد صعب ولا يمكن الوثوق به)، وأضاف عرمان أنه اجتهد في ترتيب اجتماع لعبد الواحد بسلفا كير وقد وافق عبد الواحد عشرين مرة على الزمان والمكان ثم قام في المرات العشرين بإلغاء المواعيد.
ثمة وعد بدا على وشك وضعه في حيز التنفيذ من عبد الواحد محمد نور بزيارة جوبا كان قد قطعه في فرنسا إلى سلفا كير مطلع العام الماضي، ولكنه لم يشأ أن يترك عادته القديمة ويفى بوعده ويجىء لدفع مبادرة سلفا كير الرامية وقتها لجمع كل حركات دارفور وتكوين رؤية موحدة في التفاوض من أجل تحقيق السلام في دارفور وظل يتنقل بين كمبالا ونيروبي وباريس وعواصم أوروبية أخرى.
وأشار برقو، الى أن الحركة حاولت في وقت سابق سحب كل فصائل دارفور الى جوبا بعد توقيع إتفاقية أبوجا، واستفادت من الظروف التي كانت تعيشها تلك الحركات دون أن توحدها أو تعمل شيئاً يصب في مصلحة قضية دارفور، ومضى الى أكثر من ذلك عندما نوه الى أن الحركة تبتز بقضية دارفور لتقوية مواقفها. وما قاله برقو قبل نحو عام تقريباً هو ذات ما ردده بعض المحللين أمس الأول عند مطالعتهم لخبر زيارة عبد الواحد إلى جوبا.
ومهما يكن من أمر، فإن زيارة عبد الواحد محمد نور هذه الأيام إلى جوبا المتهمة من الخرطوم بدعم تمرد النيل الأزرق، تجىء محاولة منه للإصطياد في مياه النيل الأزرق العكرة، وفي حال دفعت جوبا بـ (سنارتها) لعبد الواحد للنيل من الخرطوم عبر النيل الأزرق، فإن للخرطوم كذلك (سنارات) أخرى ستلحق الأذى بحكومة الجنوب التي لا تحتاج مياهها السياسية إلى طُعم إن رمتها إلى من ينتظرونها من الناقمين على جوبا من قادة المليشيات في الجنوب، فإن لم تكن لجوبا أو حتى الخرطوم قدرة على إفادة بعضهما البعض، فلهما على الأقل قدرات فوق المعدل على إلحاق الأذى ببعضهما، أذىً سيدخل منه الكثير مع زيارة عبد الواحد التي يُشتم منها رائحة البارود.
[/JUSTIFY][/SIZE]
صحيفة الرأي العام







كان من الأجدر بحكومة جنوب السودان أن تكون أكبر شريك لحكومة السودان لأنها منحتها أختيار الأنفصال وساندتها ووقفت معها حتى آخر يوم تم فيه الأنفصال . وبالتالى كان من المفروض ان ترفض حكومة الجنوب اىمعارض لحكومة الشمال وان تدافع عنها بقوة فى داخل وخارج السودان وان تزداد ثقتها بحكومة السودان وتعتبرها الداعم والسند الأساسى لأستقرار الحكومة فى الجنوب . وكان من المفروض ان تعمل تمثالا للبشير وسط مدينة جوبا وبجوار ضريح الراحل قرنق ويكون مثل الجنوبيين الأعلى عمر البشير ولكن اصبح لا أمل منهم ورضخوا للشيطان الأكبر وصاروا فى عداء شديد وشديد جدا جدا مع حكومة السودان وهذا يدل على انهم ليس اصحاب عهد وثقة . وكان من المفروض ان يطلب الرئيس سلفاكير التوسط بين الحكومة السودانية وحركات كردفان والنيل الأزرق حتى يكون اخلص لوقوفهم معه اثناء حرب التمرد ويكون ارجع لهم جميلا وجعل لهم الأستقرار فى وطنهم السودان الأم . ولكن يا للأسف سلفاكير ومن معهم لم يحفظواالود والعهد لحكومة السودان بل من اول وهلة الأنفصال جروا وراء العداء ومسايرة عقار والحلو وعرمان ويسعون للأطاحة بالحكومة السودانية . والمثل بقول البيتو من قزاز ما اجدع بالحجارة . عد الى عقلك وراجع حساباتك ولا تطع الحاقدين والمتآمرين يا سلفاكير من الجيش الشعبى وطهر حكومتك من الحولك اولا وفكر فى مستقبل بلدك الجديد واستقرار وطنك الأم السودان الكبير . وكم حزنا لفراقكم والأنفصال ولكن هذا خيار أخواننا الأعزاء بالجنوب ولكن بعد كل هذا يجب ان نحافظ على سوداننا الشمالى والجنوبى ولا نجعل الشيطان يفرقنا أكثر . وان يستفيد الشمال من الخبرات الجنوبية ويستفيد الجنوب من الخبرات الشمالية ونكون كما كنا ولكن فى دولتين يجمعهما الماضى العريق. والله المستعان