تحقيقات وتقارير

تسريبات موقع ويكيلكس عن السودان

[JUSTIFY]أبلغ الوليد العتباني الاختصاصي الكبير بالقطاع المالي بالبنك الدولي «بول إيكون أوفس» لدى أحد اجتماعات المنبر الاقتصادي للمانحين يوم 21 فبراير 2010م أن التكلفة العالية لقروض السودان والاعتماد المفرط على الإقراض القائم على الضمانات قد أعاق النمو الاستثماري. أضف إلى ذلك أن الفساد والقروض غير المستثمرة وعدم الإجراءات اللائحية التنظيمية للنظام المالي وغياب دوائر الائتمان الرسمية أو نظم تسديد الديون كالإفلاس من شأنها أن تعوق النظام المالي أيضاً. كما لم ينجح نظام التمويل الأصغر الذي اعتمدته الحكومة ويعزى عدم نجاحه?جزئياً إلى تجاوزات معدل الفائدة.
وذكر الوليد العتباني أمام علماء الاقتصاد بالبلدان المانحة والمسؤولين الاقتصاديين الذين تنادوا للاجتماع للمنبر الاقتصادي الشهري للمانحين، إن الـ800 شركة سودانية العاملة في قطاع التصنيع والخدمات تواجه مشاكل مالية بسبب التكلفة العالية للقروض إذ المطلوب من الأعمال التجارية أن تضع نسبة 125 في المائة من قيمة القروض باعتبارها ضمانة لضمان التمويل للعمليات الاستثمارية. ووفقاً للعتباني فإن تكلفة التمويل التي تعتبر الأعلى لهي من بين دواعي القلق الرئيسة للمشاريع صغيرة الحجم ومتوسطة الحجم للمستثمرين الذين يريدون أن يست?مروا في الخرطوم. ومع انتشار الإقراض القائم على الضمانات لجأت الشركات إلى التمويل عبر القطاع الخاص ولكن العتباني قال إن هذا اللجوء أبطأ من سير النمو في كل القطاعات في النهاية. والعائق الآخر لضمان القروض هو الفجوة الواسعة في معدلات الإقراض بين الاقتراض الحكومي (نسبة 16ــ 18 في المائة) ومعدلات المشاريع الخاصة (200 في المائة). وأضاف العتباني إن القطاع المالي كان يعمل دون المستوى من عام 1998م إلى عام 2008م. لقد كانت القروض غير المستثمرة هي السبب الرئيس للأداء الضعيف للقطاع المالي.
واختتم العتباني إنه وقبل كل شيء يجب على الخرطوم أن تحسن من طريقة حصولها على التمويل وتعزز مؤسساتها المالية بإنشاء دائرة ائتمان رسمية وتعزز جمع المعلومات الإحصائية وتمنح حوافز للمُقرضين الذي يرغبون في تحمل المخاطر وتعمل على تطوير البنى التحتية لأن وسائل النقل الضعيف تعوق تواكب العرض والطلب.
كما دعا إلى معالجة القروض غير المستثمرة: تشكل القروض غير المستثمرة عقبة أخرى أمام نظامٍ ماليٍّ فعال بصورة كاملة، فقد قال العتباني إن القروض غير المستثمرة تحتاج إلى «عملية إنقاذ» لكي يتم فصل البنوك الناجحة من البنوك الفاشلة وخلق ظروف تسمح بإعادة الإنعاش أو إلغاء القروض المعسرة.، فالقروض غير المستثمرة تحتاج إلى تخفيض عبر برنامج إعادة هيكلة لتحرير رأس المال المصرفي لإقراضٍ جديد. وأضاف العتباني قائلاً: إن الحكومة ابتدرت برنامجاً لمعالجة مشكلة القرض غير المستثمر، وقال إن جزءاً الخطة هو تشجيع الإقراض الموجَّه وت?ويع المنتجات المالية التي تساعد المشاريع صغيرة الحجم ومتوسطة الحجم على استيعاب الضمان المطلوب لضمان القروض.
الإطار اللائحي المطلوب للقطاع المالي:
ورأى العتباني أن غياب المؤسسات والنظم القانونية لإصلاح الدائنين كقوانين الإفلاس يقف عائقاً أمام أداء استثمار الخرطوم أيضاً، فالسودان ليس لديه حالياً مكاتب معلومات ديون أو سياسات/ شروط من شأنها أن تعطي الدائنين المعلومات التي يحتاجون إليها للإقراض. وبذات الأهمية قال العتباني إن الحكومة في حاجة لمراجعة الإطار اللائحي المالي كاستحداث هيئة لأسواق المال مثلاً، وأفاد إن السودان لديه هيكل مالي فريد طالما أن القيِّم على تنظيمه هو بنك السودان المركزي الذي يتربع أيضاً على إدارة سوق الأوراق المالية السودانية. وهذا ال?مر يخلق صراع مصلحة للحكومة وبالتالي اقترح العتباني وجوب أن تقوم الحكومة بإجراء ترتيب مؤسسي لتنظيم السوق. وقال إن على الحكومة أيضاً أن تعمل على توسيع الخدمات المالية غير المصرفية مثل الإيجار التي تحدُّ من طلب الضمان وتسمح للشركات بالحصول على موارد الاستثمار كالأدوات والإمدادات.
وأضاف العتباني إن الفساد أيضاً يلعب دوراً في المشاكل التي تواجه القطاع المالي لا سيما في تقييم العقارات التي كثيراً ما تقيَّم بثلاثة أو أربعة أضعاف قيمتها الصافية في السوق.
برنامج التمويل الأصغر في حاجة إلى إعادة صياغة:
