تحقيقات وتقارير

سرقة الآثار.. معلومات خطيرة :آثار سودانية.. تُعرض بحوانيت لندن!!

[ALIGN=JUSTIFY]كل العالم.. حتى الدول التي تحتفظ بآثار حضارات غيرها.. تدفع بسخاء للحفاظ عليها وتستحدث طرق التأمين وتوعية الذين يتعاملون معها وبها عن أهمية الآثار.. ودورها في تنمية الاقتصاد.. والسودان من البلدان التي حباها الله بحضارات جذورها ضاربة في أعماق التاريخ، وعلى أراضيها مئات المواقع الأثرية ويمكنها ان تكون البقرة الحلوب التي تدر على خزينة الدولة ملايين الدولارات.. ولكن..!! تتعرض مواقعنا الأثرية – واقتصادياً والأهم- تاريخنا الى سطو مخطط ومنظم.. ليس فقط بهدف الكسب المادي «بل» لإفراغ السودان ومحو تاريخه. «الرأي العام» فتحت ملف سرقة الآثار.. وتحصلت على معلومات في غاية الخطورة.. تستدعي السرعة في إفشال المخطط الذي كشفته المعلومات التي تحصلنا عليها من مصادر موثوقة.
—————-

مجوهرات الملكة أماني
قبل ان نرفع الستار عن المعلومات التي تحصلنا عليها من مصادرنا.. نلقي الضوء على أشهر عملية سطو على الآثار السودانية وتفاصيل الحادث الشهير الذي قام بتخطيطه طبيب إىطالي ونفذه بدقة متناهية وتم التهريب عبر جمهورية مصر العربية.
حيث أقنع الطبيب البيطري إيطالي الجنسية، الحاكم التركي بأنه يمكن ان يستخرج له الذهب من منطقة إهرامات البجراوية، واصطحب معه «300» عامل. وظل يهدم الإهرامات بحثاً حتى عن كنوزها «كما يسرد الراوي» وصل الهرم السادس حيث وجد فيه صندوقاً به مجوهرات تخص الملكة «أماني شخيتو».. وبعد عثوره على المجوهرات صرف العمال بحجة أن اليوم عيد ميلاد زوجته وهرب على متن قارب عادي عبر النيل الى مصر ولم يتم القبض عليه.. فصول الرواية التي سردها باحث الآثار السودانية توضح مدى إهمال سلطات الدولة «الأتراك» حينئذ وعدم حرصهم على آثار السودان بإعطاء الإذن لكل من هب ودب بالحفريات في المناطق الأثرية، وبذلك فقد السودان جزءاً كبيراً ومهماً من تاريخه، يحلظ كل من زار دولة عربية أو أوروبية ومتاحفها الوطنية مدى اهتمام الدول بتأمينها بأحدث الطرق والتكنولوجيا، وقد يتجاوز شكل تأمين المتاحف من حيث عدد الحراس والأجهزة، حراس رؤساء ومسؤولي تلك الدول- وبالمقارنة مع السودان نجد أن التأمين وقوانين الحماية قد يكون مشجعاً للسرقة اكثر من الردع لكل من تسول له نفسه بالاقتراب منها.
وفي هذا يقول الباحث الاستاذ «الهادي حسن»: متحف السودان حدث ان تعرض لجريمة سرقة كبيرة حيث سرق الجناة «50» قطعة أثرية بالإضافة الى «ذهب مروي» الذي أيضاً تم الاستيلاء عليه من داخل المتحف، ويقول إن تلك الجريمة خطط لها مسؤولون وقام بتنفيذها أحد الحرس وتم القبض عليه والافراج عنه بضمانة مالية.. إلا أنه هرب قبل محاكمته الى جهة غير معلومة حتى الآن حسب علمي.