ما يضاف إلى ويلات القطاع المالي السوداني كما يرى عتباني هو برنامج الحكومة المتعلق بقروض التمويل الأصغر ذات النظام الصارم (لاحظ: يُعرَّف التمويل الأصغر بأنه وسيلة لتقديم الديون ــ التي تكون كالعادة في شكل قروض صغيرة بدون ضمان ــ إلى المقترضين غير التقليديين مثل الفقراء في المناطق الريفية أو المتخلفة)، فالحكومة توجِّه البنوك بتجنيب حصة من رساميلها لصالح التمويل الأصغر وتطلب من هذه البنوك أن تضع معدلات الفائدة بنسبة عشرة في المائة لهذه القروض. وقال العتباني إن البنك الدولي يقدر أن نسبة ما بين 24ــ 26 في المائ? تعتبر مربحة، إذن فإن سياسة الحكومة تعتبر معيقة لتنمية قروض التمويل الأصغر. إن قطاع قروض التمويل الأصغر الخاص سيترك القروض في معدلات السوق دون تغطية، ويقول العتباني إن الحكومة تدرك الآن أن البرنامج لم ينجح وهي تدرس كيفية تغيير النظام.
طلب الخدمات المالية تحت الدراسة:
وقال برنامج الأمم التحدة للتنمية في تقرير له إنه يعكف حالياً على دراسة قطاع مالي في مجال الصيرفة والتمويل الأصغر وينظر على وجه الخصوص في تقديم الخدمات المصرفية على مستوى الدولة وفي القدرات المصرفية على المستوى الفرعي في شرق السودان. ووفقاً لإفادة أحد ممثلي برنامج الأمم المتحدة للتنمية فإن نتائج تحقيقهم الأولية كشفت أن لوائح الحكومة تسبب خسائر كبيرة داخل القطاع. ويتعاون البنك الدولي والمملكة المتحدة مع منظمة «فين مارك ترست» غير الحكومية على الشروع في إجراء استطلاع عن تصورات مستهلك الخدمات المالية وعن الطريق? التي يتحصلون بها على دخلهم وينظمون بها حياتهم. وقال العتباني إن الدراسة ستعكس أنواع الخدمات المالية المطلوبة والاتجاهات الناجمة التي تعمل مرشداً للمؤسسات المالية والقطاع الخاص. وذكر العتباني إن البنك الدولي ووزارة التنمية الدولية بالمملكة المتحدة يجريان دراسة منفصلة للنظر إلى القطاع المالي السوداني من جانب الطلب باستخدام استطلاعات في الشوارع. إضافة إلى ذلك فقد أصدر البنك الدولي «مفكرة اقتصادية قطرية» وهي الآن في مرحلة الإجازة. وسيتم نشر «دراسة قطاع مالي» لاحقا وهي دراسة من شأنها أن تدمج المشاريع صغيرة الح?م ومتوسطة الحجم والإيجار والتأمين. وستغطي هذه الدراسة التنوع والإنتاج والإنتاجية للمؤسسات والأسواق وجنوب السودان ودارفور والاختلافات الإقليمية.
السودان في أدنى سلم
التمويل والخدمات المصرفية:
مثل يولي مانز مرشح شهادة الدكتوراة في معهد أمستردام للتنمية العواصمية والدولية «موقف الخرطوم في شبكة المدينة الدولية» إذ حدد بحثه الخرطوم في أدنى سلم التصنيفات الدولية في قطاعي الإعلان والمحاسبة، ويعكس البحث إضافة إلى ذلك أن الخرطوم تأتي في المرتبة رقم 459 من مجموع 480 قطراً في القطاع المالي وذلك وفقاً لإحصاءات استطلاع مانز. كما تأتي الخرطوم في المرتبة رقم 380 بأخذ قطاع الخدمات والاقطاع المالي مع بعضهما، وأشار مان إلى أنه إذا أضفنا جنوب السودان فإن الأرقام ستنخفض إلى حدٍّ كبير.
وأبلغ مانز المجموعة بأن الشركات القانونية والمطاعم ووكالات السفر وشركات التأمين وإعادة التأمين واستديوهات التصوير الفوتوغرافي تعتبر من بين أعلى عشرة أنواع من الشركات التي تعمل حالياً في الخرطوم. ووفقاً لإفادة الباحثين فإن السياحة، (تكنولوجيا المعلومات والاتصال)/ الاتصالات الهاتفية، النقل والأعمال التخطيطية «اللوجستيات» تعتبر من أنواع الشركات التي من المرجح أن تتوسع في المستقبل نسبة ــ كما يقول مان ــ لتدفق رجال الأعمال إلى الخرطوم. وتعمل الحكومة حالياً على ترقية ثلاثة قطاعات هي السياحة والتمويل والاتصالا? الهاتفية لتوسيعها.
تعليق:
إن إمكان السودان للنمو الاقتصادي تعوقه بصورة واضحة سياساته المصرفية غير المجدية وافتقاره للبنى التحتية المالية القوية وللعقوبات الاقتصادية الأمريكية والدولية. وعلى أية حال فإن مشكلة السودان الأشد ضغطاً ليست هي تعزيز النظام المصرفي ولكن مشكلته هي خلق نظام مصرفي يعمل لكل البلاد بعد عام 2011م. ويعمل صندوق النقد الدولي حالياً على إعداد دراسة للنظام المصرفي السوداني يتكون من نظامين (إسلامي/ تجاري) وبنك مركزي واحد. وسينظر صندوق النقد الدولي في الكيفية التي يمكن أن تنجح بها آلية مصرفية مؤسسة في المستقبل. وقد رحب?المانحون بالتقييمات التي رعاها البنك الدولي وبرنامج الأمم المتحدة للتنمية، ولا شك أن الولايات المتحدة ستدعى للموارد المالية للمساعدة على دفع المال للمشروعات
[/JUSTIFY]

صحيفة الصحافة