العقوبات والقوانين
لم تكن العقوبات التي طالت الجناة في جرائم سرقة الآثار مقنعة، حيث صدر الحكم على سارق تمثال جنائزي في العام 2002م بالسجن «شهرين».. وفي العام 2003 صدر الحكم على سارق تمثال تهراقا بـ«6» أشهر مع وقف التنفيذ.. وفي العام 2004م تم إدانة المتهم الأول في جريمة سرقة تمثال أسداماك بالغرامة «250» جنيهاً بالجديد والسجن «6 أشهر» مع وقف التنفيذ.. وفي نفس العام صدر الحكم على سارق تمثال «سنكما نسكن» بالغرامة «300» جنيه.. كما تعرض المتحف لحادث سرقة وصدر الحكم على الجناة الثلاثة بالسجن«سنتين» لكل.
ومن الحوادث الأخيرة التي سجلت سرقة قطع أثرية في ولاية نهر النيل والولاية الشمالية بمنطقة «صاي» عبارة «7» قطع أثرية من مجموعات مختلفة بمثابة ناقوس خطر على ثرواتنا القومية والتاريخية وحسب مصادر تورطت في هذه الجريمة رعايا من دول عربية اتخذت وادي حلفا مقراً لها ونفذت جريمتها ولكن يقظة أجهزتها الأمنية حالت دون تهريب المجموعات الأثرية النادرة الى الخارج.
ولمعرفة رأي هيئة الآثار ومدى قوة القوانين وما تمثلها من حماية وصون تاريخ السودان التقينا بـ«إنعام عبدالرحمن مجذوب» ضابط آثار التي تحدثت قائلة: «في العام 1952 وضع أول قانون للآثار ينص على تعريفها واعتبار الهيئة الجهة المنوط بها حماية الآثار- وتنقيبها- وتم تعديل هذا القانون في العام 1999م.. ولكن قانون 1999م غير مُفعّل وهذه من الإشكاليات التي تؤثر على الآثار في السودان، وأضافت بأن ما يروجه البعض عن وجود أجانب متهمين بسرقة الآثار كلام مغلوط- وللأسف ان معظم المتهمين في حوادث الآثار مواطنون سودانيون.. ويقوم بعض المواطنين بحفر المواقع بغرض الحصول على الذهب والمعادن النفيسة.. ولكن الأمن الاقتصادي أحبط كل المحاولات.. واستطردت بقولها: إن معظم مواقع الآثار في السودان تحتاج الى حماية ولكن الهيئة لوحدها لا تستطيع توفير معينات الحماية.

آثار سودانية بالخارج
أشارت مصادر بأن سلطات البوليس البريطاني تمكنت من ضبط آثار سودانية مسروقة من المتحف القومي ويتم عرضها بحوانيت الآثار بالعاصمة البريطانية «لندن» وقامت بتسليم أثرين على قيمة تاريخية عالية للسفارة السودانية وهو عبارة عن أجزاء من جسمين ضخمين لرموز في حضارة كوش السودانية يتعدى وزنهما «50» كيلوجراماً وتصل قيمتهما الى اكثر من ربع مليون جنيه استرليني بأكثر التقديرات تواضعاً، وأشارت ذات المصادر أن هناك مجموعة اخرى من الآثار السودانية التي وصلت الى محلات عرض تجاري بـ«لندن» وهي عبارة عن «خاتم ذهب» يعود تاريخه قبل «7» آلاف سنة يخص أحد ملوك حضارة كوش ويُعرض بـ«مليون جنيه استرليني».. وأشار أحد المسؤولين بالسفارة السودانية بلندن أن هناك همساً الى وقت قريب لجهة وجود شبكة داخل متحف السودان وراء هذه العمليات، ولكن بعد إلقاء القبض على عدد من الذين وصلوا بهذه الآثار الى العاصمة البريطانية ثبت بُطلان أية صلة أو مجموعات داخل متحف السودان القومي. وعن شكل التأمين للمواقع الأثرية في السودان تحدث المقدم محمد أحمد دياب «شرطة السياحة» أن القيمة الأثرية – واعتبار سرقة الآثار سرقة حضارة وتاريخ، دفعنا لتأهيل وتدريب أفراد على أعلى مستوى في حماية تاريخ هذا البلد، نظراً لقيمته الحضارية، وقال إن التاريخ السوداني أقدم من التاريخ المصري.. والمصريون اقتبسوا فكرة الاهرامات، إلا أنهم طوروها. وكما قلت للقيمة التاريخية التي يتمتع بها آثارنا حرصنا كل الحرص على حمايتها ولدينا قوة مقدرة منذ العام 2006م تعمل على حمايتها.
وعن السرقات الأخيرة.. والقطع التي ضبطت والتي تتهرب قال: معظم هذه القطع الأثرية مزيفة والكميات التي ضُبطت قليلة.
نبيل صالح – مسرة عمر :الراي العام [/ALIGN]